بداية

رواية سيدة الحرية -2

رواية سيدة الحرية - غرام

رواية سيدة الحرية -2

(كنت اقصد"البر" فوالدتي أخبرتني بذلك بالأمس)
"إن شاء الله إذا حالة امك تسمح بنطلع كلنا "
لحظه...
ماذا قالت..؟!
أقالت امي!!
وجهت أنظاري لوالدتي التي ابتسمت مطمئنة لعيناي المتلهفتان لقراءة أي كلمة من بين توترها..
" شفيك حبيبتي؟"
"يمه شفيك..؟!"
خالتي-"لا بس السكر أتعبها هاليومين.. لا تخافين امك قويه"
اتبعتها بضحكة غريبة..!
"شـ..شفيك؟"
قلتها متجاهلة أي كلمات تصدر من غير شفتيها اللتين اهتزت منذرة بشيء لا اعرفه..!
لأول مرة أرى والدتي هكذا..!
.ـ.
.ـ.
بعد كلمات أضيفت على نفس الموضوع انتهى الحوار وصدَقت..
صدَقت فقط لأنني أريد التصديق.. ..!
أمي كل ما تبقى لي من هذه الدنيا التي لم أتعرف عليها أكثر..ولا أريد..!
فلا أتصور دوماً سوى الامور البسيطة تأخير.غياب..جوع..!!!
فلا تزال الدنيا جميلة بعيني...
.ـ.
.ـ.

عندما عدنا..

دخلت الصالة لم أجد بدر..
ذهبت للمجلس أبحث عنه فوجدته مع صديقه "عمر" يتناقشان في موضوع جاد بعض الشيء..!
"بدر أدوّرك.."
رفع عينيه لي وهو يقول-"هااه بشري.. عساك لقيتيني ؟"
قلت وانا اضحك-" لا مالقيتك..اذا شفتك خبرني"
بدر_" ابشري"
عمر-"نحن هنا"
قلت بتمثيل طفولي-"زين لقيتك.. بسألك ماشفت بدر؟"
عمر-"يا قدمك..خبري به يوم كنا بالمدرسه..ياحليله شلونه الحين"
قلت_"مادري تشوفني أدوره"
بدر-"لووعه..شفيكم سامجين..يالله رسيلووه وش تبين تشوفينا مشغولين"
"مابي شي بس ادورك..واشوف وينك وبس"
بدر-"لقيتيني؟"
"اييه"
بدر-"خلاص اطلعي برا"
قلت بعصبية_" ثقيييل دم"
وأنا خارجة سمعت عمر يقول لبدر:
"هههه حرام عليك يمكن تبغى شي واستحت ولا.........."
فقدت باقي الكلمات مع ابتعاد خطواتي للداخل...
في السابق عندما كان بدر يغضبني كنت اذهب لأمي واخبرها وهي بدورها تعاقبه...
وكان كـ أبي يواجه الغضب بالغضب...فعند إحساسه بالخطأ لايبرر خطأه بل يجعل جميع من حوله يخطئون ليبرأ نفسه..!
وتلك صفة قبيحة قد تجبرها الصفات الجميلة فيه..!
ولكن الغضب ينتهي به لذلك الألم في معدته..
لذا لم اعد اشتكي لها..
تلك الصفة...
آخر ماعرفته عن أبي..! بعد معرفتي بسبب خلافه مع عمي...فجميعهم يملكون هذه الصفة السيئة....لذا منذ زواج أبي..بترت العلاقة..
والسبب يعود لزواجه من أمي..كما اعتقد..!
عمَي...الشيء الوحيد الذي اعرفه عنه..هو اسمه...وتلك الصفة!
حسناً دعوه جانباً...
.-.
.-.
اف إن الفراغ يقتلني...إنني وحيدة لا تعرف كيف تشغل وقتها..
بدر مع صديق عمره كل منهما يملأ وقت الآخر..
أما أنا..!
فوحدي..فصديقتي دانه لايسمح لها بالذهاب لمنزلي..
والبقية لا يوافقونني بالميول والأفكار..
لكن..
ماذا لو كانت دانه حرَه ايضاً...بالطبع ستأتي اليَ..
حسناً اذاً لا أود الخوض بهذه المعركة من جديد..!
(لا توجد مشكلة الآن..سأذهب لوالدتي...
الم يقولوا لابد من الأم أن تكون صديقة ابنتها..!
إذاً أنا أقول لا بد من الفتاة أن تكون صديقة والدتها...!!
لا تركزوا معي..! كلام شخص قد غلبه الملل..!


>...أشعر بالفراغ...حتى قلبي
بدأ يشكي ذلك..!<
( 4 )
.ـ.
.ـ.
الساعة السابعة مساءً..
اليوم منذ الصباح..وأنا اجلس أمام التلفاز.. ولست مهتمة بما يعرض.. لأنني لا أجد ما يشغل وقتي..
والدتي الآن لديها ضيوف ولست مهتمة بالأمر... فهي اليوم وعلى غير العادة لم تجبرني بالسلام عليهم..!
.. ..
بعد تردد كبير تقبلت الفكرة التي راودتني منذ شهور..وأظن أن للفراغ دور في إقناعي بفكرتي..!
أولاً.. لابد من مكان هادئ..وغرفتي تفتقد للهدوء في هذا الوقت..!
إذن طالما أن بدر خارج المنزل الآن سأذهب إلى
(مجلس الرجال) فهو هادئ حتى السكون..!
أخذت معي عدة أقلام ودفاتر وكراسة رسم..وذهبت أنفذ فكرتي..
.ـ.
.ـ.
أمسكت بالقلم وكتبت "بسم الله الرحمن الرحيم"...وأخذت أزخرفها بعدة ألوان..!!!
بعد ذلك نظرت للسقف في محاولة فاشلة لجذب الكلمات...
أين موطن العبارات...! أين يجدها من يحتاج إليها..!
..

بعد نصف ساعة 

من عناء التفكير..والجهد الذهني العظيم..!
وضعت كل ما في مخيلتي الصغيرة على تلك الكراسة..
ورسمت أيضاً بعض الملامح الجميلة كجمال ما أفكر فيه..!!
قررت أن يكون اسمها..طبعاً وبلا تفكير..!
"سيَدة الحريَة"
لأن الفتاة..صورة محسنة لي.. ..!
مزقت العديد من الأوراق حتى بقيت الورقة التي اكتب بها الآن..
كانت الأوراق توشك أن تغطي المنطقة أمامي وأنا في حالة ولادة بطيئة للأفكار..!
لكن قطع عملية تجميع الأفكار تلك هو صوت الباب يفتح ببطء..
بدر-"رسيــل..!! وش تسوين.."
عمر-" افف شهالحوسه"
بمجرد استيعابي لوجود أشخاص غيري انقضضت على أوراق فجمعتها وأنا مرعوبة من موقفي..!
رفع بدر حاجبه تعجباً لتلك الأوراق وهو يقول:
"يعني نقول شاعره؟؟"
عمر بسخرية-"تكتب قصيده..واو خطير نزار قباني ههههه"
عندما ترجمت تلك الكلمات انطلقت مني الحروف صانعة
(هجوم مضاد)..!
" أولاً.. أنا ما أكتب قصيده..ثانياً.. أنا مو نزار قباني..ثالثاً.. والاهم ليش اكتب قصيدة واقعد ساعه اجمع الكلمات..وهو ما في احد يستاهل إني أكتب عشانه قصايد.."
تعجبوا مما نطقت به..فقد رأوا منحى آخر لتفكيري الصغير..!
فقال بدر متفلسفاً..وذلك لا يناسبه أبداً..!
"الشعراء مو كلهم يحبون...فيه ناس يصنعون لهم شخص في بالهم ويتخيلونه ويكتبون قصايد فيه..وهو بالطبيعه مو موجود"
يضيف عمر مؤكداً:
"صحيح اصنعي لك شخص فخيالك واكتبي..."
أضفت بتلك الجرأة:
"قلتلكم أنا ما اكتب قصيده...وبعدين أنا مو متخلفه أتخيل ناس وأتغزل فيهم..اشقالو لك..!"
جمعت الأوراق بسرعة وتوتر أريد الهروب ولكن..
بمجرد أن رأى بدر مني هذا التصرف سحب من تلك الأوراق آخر ورقه وعلامات الانتصار تعلو ملامحه ..
و"عمر" بجانبه يقرأ بدهشة!..
- ليس بيدي شيء..
- كُشفت أسراري..
- يا ترى أي ورقة الآن تقرءون..!
أفقت من أفكاري المتضاربة على أصوات ضحك قويه من كلاهما..
بدر-"ههه ياحليلك رسيلووه..قصة..ههه تكتبين قصة انتي..ههه"
عمر-"هههه اختك مو سهله ابد..عشان كذا انصحها لاتكتب مره ثانيه يعطونها عين الحساد..هههه"
بدر-"شوووف عمر..هههه..اسمها هذا ولا ويين.."
عمر-"هههه سيدة الحرية وينا في..مسجونه وحنا ماندري..هههه خلاص بطني ماتحمل ههه"
بدر-"هههههههه لا ما اقدر انا ههه اقرا تقول
(سوف يجي اليوم الذي ما أحد يتحكم فيني ...) هههههه رسيل
"سوف يجي ههههه وما أحد أو لا احد " ههه شوفي دروسك اصرف هههه"
عمر-"هههههههههه "
.. ..
- كل ذلك أمام عيني..!
- حطموا طموحي بتلك الضحكات..!
- قتلوا أفكاري بتلك الكلمات..!
- لن أدعهم أكثر يعبثون بأحلامي...
سحبت الورقة من بين يديه وجمعت أوراقي بغضب وقلت وأنا خارجة
ونظرات التعجب تلحق بي..!
- من طلب منكم تقييم أعمالي..!
"محد سألكم..مالكم شغل على الأقل أنا حاولت أحقق طموحي...مو مثلكم ماعندي إلا الضحك.."
عمر بسخرية:
"ومن قالك احنا ماعندنا طموح..طبعا وبفخر انا كابتن طيارة وبدر دكتور..بس ما.."
قاطعه:
بدر-" لحظه انتي شفيك عصبتي انتي من جد تكتبين قصة؟"
رسيل-"إيه..أكتب قصة ومحد بيقراها منكم.."
بدر بابتسامه-"أجل من بيقراها..؟"
رسيل-"اللي شجعني على إني اقضي وقت فراغي بشي مفيد.. والقصة شي مفيد.. الله يخليها لي مــامي"
عمر-"هههه اوكي وش تقصدين بالعنوان؟"
شعرت بأنني مهمة من هذا السؤال.!.
فقلت وتفكيري محدود..محدود جداً..
"إني أنا سيدة الحرية..."
عمر-"ماجبتي شي هذا العنوان"
(تورطت..!! أنا ما عرف من المعنى إلا هالجانب..ومو عارفه أوصله..)
"مالكم شغل..لا تلمحون تبون تقرونها.."
على صوت ضحكاتهم خرجت...وأنا غاضبة وإحساس بالفشل يتملكني لأصادف أمي فاخبرها بما حدث.. ..
أمي-"ماعليك منهم تراهم غيرانين منك.. انتي اكتبيها كلها وبقولك إذا حلوه ولا لا..!"
كانت تجاملني بذلك..ولكن المجاملة لا تقارن بالسخرية..
ولازلت اذكر كلماتها تلك التي لن تبرح ذاكرتي ماحييت...كما هو صوت ضحكاتهم الذي لايزال يسكن مسمعي...ويزيدني إحباطاً يتبعه إصرار..!
إذن سأكتب وأكتب..!


>>

عندما امسك بالقلم..

أغرق في بحور حبره..فلا أرى سوى روعة الحروف<<
( 5 )


مضى شهر من هذه الإجازة ونحن نستمتع كثيراً...
وإذا سألتم عن أخبار قصتي فأبشركم أنني سوف أنهيها قريباً..
ولكن هناك جملة قالها بدر وعمر أحس بها تلاحقني كلما خلوت مع قلمي...
"اصنعي شخص في خيالك واكتبي"
لكنني لا أستطيع...سأصاب بالجنون...ولكن هل سأوقف كتاباتي حتى أرى ملهم قلمي...!
هل سأراه..!
هل تعتقدون ذلك..! أم أنها كلمات استهتار من بدر وعمر..!
لا أدري...
.ـ.
.ـ.
.ـ.
إذاً..
ماذا حدث في هذا الشهر..؟؟!
لا أذكر سوى أن بدر وعمر كلّ ما رأوني سخروا مني..
فـ بدر يناديني ب
"تشارلزديكنز"
وعمر بكل استخفاف يناديني ب
"في جعبتي حكاية"..!
وضحكاتهم تتعالى في المكان...!
أعترف لكم بأنني توقفت عدة أيام بسبب كلماتهم..أصبت بالعجز...ولكنني عدت لأكتب لأجل أن اثبت لوالدتي أنني استطيع..!
.ـ.
.ـ.
إذن وماذا حدث أيضاً...
.. ..
آه..نعم تذكرت قبل عشرة أيام في (عيد ميلادي) فقد أصبح عمري الآن الخامسة عشر..
العمر كله...!
لذا أتعلمون ما حدث في ذلك اليوم من ابنة خالتي "لمى"
أفضّل ألا أخبركم فقد أفسدت الحفلة بسبب كلماتها التي تكبر عمرها بكثير...!
كنت أفكر..!
ماذا لو علمت بأنني أكتب قصة..!

لا لا داعي.. فستبقى تسخر مني مدى الحياة...!
كما سخر غيرها..!
أخي الدكتور بدر..
عندما أقول الدكتور اضحك..اضحك بشدة..ليست ردة فعل لضحكه علي..بل لتساؤلي..
هل أصبحت مهنة الدكتور حلم من لم يحلم..هكذا فقط ..مجرد حرف الدال قبل اسمه..!
إن بدر مضحك جداً..انه حتى لا يحب المدرسة!!
أما عمر فكابتن طائرة...!
إنهم يملكون طموح اكبر منهم بكثير..ويستهزئون
ببساطة طموحي..!
ولكنني وحدي سأحقق حلمي..
انتظروا سيادتي للحرية..!
.ـ.
.ـ.
.ـ.
اليوم كنا سنخرج ولكن أمي مريضة..
حسب ما ذكرته لنا خالتي وماتذكره دوماً..انه فقط
(انخفاض في السكر)
"بدر..مو كن امي تأخرت"
كانت ملامحه متوترة وكأنه يخفي شيئاً ما...!
"مدري خايف يصير جاها شيء"
منذ الصباح وأنا أحس بانقباضه قلبي...وهاهي تتضاعف..
"فال الله ولا فالك ان شالله بتطلع مو اول مره"
..كنت أتمنى أن لا تصْدُق مخاوفي..
بدر-"بس هالمره طولت..من شهر وهي تعبانه"
"ادري بس خالتي تقول ..."
قاطعني وهو يرد على الهاتف بجانبه...
"ليش راحت عندكم.....طيب...الحين...شفيك خالتي...الله يسلمك..ان شالله الحين..لا لاتمرينا احنا بنجي...مع السلامه"
نظر إليّ وقد تغيرت ملامحه...وخيل لي انه وجهه أصبح اسوداً من الخوف...وكأن حالة استنفار للدماء علت وجهه..!
نفس العلامات زارت ملامحي..!
ليقول وهو يقف..وقد ابيضّت شفتاه رعباً..
"خالتي تصيح"
.ـ.
.ـ.
.ـ.
كل العلامات لا تبشّر بالخير...ازداد الخفقان بصدري..وازدادت دقات قلبي حتى نظرت ل بدر وأنا اكذّب تلك الملامح التي علت وجهه..والتي رآها بوجهي أيضاً..
وهو كذلك يحاول التكذيب...!
.ـ.
.ـ.
بالطريق للمنزل كنت أتضرع لله بالدعاء..أبكي رجاءَ..أتوسل إليه بان يشفي والدتي ويعيدها إلينا..
.. ..
وصلنا لمنزل خالتي..
أمسكت بيد بدر والرعشة تسري في جسدي كله..
أحسست ب أُذناي تفقدان شيئاً فشيئاً حاسة السمع..!
ولكن..
لم أرى أيّ سيارة بالقرب من الباب..! إذاً أين خالتي..!
الطريق من السيارة والباب الذي نعبره سابقاً بخطوات قليله..
هانحن نعبره شاقاً طويلاً تأبى أقدامنا التقدم..
نخاف الواقع...!
لا نريد أن نسمع ما سمعته من ظنوني المقلقة..
بدر ينتظر مني التقدم..
إحساس بدأ يتسلل إلى قلوبنا ليعتصرها ألماً..إحساس لا أتمناه لأحد..
إحساس بالفاجعة...!
.ـ.
.ـ.
أغلق بدر الباب بعد دخولنا للمنزل..
أخذت أرمي بنظراتي هنا وهناك.. بحثاً عن خالتي..
رأيت شفتا بدر تتحرك..
أظنه يتحدث إليّ..ولكني لا اسمع ماذا يقول..
هل فقدت حاسة السمع..؟
.ـ.
.ـ.
.ـ.
إنني أتحدث إلى رسيل ولكن ما بالها لا تجيب علي...!
" رسيل..ادخلي شوفي إذا فيه احد ولا لا..."
" رسيـــل.."
أصفر وجهها وبدا شاحباً لا يقل عن اصفرار وجهي بعد رؤيتي لها هكذا..
بدأت اشعر بآلام في معدتي شديدة..
يا الهي هل عادت علي آلام القرحة..في هذا الوقت..!!
رسيل لماذا لا تردين علي..!
أين امي..! صرخت من شدة خوفي على كلاهما
" رسيــــــــــــل.."
ولكن من أجابت صرختي هي خالتي...
"بدر تعال"
قالتها بصوت تخنقه العبرات...
لا أعلم كيف استطعت التقدم خطوة..
خطوة..!
خطوة تجر خطوة..!!
وكأنني أحسب الزمن..!!
وصلت إليها أخيراً وأذناي تستعدان لالتقاط أي حرف يصدر..
- عيناها مرهقتين..متورمتين من البكاء..
- هل أتخيل ذلك..أم أنها حقاً كانت تبكي..!
- لكن لما..!
طال سكوت خالتي لألتفت إلى رسيل التي لا تزال واقفة في مكانها .. لأسمع خالتي تقول:
"بدر حبيبي أمك بخير..
(استجمعت قواها لتضيف) زوجي هناك خليته يشوف الإجراءات عشان ينقلونها.. شوي حالتها خطيرة...وماندري شالسبب..
إن شاء الله بتطلع من العناية.."
-العناية...!
-حالتها خطيرة..!
-بخير..!
-ينقلونها..!
-شوي حلتها خطيرة..!
بدأت ترن تلك الكلمات في رأسي حتى خيّل لي أنها ستمزق طبلة أُذني...
"لا تخاف حبيبي .. أنا كنت عندها..بس جيت عشانكم وبرجع لها الحين"
وقبل أن أنطق بأنني سأذهب معها رن هاتفها..
.ـ.
.ـ.
لم تنطق حتى أهلاً...سمعت عدة كلمات وخيّل لي أن المتصل زوجها...
لتصرخ صرخة هزة ما كان ثابتاً فيني ليسقط هاتفها صريع ما سمعه..
لأبقى تلك اللحظة...كمن فقد إحساس...!
إحساس هرب من رعب الموقف...!
وفقدت أي قدرة للبحث عنه...
لم أصدق..فقط أخذت أبحث عن الأمل.. أخذت عيناي تدور بين سواد غطى المكان...وصراخ وبكاء...وكلمات لم أعد افهم معانيها...
صنع أمامي عالم غريب..كئيب..يلفه السواد..كل من يعيشون فيه شبه ميتين..عدى صراخهم الذي يصنع طريق للموت...!
كل ذلك صنع في أقل من ثواني...
لذا لن أعيش...دقائق وسأنضم لذلك العالم...ولكن دعوا قلبي يهدأ من رجفته..
وعقلي حتى يصدق..
ودموعي حتى تسيل..!
.ـ.
.ـ.
.ـ.
أنـــا..
كنت لا أزال واقفة في مكاني...
عندما سمعت صرخة خالتي التي اخترقت جدران الصمت بداخلي...
لتعيد لي حاسة السمع...وبقوة..!
لأرى خلف صراخها بدر الذي طوقته خالتي بذراعيها...
وأنا لا أزال أقف..!
بعد ثانية اخرى..
علمت بأنني لست على خارطة الكرة الأرضية...
تعطلت جميع وسائل اتصالي بالعالم الخارجي... !
أبعد من الصوت أبعد من الرؤية..أبعد من ترجمة أحاسيسي..أبعد من تصوير العالم.. !
تعطلت شاشات العرض لحياتي...
فسقطت...
مغمى علي..!
>>لحظات سوداء...لولا رحمة الله لرحل كل من فقد حبيب بعده...
..دقائق خارج ساعة الزمن...تمر فتفطر القلب وترحل.. ليعيش القلب ما تبقى من عمره بذلك الجرح..!
فأين الطبيب..!؟ <<
7 )
حتى الآن اذكر كل يوم..وكل ساعة وكل دقيقة..تجرعت حزنها وحدي في غرفة مظلمة...
كحياتي حينها..!
مرت الأيام حزينة مملة لا أجد فيها ما افعله...
كنت اجلس مع خالتي ساعات النهار ونحاول الحديث عن أي شيء..
قد لايعني لي شيء..!
فقط كي اعبر ساعات النهار...بسلام..
بلا دمع..
بلا ذكرى..
بلا أحلام..!
وعندما يحل المساء...اشعر به ضيفاً ثقيلاً على عاتقي...
على صمتي...
فأبقى معه ماتبقى من ساعات الليل....وحدي..!
ابنة خالتي..لمى..
لم ترقق قلبها مصيبتي...
ولم يشعرها حزني بأي شيء..
ربما...
انا لا اطلب منها كلمة تداوي جرحي...
او ابتسامة تنسيني أنني عالة عليها..
كل ماتمنيته حينها..
أن تتجاهلني..!
فهل هذا كثير على حزني ويتمي وقلة حيلتي..!
أما مازن..
فكان لا يتوانى عن تقديم أي شيء يشعرني بالسعادة..
لي ولبدر ايضاً..
فقد كان عطوفاً..تملأ الشفقة عينيه..!
.-.
.-.
كانت الإجازة على وشك الانتهاء...
وأنا أعيش اليوم كالأمس..
وحتى بدري حبيبي..ماتبقى لي..لا أراه إلا عندما أراه...!
وانتهت أسوأ إجازة مرتني..
والوحيدة التي..لم أأسف على انتهاءها..
.-.
.-.
موقف لازال بتفاصيله يسكن جزءَ من ذاكرتي..
لمى..
بعد ان تعِبَت من نظرات الازدراء التي ترمقني بها دوماً..
كسرت شيء في نفسي ذالك اليوم...
خرجْت من غرفتي قاصدة المطبخ بعد منتصف الليل..
صادفتها..
لمى-"وين رايحه؟"
سألتني وهي تنظر إلى الكأس الفارغ بيدي..
"عطشانه"
وأشرت للكأس..وهممت بالمرور..
"وقفي"
التفت إليها فقالت وقد بدى لي أن صمتها بعد كبت لم يطل..سينفجر..!

يتبع ,,,,

👇👇👇


تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -