رواية سيدة الحرية -7
قبل أن أخرج لحقت بي سديم قائلة بابتسامته المتفائلة
-”تعالي امي تبيك شوي”
بادلتها الابتسامة وأنا أفكر
-ترى ماذا تريد..
عندما رأتني قالت:
-”والله يابنتي نسيت اقولك بناخذ شاليه هالاسبوع احنا وياكم”
توقعت عدة امور ستخبرني بها إلا أن نخرج مكان آخر وأنا التي أريد الخروج من هنا منذ ساعات
أضافت لتفاجئني أكثر:
-”انتي وخالتك وبناتها نبغى نتعرف عليهم، وبناتي مصرين انك توافقين وتكلمين خالتك وتقنعينها”
كانت تتحدث بسرعة- كعادتها التي عرفتها اليوم…فلم استطع التفكير جيداً فأنا لا أريد و…
-”عمر بيقول لبدر أي يوم بالضبط وننتظركم وان بغيتي تسبحين ترى المسبح روعة جيبي وياك ملابس-ترانا منا غرب”
ابتسمت بعد أن وأدت ضحكة كبيرة..
تتحدث عن السباحة وأنا لم أوافق بعد..لمَ أيضاً خالتي؟..لا..يستحيل ذلك ف لمى …..!
أوصلتي للباب وهي تتحدث لأجدها فرصة كي لا احرج بطلبها، وفي داخلي نية رفض تعدل مساحات منزلهم..!
لكنني وافقت..!
وذلك ليس بغريب علي…!
-”ها وش رايك فيهم؟”
سألني بدر ذلك:
-”هههههه طيبين”
ضحك بدوره
-”بس طيبين؟”
-”ههههه وش عليك منهم..وترى عزمونا في شاليه الاسبوع الجاي”
-”أي قالي عمر..وحلو قبل لا اسافر”
(طاري السفر)…..من ضيقة إلى اخرى..!!
أضفت لأجرب مفاجأته:
-”وخالتي بعد”
ونجحت التجربة…تفاجأ أكثر مني، امسك بهاتفه بسرعة واتصل بعمر
وأخذ يستفسر
- “وخالتي بعد؟…حتى انت..طيب ومازن؟…اي اوكي..اكلمك بعدين..باي”
وأنا أضع جُمل من رأسي في كل مرة.. لما قد يكون نطق به عمر…وأكمل به الفراغات..!!
.-.
.-.
.-.
أغلقت من بدر وإذ برنيم تسأل:
-”ليش العزيمة؟ وش المناسبة؟”
قلت وأنا أتفحص ملامحها الغير راضية:
-”كذا..أبيكم تتعرفون عليها؟ وامي بعد تبغى هالشي..واكيد البنات”
قالت غضب استفزني:
-”وليش ان شاءالله؟”
حافظت على البرود :
-”لانها ماتعرف احد..”
-”لاوالله وش رايك نفتح مؤسسه ترفيهية لليتامى والمساكين”
وقفت.. وكدت اصفعها إلا أنني قلت بتجميد كل الحواس:
“انتي لاتتدخلين ..ولا في احد جابرك تجين”
نظرت إلي ملياً بشيء من التعجب والرعب المشتت لأقول قبل مغادرتي:
“ان قلتي يتامى مرة ثانية بربيك بيدي هذي”
كانت تقف مذهولة…
هي تعرف أنه لايمزح…وهو يعرف انه يصغرها عمراً..
هي تعرف انه لايغضب…وهو يعرف أنه.. إن غضب لايكتفي بلسانه…
هي تعرف أن بدر نصف آخر له…وهو يعرف أنها غير مرحبة بأخته…
لكن مالا يعرفه وسيعرفه لاحقاً أن العادات السيئة لاتزول وقتما يشاء….والصفع بغير اللسان إحداها…
أما مالا تعرفه هي…. أنه كان سيصفعها..بعد تلك العبارة الأخيرة…!
.-.
.-.
..×..///..×..///..×..///..×..
أحياناً كثيرة أنشغل عن التفكير..بالتفكير…وعن الكتابة.. بالكتابة…!!
أحياناً اخرى أحب الغياب في حضوري،..والحضور في غيابي…
لابد من الغروب / وحتماً ستشرق الشمس..!
تناقض المفردات كإحساسي…!
كل يوم ينقص عمري،وأزداد شيئاً آخر..!
بدأ الغد يغريني..ويرعبني.!
( 11 )
في الشاليه السادسة مساءً..
حضرنا منذ نصف ساعة..
لم اهتم كثيراً بزينتي هذا اليوم، فقد اكتفيت المرة السابقة…
أكنت كمن يخدع ذاته قبل خداعهم..! أم لأن المرة الاولى هي الانطباع المتمسك بالذاكرة..!
ذلك الشيء الوحيد الذي تعيه عقول البشرية وتكذبه عيونهم…!
لازلت اجلس وحدي قرب حوض السباحة، فبعد السلام لم أجدني بينهم…رنيم كما في الزيارة الاولى…
والتوأم الجميل^ يتناولا غداءً متأخر..أو عشاءً سابقاً لأوانه..!
ولازلت بانتظار خالتي….
-سأخبر بدر عندما أعود أنني بالطبع سعدت باجتماعهم..لأشعره بالرضا..لا أكثر!
اصطدت صوته عن بُعد ، بعد أن مر في عقلي..!
وقفت لأنظر ماذا يفعل والفاصل الكبير بين مكاني والمساحات الصفراء.. التي كانت ذات يوم خضراء…حائط شجري تترابط غصونه بمهارة تفوق ترابط أفكاري..!
وهو جالس مع عمر وبيد كل منهما مشروب ساخن، أعتقد أنه شاي…
كنت اختلس النظرات علني أسرق الوقت لتأتي خالتي..
تعبت من الوقوف وأخذت أجوب المكان وعيناي تغرق في ذلك الحوض، لأجدني أعود مرة اخرى لأسرق من جديد..!
عادة سيئة تخصني..! المرة الاولى لاتكون الأخيرة أبداً..وإلا لمَ لم تكن تسمى فقط البداية..!
المرة الثانية هي بقية العدد..الذي قد يكون لانهائي..!
توقفت في رأسي عملية حسابية، وشعرت برمشي يصنع رباطاً آخر لتك الأشجار،
تشهق عيناي،ليغص حلقي…أبقى متصلبة أثر دهشتي..
أرفع حجابي،ألفه جيداً كأنني أستعد لأكمل حائط الشجر بجسدي..!
-لأتأكد أنها تخصه، أقترب أكثر…وهاهي تدخل جسده وتخرج أمامي..وأمام بدر..!
تمنيت أن أرى بيده أي شيء…قلم،حجر، أو حتى رصاص..!
إلا أن تكون سيجارة..!!
شعرت بعيون أربعة تحدق بي….يبدو أن الأشجار ركضت خلف ريح هاربة مني..من كل شيء أصابني الآن….!
.-.
.-.
خالتي في توقيت سيء لمزاجي حضرت…
كانت مشتاقة لي كثيراً كما كنت قبل الموقف المزعج…!
لمى ومصافحة باردة، قد أكون سعدت بها..!
-”ها رسيل مرتاحة؟”
قالت لي خالتي ذلك
-”أي الحمدلله مرتاحه..خالتي جا مازن؟”
كانت إجابة بسؤال..أو سؤال بإجابة..لايهم عن من أسأل المهم أنني سأخرج بعد إجاباتها
أجابتني بنعم،أو ربما لا..! لم انتبه سوى لابتسامتها الغريبة!
.-.
.-.
كنت أقف بعيداً عن بدر وابن خالته
بيدي سيجارة، وعقلي يدخنها..!
وقلبي في جنون خاض الاكسجين،وثاني الاوكسيد.. وبدى يتنفسها..!
آهٍ رسيل…
إنكِ يوماً بعد يوم تكوني أقرب، أشعر بأنك طيف يداعبني…أكنتِ حقاً هنا قبل دقائق…!
أم انه طيفك..!
لم أفهم نظراتك..لم افهم وجودك حينها…لم أعد أفهمك…
كنتِ لي مسألة حسابية لاتوجد لها قاعدة…ولا أيأس من محاولات حلها..!
-”عمر”
بدر يريد مني الجلوس الآن مع ابن خالته ذاك… إذ يجب على بدر المجاملة لصلة القرابة.. فتجب علي لأجل بدر…
.-.
.-.
بعد العشاء الذي لم أتذوق منه شيئاً لأكمل صيام اللسان..! اتجهت لحيث الجميع يتحدث في آن واحد…!
كان المكان الشاغر المناسب لي جوار رنيم… كانت تتحدث مع خالتي ويبدو أنهما متفقتين..!
ما أن لمحت سديم الجالسة بجوار لمى ونصفها الآخر اريام حتى اتسعت ابتسامتها وقالت مستشهدة على أمر لا ادري ماهو
-”حتى رسيل تعرف صح؟”
ابتسمت..بل ضحكت وأنا أهز رأسي طوعاً..فأنا لا ادري ماذا اعرف!!
ألقيت نظرة عابرة على لمى لأجد خالتي تقول لي بسماع رنيم:
-” ها رسيل وش فيك ساكته؟”
ابتسمت ولم أجد ما أعقب به… لتقول خالتي موجهة كلامها لرنيم
-”هههه تراها مستحية الحين”
ابتسمت لي رنيم وقالت عدة كلمات انشغلت عنها لرؤيتي ابتسامتها…تلك المرة الاولى.!!
حاولت خالتي إشراكي بالحديث معهم وبدأت استجيب…مرت ساعة ليسكت الجميع أثر صرخة اريام واتجاهها نحوي..لا أدري لمَ أنا..!!
قالت بانفعال شديد:
-” لمى معنا بالمدرسة سديم ماتتذكرها بس انا تذكرتها”
قلت مجارية:
“لا صدق مصادفة…شلون؟”
لكنها قالت بكل براءة:
“هي معجبة بوحدة اعرفها الحين تذكرت”
أحسست بنظرات لمى تحدث ثقباً عن بعد،وبين العديد من الأصوات في هذا المكان إلا أنها قالت لتمنع الحديث:
“تعالي بقولك شي”
أنا لم اعر الموضوع أي اهتمام، حتى وان فسر ذلك رسوبها المتتالي،وعدم حضورها اليومي!
فلا تستحق حتى التفكير بها!
.-.
.-.
رن هاتفي إذ أن المتصل بدر
-”الو”
-”هلا رسيل ها ترجعين معي؟”
-”اكيد..اجل مع مين؟”
-”خالتي قالتلي يمكن ترجعين معها”
-قلت بسرعة وأنا اتجه للباب:
-”لا هذاني جايه”
استأذنت من خالتي والجميع، وأخذت حقيبتي واتجهت لباب لم آتي منه، يبدو انه يخص الرجال
بدر في السيارة.. أخذت اضغط على الدائرة الزيتية الصدئة لأفتح الباب..
ضغطتها عدة مرات ولايبدو أنها ستفتح..!
باب قديم..سأتصل ببدر ليأتي للباب الآخر.. قبل أن اخرج الهاتف رأيت عمر تقدم حينها والمشهد أمامه يفسر مطلبي..!
لكني قلت بتوتر:
-”ماينفتح”
خيل لي انه ابتسم وبيده الكبيرة تلك ضغطه ثم دفعه للأمام والخلف بقوة ،كاد أن يقتلعه…بعد تلك العملية كطفلة كدت اسبقه لأضغط مرة اخرى على تلك الدائرة
لولا أن يده سبقتني وهو يكرر العملية بكل قوة لتنال يدي ضربة بشدة قوته لكسر عناد الباب..!
كان يفترض بها تؤلمني! ،وتلك الرائحة كانت الأسبق بذلك،إلا أنني انشغلت فقط بضم يداي مواسية إحداهما الاخرى..
فتح الباب حينها بعد أن قال-”آسف”
لأرد بعبارة اخرى!
-”شكراً”
وأخرج وانفي مستمر في تجاهل رائحة سيجارته، متجاهلة إحساسي بالغضب،بالحزن،بالبكاء،بالتعجب،وحتى التقيؤ ….!
تجاهلت اكبر عدد من المشاعر في داخلي عندها..
وركبت السيارة وأنا أفسر لبدر تأخري بان الباب عالق وعمر كان يحاول اقتلاعه!!
ضحك علي بدر وهو يثرثر عن امور عدة ليست من ضمنها السيجارة المفاجأة! وأنا منشغلة بالنظر ليدي اليمنى…وبدأت أخوض حديث آخر بلا صوت، بلا معنى..!!
تحسست يدي، “ورحمت الباب”.!!!
اشعر بان كفي يعيد علي في كل مرة كيف حدث الاصطدام… كطفل اصيب ويجد متعة بإخبار الجميع!
أضغط عليه لأتأكد فلا أشعر بشيء..كأن إحساسي منشغل عن إرسال رسالة لعقلي لأشعر بالألم..!!
أو كأنه باختصار..خاضع لبنج موضعي…!
.-.
.-.
الساعة الواحدة وعشر دقائق صباحاً..
كنت متعبة، واريد أن أنام..
خرجت لأطمئن لوجود بدر في غرفته،لأراه غارق في النوم…
استلقيت في سريري وأنا أعد نفسي انه لا أفكار هذا اليوم… لايجب أن أعيش اليوم مرتين..!
قبل أن اغمض عيناي عادت لي لحظة رؤيتي لبدر بجانب عمر الممسك بسيجارة..
لأفتح عيناي بسرعة كمن يغير قناة لم تعجبة
لأجلس على حافة السرير وكأنني استيقظت للتو…!
-لايجب علي أن أتذكر ذلك…بل لايجب علي أن اهتم.. فانا على ثقة ببدر أنه لن يدخل السموم لصدره…
لكن بدر سيشاركه السموم عند نفثها..!
إني لا اهتم بها، عند رؤيتي لها سابقاً في يد أي شخص كأنني لا أراها، وعندما تمرني رائحتها تبدو لي رائحة كأخرى..!
أما رؤيتي لعمر…كانت كأبشع صورة آذت عيناي،إن اقتصرت على عيناي..!!
ورائحتها كانت رائحته،أو رائحته كانت رائحتها.. لها قدرة فائقة في الإصابة بالغثيان..!
-ترى منذ متى وهو يدخن؟؟
سؤال ضل معي حتى أذان الفجر، لانقله لبدر بعد أن عاد من الصلاة…
فاجأته ليقول:
-”مانمتي؟”
-”لا ماجاني نوم..الحين بنام”
ووقفت انتظر إجابته على السؤال الذي أسهرني ليقول وهو يصعد الدرج:
-”من شهور بس…”
تبعته وأنا لم أجد في إجابته مايشفي غليلي:
-”طيب ليش؟ يعني انت عادي عندك؟”
قال قبل أن يصل غرفته:
-”لاطبعاً مو عادي وأنا قاعد أقنعه يتركها قبل لايتعود”
لم يجبني على الشق الأهم من السؤال..لكن لم أود السؤال أكثر
بدر لايزال يشعرني كما في السابق أن عمر اخي الثاني…وأنا لازلت اعتقد ذلك أيضاً..!
تذكرت يوم أن سألت بدر عن مازن إذ كان يريد السفر أو لا… غضب مني بدر وغير الموضوع
استطعت النوم وأنا أتظاهر بأني لا أبالي بشيء ، بعد أن أعفيت أنفي عن تذكر رائحة سابقة عندما سألني عن كتابتي في تلك السيارة،
فكل ما اذكره أنه لم يدخن..ربما ذلك اليوم!
.-.
.-.
.-.
لم اكتب أي فصل جديد لقصتي،فأنا “استغل الوقت قبل سفر بدري والذي أصبح قريباً جداً”..
-كان عذراً اعطيه لنفسي في كل مرة..!
إذ أنني أود الكتابة لكنني افتقد صفاء عقلي، كنت في حالة تفكير غير منقطعة…
في سفر بدر،وعودتي لخالتي، وسيجارة عمر، وتجاهلي لدانه…ولأمور عدة كانت تشغلني لأنني كما كنت أترك الأشياء حتى تصلح ذاتها..!
لذا لست صالحة للكتابة..ولذا كنت في كل مرة أقول أن خطأ عمر بالتدخين يضايقني لأنه قد يمس بدر…
وبدر سيسافر…!
….
خرجنا لعدة أماكن رائعة لولا فشلي في ترك عقلي في المنزل حتى أعود..!
فغداً سيغادر بدر، وأعود لخالتي ، وتبدأ المدرسة..
لتعود الحياة كما كانت!
.-.
ما أذكره أنني كنت أعلق كل الأمور على عقلي وأقف متفرجة، حيث كنت أعتقد أن العقل يفكر لأنها وظيفته في جسدي وذلك بلا أسباب قد يكون حافزها القلب…
-لم أعي أن عقلي فكر بدانه لأنها مقربة من قلبي….
ولا بقية الأمور التي لها اتصال جهلته سابقاً…..وإن كنت مستمرة على ذلك..!!
.-.
.-.
كانت لدي حقيبة واحدة…كنت قد وضعتها قرب الباب…أنتظر من بدر الاتصال لأخرج
بما أن عمر الذي سيوصلني لمنزل خالتي،ويوصل بدر للمطار…
فلا عجب أن يعود ليشغل بالي عندما بدأت بتذكر طفولتي حيث كان والده في زيارة لنا ذات مناسبة…ليناديني وهو يسألني بإحضار منفضة سجائر…
قلت له حينها أننا لانملك واحدة…ألم يجد غير ذلك ليقتدي بوالده..!
لمَ سمح له وهو الأعلم بتدميره..!
-حقاً مضحك أظن انني الوحيدة التي فكرت بسيجارته ، أظن أن والدته لم تفكر بذلك أيضاً..!
أذهلني لاحقاً أنها المرة الاولى في حياتي التي افكر فيها كناضجة…!!
-” رسيل يالله”
قال لي بدر ذلك وأنا أرى عمر من تلك النافذة وأقول لبدر دون النظر إليه
-”وهو على كيفه يدخن ببيتنا؟”
لم انتظر جواب فقد خرجت وأنا اود أن اصفع عمر بحقيبتي الثقيلة…
وأقتلع اصبعه الحادي عشر.!!
.-.
.-.
.-.
اجاهد الا ابكي في وداعي لبدر…ولا أدري أيضاً كم سيدوم غيابه…
ألقيت نظرة مطولة على عمر..فهو الآخر لا أدري متى سأراه مجدداً…
كنت غاضبة منه قبل دقائق، وها أنا أشعر بأنني أود أن أقول شيئاً…
فلم أستطع سوى حبس دموعي وإحكام قفص صدري… متجاهلة دمعة ضلت طريقها
قال لي بدر مداعباً
-”كل هذا عشان بترجعين لخالتي؟هههه”
كان ذلك أيضاً مركز اكتئابي..!
-”هههههه”
ضحكت وانا امسح دمعتي وأقول بقرار مفاجئ
-”إذا تخرجت هالسنة بجي عندك”
-”ان شاءالله بس انتي شدي حيلك الحين ولايضيق صدرك..
(ثم أضاف وهو ينظر لشيء بعيد) ولو سمعتي كلامي ورحتي لعمي عالاقل ماعندهم لمى ههههههه”
ضحكت وأنا أعلم أن بعبارته اقتراح آخر لم يكن يعجبني ذات يوم…
فدخلت المنزل كما خرجت منه آخر مرة إلا بفارق بسيط لايسعني ذكره..!
.-.
.-.
.-.
-” تو مانور البيت”
كنت لازلت في فناء المنزل سمعت تلك العبارة والتفت إذ بمازن يقترب ويأخذ حقيبتي من يدي..
نعم أمسك بيدي..بل قبض عليها وهو يقبض على الحقيبة وكرر عبارته السابقة فلم اجبه..
بما انني في منزله فكل شيء يبدو حق له..! أوربما أنا “حساسة” لهذا الموضوع..!
قلت:
-”السلام عليكم..”
-”وعليكم السلام، ترا امي طلعت قبل شوي”
ومن قال اني في زيارة لامك،او خالتي..! ابتعد لأصعد لمأواي..!
هززت رأسي وأنا ابتعد عنه..نظرت ليدي مطولاً وأنا اصعد الدرج فلم أشعر بشيء أيضاً..!
كنت اعتقد ولازلت أن يدي مخبري السري بما يحدث حولي… !!
غرفتي أيضاً لايبدو أن شيئاً تغير فيها…
الآن ماذا سأفعل..!
جلست ملياً دون تفكير،فلم اشعر سوى أنني حزينة… وأفتقد حياتي…!
.×..///..×..///..×..///..×..
حزنتُ، فـلامني مَنْ ليس يدري… كـأنَّ القلبَ يحزن باخـتياري
أصـبِّــر قلبيَ الشـاكي فـيأبى…. موافقتي على معنى اصطباري
أأشكو للـعـبادِ وهم صغارٌ ؟!….. ومـاذا أستفيدُ من الصِّـغارِ ؟!
ومَنْ يشكو الظلامَ إلى ظلامٍ….. فلن يحظـى بـتأييـد النَّهارِ…!
*لـٍ عبدالرحمن العشماوي
)
الضوء خافت جداً هنا…
بعض أشعة الشمس تسترخي فوق ورقة الكتاب الذي لم يمل تأملي..ارخي أصابعي في تهديد لم يقع..
لكتاب لايسمع ولا يؤلمه السقوط…
يزداد الخمول كلما تقدمت الشمس خطوة دون التفات إلي..ودون نظرة مني لها…
امعن ناظري للكتاب كمن يقرأ،وعين أفكاري تجوب غرفتي مفتشة عن شيء لاتتوقع وجوده!
تتفقدها بعد الغياب القصير، لتعود مرغمة للكتاب..فأقرأ…
وأقرأ…وأقرأ حتى أنهيت ورقتين أو أكثر فلم انتبه للشمس حين تلاشت… فأظلم الكتاب..
ولم اعد استطع رؤيته يحدق بي ..!
أغمضت عيني لأفكر بما قرأت..
-كان اسطورة… وكانت اسطورة…حديث طويل جمع بين كان وكانت ألف حديث جميل منمق لايشبه سوى حلوى انتهت صلاحيتها!
كانوا…ماكتب كانوا..! الماضي فقط يحيط بهذا الكتاب..أي أنني افتش في حياة السابقين دون أدنى أمل أن أجد لازالوا..!!
الآن أعي أنني عشت الماضي مرحلتين واكتسبت عقدة البحث عن لازالوا…وأجدها تنفي في كل مرة كهذا الكتاب..لا….زالوا..!
كان الظلام كـ يد حانية تمسح على رأسي،او بالأصح عقلي..!
كصوت يقول دعكِ من ماضيهم فلن تري منه شيئاً مجدداً،واستجيبي لهدهدة الظلام وأغمضي عينيكِ..!
لكنني لن اغمض عيني حتى لا أنتقل لماضٍ يخصني،أو مستقبل اهرب منه!
حياة هؤلاء قد لاتبهرني…ماستثار عقلي أن شخص واحد استطاع ملئ سطور عشرات الأوراق إن لم تكن مئات…فقط عنه..!
وأنا عن نفسي.. لا استطيع كتابة حتى حرف..!
مؤلم أن أعي في هذا الظلام أنني لا شيء..!!
وانه لو أضاءت ألف شمعة فلن يراني احد..!
وأنني حتماً لن أجد أحداً يكتب عني يوماً ما..حرفاً واحداً!
-لمَ حياتي ليست كحياتهم…لمَ لاتتضخم بالأحداث،وتمتلئ بوقفات حكيمة..!
الأنهم كانوا أحرار!…فلاشيء كان يقيدهم…!
-خرجت من غرفتي كي لا أجن..وأنا اردد في ذاتي…عندما اصبح تلك السيدة حتماً سيتغير كل شيء..!
.
.
ولجت للمطبخ..، جلست بالقرب من خالتي تبادلنا حديثاً مطولاً عن حال الجميع غيرنا.. فبدأت معدتي تشير للمكان كطفل يجر عباءة امّه لتشتري له شيئاً…
حتى قفزت لمخيلتي فكرة واحدة..وشيء واحد اريد تناوله الآن..!
لم أجده، التفت لخالتي سألتها:
-” خالتي في كورن فليكس؟”
ابتسمت وتقدمت للبحث معي، ثم قالت:
-”اظاهر خلص”
امتعض وجهي قليلاً،وأنا متيقنة أنها لمى من تأخذه لغرفتها عناداً…لي!
-خرجت لأصعد لغرفتي فلم أجد بديل اشتهيه.. لأسمع خالتي تقول:
-”رسيل شوي وانزلي هذاني بكلم مازن يجيب معاه “
وقفت قدمي قبل أن تكمل خطوة أمام تلك العتبات المثيرة لتدحرج انفعالاتي كي لا أشعر بشيء جديد..!
كنت على وشك أن أقول لها..أنني لم اعد اريد شيئاً، لكنني تجنبت حتى حوار ذاتي
-فـ لو كانت لن تسألني عن السبب، لكنت قلت لها وإن لم يحضرني جواب لسؤالها المفترض أن يكون..!
قررت أن اصمت
لأكمل خطوتي باتخاذ قرار..اتخذته خالتي مسبقاً..!
.
.
وماكدت اصل غرفتي حتى رن هاتفي النقال برقم غريب…
تجاهلته قليلاً…ثم لم استطع…
-”الو”
قلتها وأنا على شكٍ كبير انه بدر من رقم آخر..فهو دائماً يجدني في الوقت ذاته
جاءني الصوت مندفع:
-”هلا والله”
ما ان خاب ظني قلت-”نعم؟”
أجابني:
-”الله ينعم عليك..بس بقولك ايش الكورن فليكس اللي طلبتيه؟اقصد أي نوع؟”
صفعني عقلي صارخاً:
مازن..!!
ولديه رقمي..!!
آثرت تعجباً على آخر..فكان يجب أن أتعجب من عدم معرفتي لصوته على الهاتف!
-”الـو”
قالها ليتأكد من وجودي، وأنا صامته..أقف كـ علامة تعجب!
-”أي شي”
قلت ذلك لأنهي المكالمة ،لكنه أضاف:
-”شوفي عندك هذي الأنواع”
وقبل أن يبدأ بالشرح قلت:
-”خلاص مابي شي”
-”ليش؟”
-”مع السلامة”
أغلقته بسرعة، لا أدري لمَ فعلت ذلك…جرأته أرعبتني، لدي العديد من الانفعالات التي لم اعد اشعر بها…وكأنها تدحرجت بالفعل أثناء صعودي..!
أكنت مخطئة أم مصيبة…!
يتبع ,,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك