بداية

رواية سيدة الحرية -3

رواية سيدة الحرية - غرام

رواية سيدة الحرية -3

موقف لازال بتفاصيله يسكن جزءَ من ذاكرتي..
لمى..
بعد ان تعِبَت من نظرات الازدراء التي ترمقني بها دوماً..
كسرت شيء في نفسي ذالك اليوم...
خرجْت من غرفتي قاصدة المطبخ بعد منتصف الليل..
صادفتها..
لمى-"وين رايحه؟"
سألتني وهي تنظر إلى الكأس الفارغ بيدي..
"عطشانه"
وأشرت للكأس..وهممت بالمرور..
"وقفي"
التفت إليها فقالت وقد بدى لي أن صمتها بعد كبت لم يطل..سينفجر..!
لذا حاولت تصنع الهدوء
-"بيت ابوك اهو تتمشين بهالوقت... "
قلت ببرود-"مادريت ان في حظر تجول..."
وقد ثارت ثائرتها بعد تلك الجملة
"انتي ماتستحين على وجهك مايكفي اننا مسكنينك عندنا"
رفعت إليها نظري بإصرار..فقلت
"بيت خالتي..وهي مسؤوله عني.."
"مسؤوله ههههه ...هذا اذا لحق ابوك امك"
عندما قالتها وضعت الكأس جانباً...
قد هيأ لي أن ثقل ذاتي حينها بسبب ذلك الكأس...
وبقيت اسمع ولا اسمع ماتقول
"لا بعد طول النهار لازقه بامي تحسبينها امك وانا مادري وبهالوقت تطلعين... قديمه الحركات هذي شفتها بمسلسل"
واتبعتها بضحكة هازئة..
أطلت النظر إليها بذهول..
مسلسل ماذا تقصد..! يالها من طفلة لاتعي ماتقول..
قبل ان اسمع تلك الجملة كنت أقول طفلة...لكن بعد نطقت بها كرصاصة انطلقت لتصيب تلك البراءة!
_"لانك عارفه ان هالوقت يجي مازن"
تصلبت يداي وقد بت اكذّب معنى ماقالته...
لو كان الكأس بيدي حينها اقسم انه سينكسر بقبضتي..
اي براءة أطفال تبرأت منها..!
رفعت عيناي عندما شعرت بها تتحدث..
فقط شعرت لأن اذناي لاتزال ترتب بقية كلماتها!!
"خلاص انكشفتي ومثل ماقالت لي صديقتي.. يالله ارجعي غرفتك واستحي على دمك لاتفكرين باخوي مجرد تفكير لانك ولاشي و.."
بترت عبارتها تلك وهي تنظر للسلَم خلفي..
التفت وإذا بمازن ينظر إليَ نظرة غريبة....!
لازلت اذكرها..وسأذكرها ماحيت!....
لا ادري هل صدّق مازن ماقالته..
لن يتوّقع ان طفلة ستفتري بمثل ذلك...بل سيصدقها ..
وهل حقاً سيظن أنني كذلك..!!!
كل ماتمنيته حينها أن يصبح أصم..!
لم ادري بنفسي إلا عندما نزلت دمعة...
وأنا أقول-" انتي شتقولين؟"
مازن التزم الصمت...ولمى قالت وهي تغادر المكان
"تحسبه بيت ابوها"
يومها لم أغادر غرفتي لأي سبب كان..
ولا الأيام التي تلتها...
كنت كلما أذكر كلماتها اشعر بدمعة حفظت طريقها في شق خدي..
وكلما أذكر نظرة مازن تلك اشعر بأنني اختنق..
انه الظلم حتماً الظلم..
أتراكم أحسستم بلك الشعور يوماً..!
سمعت طرقاً على باب غرفتي..بعد عدة أيام مما مضى..
قلت دون أن أتحرك..أو حتى امسح دمعتي..
"خالتي ما اشتهي لما اجوع راح آكل"
لكن الطرق لم يتوقف..
مسحت دموعي وفتحت الباب فكان بدر...
عندما رأيته
وانطبعت صورته بعيني...
فقط رميت بنفسي في حضنه وعدت ابكي...
كنت في أمسّ الحاجة لصدر يحويني..
"بسم الله عليك رسووله وش فيك"
دخلت وجلست على السرير وأنا أقول
"ابي اموت"
حينها فغر فاه واستمر ينظر إليّ بدهشة
ثم اغلق الباب وجلس بجانبي..
"شفيك رسيل لك اسابيع وانتي احسن من كذا شصارلك الحين؟"
نظرت اليه فقلت
"ليش جاي؟"
بدر بابتسامه-"افا يعني اطلع؟"
كنت في حالة اكتئاب تعدم أي ابتسامة تتسلل إلى شفتي..
عندما لم يرى أيَ تجاوب قال
"لي كم يوم ماشفتك..ماجيتي لعـندي قلت اجيك..واطمئن عليك"
"ليش توك تجي..انا اموت هنا ومحد يعرف عني شي محسوبة بين الأحياء اسم..اسم وبس"
مسحت دمعة فرت من عيناي هاربة من بحيرة أحزاني وكلمات لمى يتردد صداها في داخلي حتى الآن
"رسيل بالله عليك قوليلي شصارلك؟ في احد مضايقك؟"
لم اجبه لذا أضاف
"اذا انتي مو مرتاحه بالمكان ....وتبغين تروحين مع ابوي.."
رفعت رأسي وقاطعت ملامحه المترددة
"قصدك عند مرت ابوي... ماراح اروح صدقني ماتفرق معاي"
بدر بدى متردداً ثم اضاف:
"تروحين عند عمي؟"
هنا رفعت رأسي بتعجب..!
عمي..الأخ الوحيد لوالدي..الذي لم أره منذ الشق الأول لطفولتي...
عمي الغاضب من والدي...
عمي الذي كان من اشد المعارضين على زواج ابي من امي..!
عمي الذي لم يسأل عنا....!! أأذهب اليه..!
"عمي يتصل في خالتي يسأل عنا من بعد العزاء"
عمي يسأل..!
الآن فقط سأل عنا..لأن والدتي توفيت..رحلت من هذه الدنيا وتركتها له..! ألهذه الدرجة كان يكرهها..! لمَ..!!
هل تخبرني..!
قلت وقد جفت كل الدمعات من عيني...ورفعت احد حاجباي بغضب
"مستحيـــــل..الحين يسأل عنا ..يعني اللي كان مانعه امي..!"
بدر-"ما اعتقد..خلاص خلاص غيري الموضوع"
مرت دقيقة صامته....ثم قال:
"طيب قوليلي من مضايقك؟ وصدقيني ماراح اسمح لأحد يغلط عليك أو يضايقك..لاتنسين يارسيل انا بدر..اخوك"
آخر جملة نطقها جعلتني اشعر بأنني لم أعد كرة السلَة اليتيمة على فناء مهجور...بل معي من مرت به الرياح...
عندها عدت لما حدث..! كنت سأخبره عن لمى وماقالته...لكن تذكرت بدر..
سيغضب من الجميع حتى خالتي..ولن يوقفه احد عندما يغضب..ولو اضطررنا للعودة مع ابي..!
او حتى ذاك المسمى عمي..!
قلت
" لمى من تشوفني ترمي علي كلام مثل السم واني انا ما استحي وجالسه ببيتهم..وانا ادري ان كلامها صح"
"لمى..! يعني جديد عليك ان لسانها متبري منها..
انتي فبيت خالتك يارسيل...ومو بمكان غريب.. صدقيني هي لسا صغيرة...راح تفهم بيوم"
كنت أقول لو سمعت ماقالته لسحبت جملتك الأخيرة تلك...كنت سأنطق بذلك....
لكني لذت بالصمت..
وبدر بدى يتحدث طويلاً حتى اختفت ضبابة الحزن..ولو قليلاً..!
عندها سألته كيف يقضي وقته فقال وعيناه تبحث عن شيء ما في أرجاء غرفتي.. شيء لم اعرفه..
"يعني تعودت على المكان واشغلت وقتي باللاب توب والتلفزيون ومازن وعمر و..."
بعد ذلك قال
"رسوله وش رايك اشتري لك جهاز كمبيوتر؟ "
قلت بابتسامة -"ادخل النت؟"
ابتسم بدوره فقال -"لا"
قلت- "اجل وش الفايدة؟"
وبدى يشرح لي فوائده وأغراني بعدة برامج جميلة..ثم أضاف
"وتقدرين تكتبين قصة؟"
لأنني كنت انظر بدهشة أضاف:
"وبما ان عندك مدرسة راح اخليك يوم بالاسبوع تدخلين النت...وتقرين قصص واذا بغيتي تنزلين للناس قصتك"
قلت بسرعة-"تبغى الناس يضحكون علي؟"
"ههههه يمكن عمر قاصد كذا ...اقتراحه انا بريء ههههههه"
عمر!
يريد المزيد من الضحك...حينها ابتسمت... لا ادري لمَ...!
بعد ذلك..وذلك...
بدأت المدرسة وأصبح لدي حاسوب جديد أصبح بالنسبة لي كمذكرة كبيرة...تكفي ليومياتي ويوميات طالبات مدرستي إن أردت.!!!
كنت سعيدة بذلك...وحتى بعد أن أصبحت ادخل الشبكة لا أكون سوى زائرة..
باستثناء منتدى واحد كانت لي عضوية فيه... وهو منتدى تشارك فيه دانه..
وعند معرفتي به..اصبت بتخمة من تلك القصص...وكنت أراها جميلة حين ذاك..
قصص ماكنت لأتساءل أين بدر وعمر عنها....ليضحكوا!!
.-.
.-.
بعد عودة دانه من السفر لأجل المدرسة...
قضينا وقتاً جميلاً حتى بدأت تسأل عن حالي..وخاصة مكوثي عند خالتي...
استغربت لسؤالها لكن لم استطع سوى القول
-"الحمدلله كلنا تمام"
"وانتي كيفك وش جد عليك؟"
ردت علي بحالمية لم أعهدها....
"اخ لو عرفته من زمان كان هانت كل المشاكل علي؟"
قلت بابتسامه
"مين بعد هذا؟"
ردت وهي تنظر للسماء
"مو شخص...هذا الحب...خلاص انا صرت احب وماصار شي يزعجني او يضيق صدري..خلاص يارسووله انا بعيش بدون هموم "
"ههههههههه دانوووه شطايحه عليه هههه خلصي المتوسط اقصد خلصي الثانوي وبعدين فكري بالخرابيط"
دانه
"أي خرابيط ؟ واي ثانوي الحب مايعرف عُمُر ولا وقت... الحب خرابيط اقوول ياحلوك ساكته...اذا عرفتي الحب تعالي كلميني"
"هههه ان شالله اذا يعيشني بدون هموم بحب من اليوم وتشوفين...واقولك رايي بكره"
كنت اضحك حينها ببساطة..وهاهو شيء جديد تعلمته من المدرسة!!
كنت انتظر عودتي بفارغ الصبر لأجد الحب...واكسب التحدي!!
كمراهقة عنيدة قضيت أربع ساعات بين الصحف والمجلات... وساعة اخرى أمام التلفاز...
ابحث عن شخص احبه!!
اعجبني ذلك وذاك..فعدت اخبر دانه بأنني أحببت..!!
لكن لا اشعر أن همومي انقضت!
ولم أرى بملامحي تلك النظرات الحالمة كما رأيتها في عيني دانه...
جميلة بساطة الأطفال تلك!...!
حقاً كانت أيام رغم تعاستها إلا أنها تسعدني حينما اذكرها...
بل تضحكني أحياناً..
لكنني لم اسأل دانه يوماً من كانت تحب..!
هل هو شخص لا تلتقيه سوى بالصور..مثل حبيبي الذي بعده بت اجزم أن الحب كأي شعور آخر..
كالجوع كالتفكير كالخوف....أي شعور آخر..!
لم افكر يوماً أن الحب مشاعر..لاتكتمل إلا بمبادلتها..!...بل اعتقدت أن الحب أن اختار شخص فأحبه...هكذا!
الم اقل لكم سابقاً أنني لا انظر للامور إلا من الجانب الأقرب لعيني!
>>تساؤل..
هل حقاً لا يوجد شخص على هذه الأرض...يستطيع أن يصبح حبيبي..!!
لم يرحل ذلك السؤال عن تفكيري...وظل بين صفوف الأسئلة التي لن ترى النور..!!
وانقضت ثلاث سنوات..!
..×..///..×..///..×..///..×..///..×..

الفصل الثاني

( 8 )
::::غيَر من حياتي !:::::
كمعزوفة موسيقية مرت بي الأيام…ترتفع أحياناً…حتى أكاد ألمس النجوم…وتبقى على مسارها المعتاد أحياناً اخرى…!
ثلاث سنوات مضت…
“عاماً”… يجر من خلفه..عام…
كل “يوم” يمضي يضع لمساته قبل ذهابه..وكل “ساعة” تحاول ابتداع أمر..
وكل “دقيقة” تحاول تغيير ما تستطيع من الأحداث..!
“أسبوع” يمضي ليستقبل أسبوع آخر..
و”ساعة تجر جيش الثواني خلفها”…
إذن …
لا يزال نظام الساعة يعمل..!!
ولا يزال نظام الأيام يدور..!
يالغبائي…!
أتذكرون…
كنت أظن الزمن توقف بعد أن حطمت ساعاتي..!
كنت أظن أن الحياة ستفقد النظام فقط لأني أريد ذلك..!
ظننت أن الدنيا توقفت على أرضي فقط لأن امي رحلت..!
وأبي تخلا عني…..
وبدر فقدته…!
سبحان الله.. لا تزال الكرة الأرضية تدور…
ولا زالت أسس الحياة موجودة..!
حتى هذا اليوم…تراودني صورة ساعتي المحطمة قبل سنوات في منزلنا…فيخيَل لي أنها كل عالمي الذي توقف!
أكنت حقاً أظن أنني بمجرد إتلاف ساعاتي سيتغير كل شيء..!
أم أن حلمي بسيادة الحرية هو ما دفعني لذلك..!
.-.
.-.
ثلاث سنوات مرت وأنا أجلس في أول كرسي من مدرسة الحياة…
تعلمت الكثير..
الكثير..مما يفوق أحلامي..طموحاتي وحتى أحزاني…
تعلمت فنون الضحك….عندما تطوقني الأحزان…
تعلمت أن اغلق فمي عند حاجتي للكلام…
تعلمت كيف ابتسم عندما يخرس لساني!
تعلمت أن أتحدث عن كل شيء وأي شيء.. إلا أن أتحدث عن حياتي..!
عن تلك المسماة…
مأساتي..!
لم أبث شكواي يوماً إلا للقلم..
ومجتمعي الذي أخالطه لم يكن سوى صديقات مدرستي…
تعلمت أن اضحك لأجلهم…وابكي لأجلهم.. ادرايهم كما اداري الدمع في عيني…
الجميع ضحكوا لضحكي…..لكن أحداً لم يبكِ لأجلي…
لم ابالي بشيء…فلم ارد أن أكون بائعة للحزن بينهم….
كما هو عنوان قصتي التي اكتبها عندما يغمرني الحزن….
وتخنقني الوحدة…!
أتعلمون أي وحدة أُعاني منها..!
منذ عام مضى لم أرى بدر….
فقدته بلا سابق إنذار…!
تماماً كأمي…!
لكن الفرق بينهم أن امي رحلت بلا عودة…
وبدر سيعود…!
فقدته عندما أتى والدي في صحوة متأخرة وبلا سبب..
ليأخذنا إلى بيتنا القديم…
بكل بساطة..أمَرَ ونفذنا…
اذكر أن شعوري كان مميزاً حينها..
كان شعور امتزج بكل شعور اجتاح ملامحي طوال سنوات عمري…
شعور غلب عليه الفرح والحزن..في آن واحد…
الدهشة وعدم الاهتمام…في مزج واحد..!
شعور يبث الأمل في داخلي بأن الحياة ستعود كما كانت..! وآخر يناقضه يشعرني بالإحباط..!
شعور الغضب من والدي..والرضا عنه…!
لن أتعجب يوماً ما عندما افقد السيطرة على وصف إحساسي…!
اخبرني بدر حينها.. أن مكوثنا في بيتنا لن يدوم طويلاً…فلم نحضر إلا بعضاً من حاجياتنا…
زوار في بيتنا..!
في أول خطوة كانت لي فيه..كمن يطأ نار..وثلج…!!
صوت صرير الباب كان يشبه صرخات طفل استبشر بقدوم امه..!
كنت انظر لبدر وهو يدفع ذلك الباب الذي طالما توقفنا عنده في عراك من يسبق للداخل…
ذات يوم!
كانت خطوتي أثقل من حزني….
شعرت بأنفاس والدتي تخنقني…تستقبلني مودعة..!
تعاتبني تسألني عن أخباري…عن السنوات التي غبنا فيها..!
بكل مقعد كنت أراها..وكل زاوية كنت المحها..حتى بتلك الأواني المصطفة على الرفوف رأيتها..!
أطلت النظر للتلفاز الذي طالما تشاجرنا على جهاز التحكم التابع له… فبدت لي شاشته المغلقة تعرض شريط أيامنا السابقة….
وفي كل قناة أرى امي..!
كانت الصالة لم تتغير كثيراً وكذلك المطبخ…. أما غرفة الجلوس وبقية المنزل…مروراً بغرفتي قد تغيَر..فبدت لي غرفتي…
تشبه غرفتي..!
كان والدي قد جدد الأثاث وأبدى التغييرات المناسبة ليبعث الراحة لأنفسنا مرة اخرى…
كما اعتقدت حينها….!
لم أحاول حتى إمساك مقبض الباب لغرفة والدتي,,,أخذت أجوب المنزل..واستعيد الذكرى فيسعد قلبي تارة..,ويبكي تارة اخرى…
مهما كان الحزن مخيِّم على المنزل إلا أنني في منزلي الذي قضيت فيه سنوات طفولتي…واسعد لحظات حياتي..
ويكفيني فقط,, أنني أتصرّف فيه بحرية..!
“حرية”!
في وقت لم يكن مناسب لمرورها بين ازدحام الأفكار في رأسي إلا أنها مرتني…!
فعادت هواجسها بشكل يختلف عمَا كانت..
فقد كَبٌرَت…
بكل بساطة ..
كَبٌرَت..!!
الم تعلموا أن الأحلام تكبر كما نكبر نحن..وتموت كما نموت نحن…!!
عندها بقينا في المنزل عدة أيام…اقترح فيها والدي على بدر أن يذهب معه….ليدرس بالقرب منه…
كما قال يريد أن يشهد تفوقه..ويفخر به عن أقربائه هناك…..
أو أقرباء زوجته..!
بدر خاض صراع جديد مع والدي….حتى خضع له مجبراً…..وسافر معه بعد أيام قلائل..
حينها كان حوار في ذاتي يتساءل..
- وأنا…!
- ماذا سيحل بي..!
- أيأخذون آخر عائلتي مني!
-بين إحساس وآخر.. شعرت بأنني نقطة أضاعها القلم على صفحات الورق..!
-أصبحت مجرد خربشات لجدران الزمن..!
لا احد يفكر فيني..!
- أين سأذهب…..وهل سأعود لخالتي مرة اخرى..!
سألني بدر قبل أن يفكر بالرحيل…وقف أمامي وكأنه قد استعد لخوض الحوار مرات عدة.. قبل أن يقول:
“اذا ماتبغين اسافر ماراح اسافر..واللي يصير يصير”
كنت سأقول نعم..لاتذهب…لاتتركني..
…لكنني قلت:
“خلاص…لازم تسمع كلامه و….(بترت جملتي لأنني لم أجد ما أُضيف..بدا لي كل شيء ناقص!”
ثم أضفت ابتسامة ميتة…
لأجل ألا يقع في صراعات مع والدي,,ويضيع مستقبله بيده..ويدي…,
لأجل سعادة آخر وأول من افكر فيه في دنياي…
نعم لا أحد..غيره..
طلبت منه ان يذهب,,
في وقت كنت في أمسّ الحاجة إلى وجوده…,
قلت الوداع,,في وقت صرخ كياني فيه لاتذهب..!
قلت نعم,,في وقت افترض علي أن أقول لا..,
قلت لا بأس وأنا اعني كلاَ..كلاَ…كلاَ…,
لكنـ…..رحل…,
هكذا بكل بساطة…
ذبلت أول وردة حاولت سقايتها فيني….
لم اصرخ..لم ابكي..لم أترجَى أحداً…
فقط أذعنت لما يحدث..وتقبلت ماقد يحدث!..
وها أنا الآن ..يكتمل بي العام الذي احتوى حزني ويتمي ووحدتي..
في منزل خالتي…مرغمة بإرادتي..!
استيقظ وأنام…
- بلا أمل في الحياة….
- بقلب محطم..يائس..رافضاً ذاك المسمى أبي..!
سؤال يغتصب وحدتي كلما اذكر ماحدث…..
- “هل كان يجب علي أن احبه…فقط لأنه أبي…!”
بت اشك أن قلبي معطوب…..
لولا حبي لأخي…وخالتي….واحترامي لابن خالتي الذي بدى كوالدته..سعيداً بعودتي…
لتيقنت ان قلبي معطوب…!
بالمناسبة…
لا اعني الجملة الأخيرة…!
بل سابقتها…فـ قبل سنتين غيَر مازن غرفته إلى غرفة قرب المجلس بالأسفل..
وذلك ليتسنى لي الخروج بحرية في ذلك الدور…
حرية لم اعرها اهتمام طالما لمى تشاركني المكان..!
لا ادري لما تذكرت الآن نظرة مازن ذلك اليوم قبل سنوات….
ياترى هل لازال يذكر ماقالته!
ليتني لا أعود هنا….
ذلك اليوم لم انم…كان بودي حينها … وبرغبة ملحّة ..
الكتابة..عن شعور…
المشردون..!!!
..
منذ ذهب بدر لاخته..
وانا أنظر للشاي، كمن يبحث عن أثر يديها…!
مجرد تصوري انها سمعت ماحدث يجعلني اريد شرب الشاي ابريقاً بآخر..!! لأتساوى بتخمة أفكاري..!
تأخر بدر..
ونظراتي تستلقي فوق خطواتها قرب الباب..!
وأنا وحدي هنا أضرب أخماساً بأسداس..
كل الحماقات منذ ظهور الغباء تجسدت في حماقتي هذا اليوم..!
أتراها سمعت..!
لم تعد هناك دماء في رأسي..اشعر به تحجر وكأنه يستوعب تدريجياً تلك الصفعة التي تلقاها بلحظة غباء
لحظة لم يتوقعها في جميع مشاهد اللقاء منذ أن عاش الوهم..!
“شصار؟”
قلتها متحاشياً النظر لبدر..
بابتسامة أجابني-”مدري اظاهر رسيل سمعت اللي قلناه…”
لم تعد هناك أي كلمة استطيع النطق بها…
تمنيت ان اخرج وأرى..أسمعتني أم لا.. أغضبت أم لا…
أركضت كما في السابق في غرور مصطنع..!
أكان يجب ان تبتلعنا السنون لتكون حاجز لايزول…
جدار واحد يفصلني عن تلك الطفلة الباكية…جدار واحد فقط…
لكنه سياج ينشرني بعشوائية فوق رؤوس الحواجز .. كمن صعد منارة وجرب الصراخ فكان بلا صوت… والراحلين بلا نظرة للوراء..!
-”ماعليك راح افهمها..وماني متأكد انها سمعت”
لا ادري مالذي رآه في وجهي ليقول ذلك….
مرت ساعة…وأنا أبدو متجهما مهما حاولت أن أعود لطبيعتي مع بدر..
الحوار الذي اخوضه في داخلي اطول من حواري مع بدر…
-”جميل حظي هذا”
….لا أزورهم وعندما سمعت صوتي منذ السنوات الثلاث..
سمعته يسخر منها..!
-”لمَ قلت ذلك؟..لاانكر حتى يخبرني بدر فأرى ماكتبته هناك!”
-”لمَ زرتهم هذا اليوم..لمَ لا أشرب الشاي ايضاً..!”
-”بل لمَ كل هذا الاهتمام…”
حتماً لا ادري..!
أو ربما…….
ادري..!
وأدري…
وأدري..!!
.-.
.-.
منذ أن صعدت بغرفتي…
ابتلع غصة رمتني بالرميم…وجدت نفسي ادخل المنتدى باحثة عن مواساة قصتي..!
لن ابكي…
أشبعت ناظري بمن أثنى بحروف…أقنعت ذاتي..إلا أن أذناي أبت أن تقتنع…فهي لاتثق إلا بما تسمع!
لمن اشتكي..!
أين امي..أين أبي..أين من يدعون صديقاتي!
في كل مرة اصنع انجاز…أقف على المسرح انتظر التصفيق…!

يتبع ,,,,

👇👇👇


تعليقات
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -