رواية ملامح الحزن العتيق -48
انتهت الاغنية وهو مركز نظره عليها وكأنه يبي يشبع نظر ..
يبي يعيش احساسه وشعور ه بحرية من دون كبت وقيد ..
عيونه ولمساته وهمساته ..
فيها وله .. وفيها شغف ..
وفيها معاني واااضحه ..
تقول مغرم ومجنون ..
عاشق ومحروم ..
حست انها تخطيء بجلوسها معاه ..
خافت عليه وحنت رغم انها هايمه في عالمه واحساسه وحبه الواضح ..
قالت بهمس وصوت مبحوح : عماد ليه ماتروح تنام .
خانته كل قواه ومقاومته في لحظة انقيااااد ..
مسح على شعره قال : وش رايك ترقديني انتي ..!
وكأن سُكب في قاع بطنها قالب ثلج ... ذاب مع عروقها وجمد اطرافها ..
تكلمت جاهدة بجديه حتى تخرج وتخرجه من جو الوله : فين بتنام عند جدتي ولا في المجلس .
نفخ وصورة التقرير الأخير تنعرض قدام وجهه ..
وهو مابين خوفه ورغباته ..
قال لصبره ومقاومته وأشر على حضنها قال : ابي هنا ..
لاتحطني في موقف كذا ..؟
حرام عليك ..
انا اضعف من هالقرارات ..
انت الصامد المتحكم دايماً ليه الليلة بالذات تمسكني زمام الامر ..
شافها ساكنه وساكته ويمكن خايفه ..
وقف ورشف من العصير رشفه ونزله بتوتر ..
قرب منها ولثمها على وجهها وحرارة انفاسه تلهبها قال : حطي فراشي في المجلس وعسى الله يصبرني بس . ... زين انتس اقوى واحرص مني .. انتبهي لا تجاريني اذا ضعفت ..
غمضت بعيونها بقووة قالت بصوت منخفض : ترى خلاص موعد التطعيمه الثانيه قريب .. وانت اللي بتوديني .
مسح على راسها قال بلهجة حازمة : لاعاد تاخذينها ياشادن ..
رجع لكوب العصير شرب نصه جرعه وحده .. لعل برودته تطفي شي من اللي بداخله ..
قال لها انا بدخل اتروش على بال ماتفرشين فراشي ..
ابتسم لها باحباط واكمل : لاتخليني اشوفك ترى الظاهر ماعاد به صبر ياشادن .
قلبها يوجعها ..
وحستها انها صدته .. بس لابد من تحذيره حتى مايندم بعد كذا ..
قالت : عماد ..
التفت لها قال : لبيه ..!
: ليه ماآخذ التطعيمات .
تنهد ونفخ وزم شفايفه قال : مالها داعي وبس ياشادن .
انسحب من قدامها واخذ منشفته اللي جابها معاه واغراضه الشخصيه من صابون وشامبو وفرشاة شعر وفرشاة اسنان ودخل الحمام وهي يشتعل قلبها حيرة وقهر ..!
جلست معاه في السيارة ..
قالت : فهد ..
رد عليها ببرود : لاتقولين اهلي ماكملتي 24 ساعه من يوم طلعتي من عندهم .
قالت : لا مو اهلي ..
: اجل وش تبين اخلصي عليّ .
اخذت نفس عميق قالت بهدوء : انا آسفه على اللي صار .
وكأنها صبت على راسه ماء بارد في عز الهجير ..
ماعلق ولاوضح لها اهتمامه بالسالفه ..
قالت مرة ثانيه وبصوت مخنوق : فهد والله آآسفه .. انا من عرفت انك .. انك ... انو .. ياربي ماادري كيف اتكلم المهم اني فهمت الموضوع ومرة ندمانه على كلامي ..
ركز نظره في الطريق .. واكملت : خلاص آآسفه .
رفع حاجبه وقال ببرود : وين اصرفها فيه آسفه هذي اللي انتي تقولينها ..
سكتت وبلعت غصتها ..
واللي عليها سوت ووكلت امرها لربها ..
لأول مرة من بعد موقفها معه يستشعر طعم الراحة والفرح ..
وكأنها ازاحت عن قلبه حمل كبير ..
قال فهد : وين تبين تتمشين ..؟
ردت بانفعال حاولت ماتوضحه وماقدرت : ماابغى اتمشى .
قال متظاهر بعدم الاهتمام : زين جزاتس الله خير .. حتى انا مشغول موب فاضي لتس .
لفت راسها على الشباك وطالعت في اللامكان وعقلها مشغول فيه وفي شخصيته الغريبه ولامبالاته وبروده ..
وهو اكتفى بكلمة وحده حتى يحلم ويتمنى ..!
***
يوم آخر ..!
اصبحت ماشافته ..
ماله اثر الا فراشه
والبطانيه على وضعها
ومثل ماهي مطبقتها وتدل على انه ماتغطى فيها ..
دقت عليه مرة وثنتين وثلاث حتى يجي للغدا ومارد ولا دق ..
في نفس اليوم ..
رجع نايف وترك امه عند اخوها ..
بكت لاجله
ودعت له
وأبت الا انها توقف جنبه في عز محنته
وتراعيه بدال زوجته المهمومه من مصيبة ولدها وهم الفضيحة ..
ورغم كل اللي سواه فيها لقاها الاخت الطيبة والحنون ..
مر اليوم كله هي مشغوله فيه وهو ملتهي عنها وفيها ..
نايف وجدته قضوا يومهم سوالف قديمه وجديده ..
بعد العصر طلع نايف للمستشفى بتقارير خاله ابونادر لعل وعسى انه يلاقي علاج يخفف ولا يرجع له شي من صحته بعد الله ..!
وبعد اذان العشا ..
كانت ام ناصر تملا المكان بروح العبادة والصلاة ..
دخل نايف بأوراق وملفات اثارت بداخل شادن الكره والتقزز لأن مثلها حملت لها اسوأ الأخبار في حياتها ..
ماانتبه لشادن الواقفه تمسح الطاولات وتنفض الكنب عن الغبار قال بصوت عالي : شاااادن .. شااادن ،، وبصوت اعلى : شااااادن ..
قالت بصوت اقرب للهمس : ياخي قصر صوتك .. جدي تصلي . بعدين ماتسمعني اقول لك نعم نعم نعم من اول ماناديت ..
حك شعره قال : لاوالله ماسمعت .. اسمعي عماد وش عنده في السعودي الالماني .
قالت برهبه وخوف : اش عنده ..؟
جلس نايف بتعب قال : ماادري انا اسألك .. انا كنت رايح اودي تقارير خالي اشوف اذا له علاج عندهم جبته هنا .. الهم شفت ابو مشعل خارج وفي يده اوراق وناديته عشر مرات كل العالم سمعوني وهو ماسمعني .. دقيت على جواله اول شي مارد بعدين اعطاني مشغول ثم قفل جواله .
ارتبط في ذهنها منعه لها من التطعيم واللي صار ..
وطاحت المنفضه والمناديل الورقيه من يدها ..
وجلست وكأنها انضربت على هامتها بآله ثقيلة ..
اخذت جوالها ودقت عليه والنتيجه مغلق ..
قالت : طيب ماشفته وين راح ..
رتب نايف الاوراق اللي في يده ودخلها بملف واحد وقال : مريت من عند مسجد قبل اذان العشا واعتقد اعتقد اني شفت سيارته ..
جزمت ان فيه شي ..
اما خير ولا شر ..
سمعت جدتها تنادي نايف قالت : نايف ياويلك لو قلت لجدتي شي تراها ماتتحمل كلام مثل هذا .. فاهم .
حط يده على شعرها وبعثره بحركه طفوليه قال : تعلميني انتي اش اقول لجدتي واش مااقول .. اسمعي بس رجالك تعبان فيه شي .
باغته بإجابه سريعه : لااا مافيه شي الحمد لله ..
زم نايف شفايفه قال : اجل استعدي شكله خطب وراح يسوي فحص ماقبل الزواج ومن الفرحه مايبغى يكلم احد .
ارتمت على شفاهها ابتسامه كاذبه وباردة .. قالت لنايف اللي اعطاها ظهره رايح لجدته : ربي يهنيه اذا يبغى يتزوج .
وقف نايف والتفت لها قال : نعم ..؟ اش قلتي ..؟
ماردت عليه وطلعت فوق ..
كافيها جروح وعذابات وهموم ..
حاولت تتصل عليه ونفس الاجابة .. جواله مغلق .
وبعد ربع الساعه ...
انتبهت للمسج اللي وصلها ..
فتحته بسرعه وكان من عماد ..
التهمت حروفه وكل كلها ينتفض ..
معترضه عليه وعلى تصرفاته ..
ليه يعذبها وكل مرة يطعنها في مذبح ..
ينزف جروحها ويزيد آلامها ....
حست بعدم قدرتها على الاحتمال ..
دارت فيها الأرض وطاح الجوال من يدها متحول لاجزاء صغيره وطاحت معاه مغمى عليها ..!!
قراءة ممتعة ارجوها لكم
الفصل الحادي والعشرون
~~ يانصيبي انا راضي ~~
صد وجفا ..
وطال السكوت ..
عيونها فيها حكي
وبشفاهها مات الكلام
ليه الكلام ..؟
دام الكلام ماينسمع ..
ماينفهم ..؟
ياصاحبي
تعال واقرا داخلي
ندمانه واطلبك السماح
وجفاك يسكنني جراح (#)
يومين مرت وضاقت بها الدنيا والملل تمكن منها وصابها بروده ..
والكلام ماعاد له حاجه وهو مايلتفت لها ان همست
ولا يسمع لها ان اعتذرت ..
ولايهتم لها ان حسسته بوجودها ..
جالسه على كرسي التسريحة ..
تحاول تشغل نفسها بتزيين اظافرها بطلاء زهري لامع ..
تأففت وهي تسمع صوت التلفزيون انطفى ..
تمنت لو انها عند اهلها تتكلم ويكلمها احد .
ولا معاهم ثالث في البيت يحرك السكون اللي استوطن من اجواء الشقه وقلوبهم ..
تحركت وهي تنفخ على اظافرها حتى تجف مناكيرها بسرعه
ووقفت بجلابيه تصميمها مغربي شكها ناعم والوانها مابين الزهر والموف ..
خللت شعرها المنسدل على اكتافها بأريحيه مناقضه لانفعالاتها واعصابها ..
رجعت لمته من جديد ثم اتاحت له حريته ..
وانسدل مرة ثانية على كتفينها بنعومه مبين قصته المدرجه وخصله الشقرا ..
بخت من عطرها اللي تحب وتفضل ( ستيلا ) وانتشرت ريحة الورد في الغرفه وداهمها احساس بالانتعاش نوعا ما ..
قدمت خطوتها بتفتح الباب وانفتح قبلها ..
لابس ثوبه وشماغه في يده ..
حاول يصد عنها وماقدر ..
اخيراً استسلم وهو يطالع في عيونها اللي ارسلت نظرتها للأرض بغية الابتعاد عن عيونه الجريئة الواسعه ..
دارى ابتسامة اعجاب ومحبة وتظاهر بعدم الانتباه والاهتمام لشكلها وزينتها اللي اضافت لها انوثه وفتنه ..
قال بارتباك اخفاه بصعوبه خلف بروده وجفاه : انا ماشي للمسجد .. لاارجع الا وانتي جاهزة حتى تروحين معي .
شبكت يدينها في بعض قالت وفي بالها انه بياخذها لجدته عند نايف : فين بنروح .
لبس شماغه وهو معطيها جنبه قال : ليا طلعنا تعرفين وين بتروحين ..
مشى مااعطاها مجال للكلام ..
وهي رجعت للغرفه بقهر ..
صخر .. جماد .. ماعنده احساس ومو بني آدم
عارف اني ندمانه وتأسفت واعتذرت ..
اش يبغاني اسوي له ..
زفرت بملل وهي تطالع في المرايه ..
لابسه وجاهزة وموناقصها شي حتى تبدل ..
اخذت شرشف صلاتها ولفته عليها بعنايه وكبرت على سجادتها ..
صلت العصر وقبل ماتسلم توجهت للي ماتصعب عليه الصعاب طلبته ورجته انه يرأف بحالها ويساعدها ويرضي زوجها عنها ..
سلمت على يمينها وشمالها وقامت تجهز عبايتها وشنطتها ..
وقبلها اخذت جوالها دقت على رقم شادن وزمت شفايفها محتارة ومحبطه من تقفيلة شادن لجوالها (مو على عادتها ) ..
راحت تنتظره في الصاله ..
جلست مكانه ..وهي تتخيل شكله وعيونه وضحكته اللي ماسمعتها الا لمن كان عند جدته ..
وتذكرت كلامه عنها لجدته ..
شالني على ذراعه .. !
عضت على شفتها السفلى بخجل ..
وش كان انطباعه عني قبل كلامي
معجب ..!
ولا يحب ..!
طيب وانتي ياسارة ..
حبيتيه ..؟
ولا معجبه في شخصيته ورجولته وشهامته ومواقفه النبيله معاكم ..؟
اسئله دارت في ذهنها لنفسها وكانت الاجابة محيرة ..!
فتح فهد الباب وشافها جالسه في الصاله وفي مكانه اللي اعتاد يجلس فيه مقابل للتلفزيون ..
ارتبكت ووقفت وعبايتها في يدها قالت : نمشي ..!
رد عليها بكلمه وحده : ايه .
طلع قبلها ووقف على باب الشقه وهي تلبس عبايتها وطرحتها ونقابها الضيق على عيونها .
قال بلهجه حاده وهو يدخل المصعد : غطي عيونتس ..!
سحبت طرحتها واضفتها على عيونها مقلده شادن وطريقتها قال : بعدين لاتكثرين العطر وانتي طالعه ولا اقولتس لاعاد تحطين عطر بالمرة اذا بغيتي تطلعين ..
تلعثمت من قسوة لهجته الجافه قالت : لمن تعطرت ماكنت اعرف انا بنخرج ..
انفتح المصعد وراحت تتبعه منقاده لأمره وصابره على تجاهله وبروده وجفاه وقسوة لهجته ..
***
على الأرض ..
شَعْرَها متبعثر على وجهها مثلها..!
جوالها متكسر مثل روحها ..
برودة جسدها مثل حياتها بعده ..
اثر دمعه نازلة على خدها اللي ياما عانق دموعها واعتادها ..
دخلت عليها الشغاله تبي تسألها وش يسوون عشا عشان حتى تتأهب وتستعد ..
وكان المنظر كفيل انها تصرخ وتنزل تجري تنادي نايف بهلع وخوف ..
: مستر مدام شادن يطيح تعبان .. مافيه يقوم ..
فز نايف من جنب جدته الجالسه على سجادتها وتستجوبه عن مشواره للمستشفى وعن كلام الدكاترة عن حالة خاله
اخذ الدرج بثلاث خطوات ودخل غرفتها ..
رفع راسها على ذراعه وصرخ بالشغاله تجيب مويه وامتد العطر من فوق التسريحه القريبه منه بيده الثانية ..
شممها العطر ومافاقت ..
وضربها على خدها بخفيف وهو يناديها باسمها علها تسمع وتحس وماحست ولاسمعت ..
دخلت الشغاله بالمويه .. ورشها على وجهها وكانت كما هي ..
شبه ميته ..
شالها بين يدينه وهو يصرخ بالشغاله المرتجفه وخايفه : هاتي عبايتها بسرعه ..
نزل بها مع الدرج ..
جثه ..! ولا شبه جثه ..!
للحين مايدري ..!
سمع جدته اللي خانتها رجولها وماساعدتها في موقف مثل هذا وماقدرت تلحقهم او حتى تتحرك من مكانها ..
تجاوز نداءاتها ولهفتها لخارج البوابه والشغاله تجري وراه ..
توقف عند البوابه ورمت الشغاله العبايه على جسدها ووجهها وخرج للسيارة ..
دقايق كانت بطيئة عليه وسريعه على الزمن وكان نايف في قسم الطواريء يشيلها بين يدينه ..
شادن الام الحنون والاخت الرقيقه ..
البنت اللي رباها وربته
والصديقه المخلصه ..
مرت دقايق طويله وهو ينتظر ويااااصعبك ياانتظار ..
طلعت له دكتورة سعوديه منقبه قالت : انت قريب المريضه ..
رد بلهفه : ايوه اخوها ..
: تطمن هي بخير .. تعال لمكتبي ابغى اسألك بعض الأسئله عنها .
قال بلهفه : ابغى اشوفها اول شي ..!
ردت : هي الحين نايمه اديناها مهديء ومنوم .. اختك متعرضه لصدمة عصبيه .
عقد حواجبه مستغرب وقال مستفسر ومستنكر : صدمه .. ماصار شي ...
وقف الكلام بحلقه وهو يتذكر اشلاء الجوال ..
طلع جواله بسرعه ودق على عماد ..
والنتيجه مثل ماتوقع ( مغلق )
ارسل له رساله وخطواته تتبع خطى الدكتوره لمكتبها .. ( شادن في المستشفى اذا امرها يهمك )
دخل عند الدكتورة متناسي ان فيه شخص يتخبط ويتآكل من الهم على قطعة قلبها ولايدري كيف يوصل لها او حتى يخرج من باب البيت ..
سردت له الدكتورة اسئله اعتياديه .: متزوجه ..
: ايوه ..
: كيف علاقتها مع زوجها ..؟
: اللي اعرفه انهم تمام .. بس اذا هي تخبي عنا هذا شي ثاني .
: طيب فيه مشاكل في حياتها تخليها تفكر كثير ..
هز نايف راسه بلا بعدين قال بنفسه وهو يتذكر ويتأكد ..!
اكيد من عماد .
ولا صدقت كلامي عنه لمن قلت انه بيتزوج ..
نفض راسه والدكتورة تواصل الكلام ..
متى آخر مرة شفتها قبل مايغمى عليها ..؟
سند براسه على الكرسي قال : قبل دقايق وماكان فيها شي بس الحين تذكرت ان جوالها كان متكسر اكيد انها كلمت احد ..
سجلت الدكتورة بعض الملاحظات في ملف شادن ووقف نايف قال : انا لازم اشوفها يادكتورة .. حتى لو كانت نايمه .
هزت الدكتورة راسها قالت : تفضل بس ماتكلمها ولاتحاول تفتح معاها أي نقاش اذا هي ماتبغى .
طلع نايف وهو يقول : يصير خير ..
دخل غرفتها وجلس على كرسي مقابلها ..
حاول يخمن وش صار ووش قال ..
ساعه ..
وساعه ثانية ماحس فيها لأنه ينتظر متى تصحى شادن وتقول له على سبب انهيارها ..
دق جواله وكان المتصل فهد ..
رد عليه نايف بتعب .. : هلا فهد ..
: هلا بك علامه صوتك اللي يشوفك يقول ميت لك احد .
رد نايف بجديه وصوت واطي : شادن تعبانه وفي المستشفى .
تغيرت لهجة فهد لنفس جدية نايف قال باهتمام : وش فيها ..؟
: ماادري اغمي عليها فجأة .
: لايكون عشان عماد يبي يسافر .
سكت نايف ثواني ثم قال : هو قال لك انه مسافر .
: ايه قال لي بعد صلاة العشا .
زم نايف شفايفه وبقلبه " الحين عرفت "
قال فهد : وانت معها في المستشفى ...؟
: ايوه طبعا .
: وجدتي لحالها ..
ارتعب نايف ووقف بسرعه قال : نسيتها الله يلعن الشيطان .. الحين يمديها قلقانه ...
قاطعه فهد : ياخي انت صاحي ولامجنون .. ليه مادقيت عليّ ولا على مشاري ولا ..
قاطعه نايف بدوره : فهد مو رايق لك مع السلامه ..
قفل من فهد وطلع من المستشفى لجدته بأقصى سرعه ..
جدته ماتتحمل الاخبار الشينه ..
لازم يروح يطمنها ..
حتى لو يكذب عليها ..
ركب سيارته ودق جواله وكان المتصل هو الغاية وهو المطلوب ..
رد بعصبيه حاول يخفيها احتراماً لعماد وتقدير : هلا ياابو مشعل مابغيت تكلم .
رد عليه الثاني بحزن ماخفي في صوته : بأي مستشفى ..؟
: مستشفى ال... اللي قريب من البيت ... ليتك تجي عندها بدالي انا برجع لجدتي ..
وبنفس الحزن ونبرة الوجع اللي ماخفت على نايف قال : زين مع السلامه .
تحرك نايف للبيت والأسئلة تاكله من كثر الحاحها على معرفة وش فيهم ووش صاير ..!!
..
باقي ساعتين عن موعد الرحلة ..
لولا انه فتح جواله يبي يكلم فايز ويأكد عليه بعض الأمور ولا يمديه راح ماشافها وهذا حالها ..
دخل المستشفى ببنطلون اسود وقميص بيج ملقلم بأسود انيق بربطة عنق مهمل ربطها لأنها خنقته ..
سأل عنها الموظفه وتوجه للمكان اللي دلته عليه ..
خطوته الثقيله تحثها لهفة قلبه على الخطا ..
هذا اللي جنته مني
دمع وبكا وهموم ..
ماشافت الفرح من يوم عرفتني
دخل للغرفه وعيونها اللي يهيم فيها مغمضه وتخنق دموعها ..
وجهها مكتئب وعقدة حواجبها تدل على عدم رضاها واعتراضها على فعايله ..
وقف بجنبها وباس جبينها
غصب عني يالحبيبة
بُعدي والله ماهوي بايدي ..
تحركت يدها وعقدت حواجبها اكثر ..
كابوس راودها من جديد ولا واقع مؤلم بتبدا خطواته من هاللحظة ..
بدون عماد ..
الرساله .. " " مسافر المانيا بعد اربع ساعات .. الله العالم متى ارجع ..
اكتمي اللي بيننا ياشادن .. ان طولت عليك ومليتي لاتنتظريني وان مارجعت سامحيني "
صرخت وعيونها تتفجر بالدموع ..
وعلى صرختها اللي تمنت يظهر معها شيء من وجع ..
التقت صورته مع تذكرها لكلام الرساله ..
يعني يكذب عليّ
ولا جاي يودعني
جلست بانفعال وصرخت من جديد
متجاهله قانون الصبر في حياتها
متجاهله انها في مكان ايقنت انه مستشفى مليان ناس بأمارة الحبل الموصول من قارورة مغذي ممزوج بمهديء لوريدها ...
تمردت على هدوءها وثباتها وهي تشوفه بالملابس الافرنجي دلاله على ان كلامه حقيقي وانه مساافر ..
دخلت الدكتورة بسرعه وصرخت فيه وهو يحاول يضمها وهي متمرده وثايرة : لو سمحت اطلع برا .. لو سمحت المريضة عندها صدمه وانهيار مانسمح لاحد يكلمها .
رد برصانه ولهجة حاده : هذي زوجتي وانا احرص منك عليها .. انتي اللي لوسمحتي .
وجه كلامه لشادن اللي مسكت بذراعه وهي تبكي بانهيار وخصلتها متبعثرة وملتصقة بدموعها ..
تجاهل وجود الدكتورة اللي حست من نبرة صوته بقوة شخصيته واكتفت باسداء الأوامر للمرضه انها تحقنها بمنوم .
قال بصوت هادي : شادن .. عمري .. شادن قلبي .. طالعي فيني وهدي نفسك .. طالعي فيني ... شااادن .
ابعد الشعر عن وجهها ورفع راسها ولصق شفايفه على جبينها وهي تتنهد وترتجف قال بحنان بالغ : عمري انا .. لاتبكين عساني ماابكيك .. لاتبكين ماله داعي كل هذا ..
مددها على السرير وانحنى معاها وراسها على صدره .. قال : ارتاحي ياعمري .. ارتاحي ولاتفكرين بشي ..
من بين تنهداتها وآهاتها المتكرره وشهقاتها المتواليه ووجهها اللي اغرقته دموعها وعماد انا احبك وآآآه .. و مااقدر اعيش بدونك رواح اموت لو تخليني وعماااد احبك تكفى لاتروح وتتركني ولاخذني معاك .. تكفى عماد والله راح اموت ..
ثبت يدها للممرضة وطالعت فيه من قرب تستجديه يقول لها شي يطمنها قبل ماتغيب عن الوعي بفعل المنوم ..
يقول عشانك خلاص ماني رايح ..!
عشانك بكون معك ..
وبصير لك .
وبرضى بقدر ربي عشانك ..
لمحت دموعه مستقرة بمحجر عيونه لاهي اللي نزلت ولاهي اللي اختفت ..
ثارت انفعالاتها من جديد ..
وحاولت تصرخ وتصرخ وتصرخ وتعبر ..!
لكن المنوم اثقل لسانها وصوتها ثم عقلها ..!
نامت في عز كابوسها وهو محتضنها ..
البعد شرٌ لابعد منه ياشادن
قالها قبل
ويقولها الآن وبإصرار ..
لثم جبينها مودع ..
ولثم يدينها اللي تشبث العطر فيها مثل ماتشبثت روحه فيها ..
استنشقه بحنين وشوق رغم انه بين يديه ومافارقه ..
ولمها على صدره اخيرة قبل الوداع ورحيله ..
ونزع نفسه مجبر وصوت جواله بنغمته الحادة يملا المكان ..
وقف وهو يشوف اسم فايز على شاشة الجوال وتذكر انه ينتظره حتى يوصله للمطار ..
ووقف قلبه ثواني وهو يتذكر انه يمكن يعود ويمكن مايعود ..
ودعها وترك دمعته تنزل تودعها ..
وترك قلبه عندها ..
طلع يمشي بخطوة اثقل من قبل ..
وهم اكبر من قبل ..
وحب اعمق من قبل . ..
لمح نايف جاي من بعيد وغير وجهته حتى مايفضحه دمعه وطلع مع بوابه اخرى ..
ركب سيارته وفتح جواله وكتب لفايز رساله بدال ماينكشف حزنه من صوته المخنوق .. ( مشكور يافايز دبرت امري وجزاك الله خير .. نلتقي على خير ان كتب لنا الله لقا )
شد على المقود بيدين ابيضت مفاصل اصابعها إثر التوتر ..
ومسك الطريق اللي يودي للمطار .. او للبعيد .. او للاعودة ..
شوفة شادن بهالحال كسرت الحاجز الصلد وسمحت للدموع بالانهمار ..
بكاها حب
بكاها ندم ..
بكاها قهر
وعشق وشوق ..
بكى ليلة زواجها ..
بكى نظرة اللوم في عيونها
وبكى محاولاتها بشتى الطرق انها توصل له وهو يصدها ..
بكاها الم وبكاها عذاب وبكاها أمنية وبكها وله ...
رجع مسك جواله بيد ترتجف وفتح على الرسايل في لحظة تشويش وحنان ( شادن تركتها امانه عندك انت بالذات )
ارسلها وهو يغمض عيونها على سيل الدموع ..
***
عريس مداوم ..!
ودوامه من الساعه ثمانية صباحاً للساعه خمسة العصر ..
وعروس لوحدها في الفندق تنتظر رجعته بفارغ الصبر ..
هي تدري انه مهموم من عمايل ليلى اللي اعطاها عماد عنها فكرة .. ( ماكانت معه زينه .. )
احياناً تشوفه طيب ومرح وفجأه يقلب وكأنه شخص آخر ..
املها بالله وبشجاعتها انها تغيره وتعوضه ..
طالعت في الساعه 9 مساءً ..
باقي ربع ساعه ويوصل من البيت اللي راح يبيع اثاثه بعد مافرجها امس عليه ..
تذكرت لمن قالت مانبي نغير الا غرفة النوم واصر على تغيير الأثاث كله .. وابتسمت لاهتمامه فيها ..
قفلت كتاب لاتحزن لعايض القرني اللي اهداه لها عماد واللي ملا عليها فراغها ونفعها وأفادها ..
وحطته في درج الكومودينو وراحت للحمام
تحممت ولبست ساري هندي ستايله يناسب شكلها اللي له طابع هندي ..
كـ سَمار وشعر اسود وعيون عسليه واسعه ..
لصقت في جانب انفها زمام على شكل فص لامع بعد مازينت بمكياج هادي يناسب لبسها ...
تمنت انها في بيتها حتى تاخذ راحتها اكثر .. وتستقبله بقهوة وشاهي وبخور وعشا من صنع يدينها .. بس الايام جايه ان شاء الله ..
انفتح الباب ودخل احمد وهي تستقبله عند الباب بابتسامه خجلانه ..
ماسوتها ليلى من سنين ..
كل مادخل حصلها نايمه او على اللاب توب ..
صغرها وابتسامتها وفرحتها الباينه على وجهها بعودته واهتمامه فيه يمنحه احساس بالارتياح بعد جهد العمل ..
مد عليها شماغه وعقاله قال : اشوفتس لابسه تبين تطلعين .
هزت راسها بلا قالت : لا ماابغى اطلع وانت تعبان .
قال : اذا ودتس تطلعين ماعليه نطلع ساعه ساعتين عشان تستانسين .
ابتسمت برقة قالت : الايام جايه ان شاء الله .. بنتمشى ونستانس بعد مانسكن بيتنا ..
اقسم بالله في نفسه انها اعقل منه رغم ان عمره ضعف عمرها ..
سحبها بيده وجلسها بجنبه وباس جبينها .. قال : اشهد ان ابومشعل اختار لي .
ذابت خجل بين يدينه وطيب كلامه وحست انها انجزت جزء بسيط من المهمه لمن ادخلت لقلبه الاطمئنان والارتياح والباقي يهونه ربي ..!
***
في مطعم راقي جداً ..!
جوه شاعري ..
في الهواء الطلق
بدون حواجز او سقف وحجاب ..
فوانيس صغيره تضيء الظلام
وطاولات وكراسي عريضه تشبه الجلسات العربيه توحي بآصالة وتراث
وجو جده ربيعي ..!
الهواء النقي والنظيف يلفح القلوب قبل الوجوه والأجساد
قال فهد لسارة الشاردة بذهنها بعيد عنه وقريب منه ..
: قومي نبي نروح للبوفيه .
ناداها مرة ثانيه لأنه مالقى منها جواب او ردة فعل ..
: ماتسمعين انتي ..
ليه اختار المكان هذا ..!
وليه يعذبني كذا ..
وليه يحسسني اني على الهامش في حياته .. وانا مو على الهامش اكيد ..
رفعت راسها لصوته اللي ارتفع : هيييييي لاتفضحينا بخلق الله يقولون اني اكلم وحده صمخا ماتسمع ..
قالت باستغراب : هاااااااا ؟؟ ايش ..؟ صمخا ..؟
ابتسم لأول مرة لاشعورياً قال : يعني طرشة .. صمَّا .
ابتسامته احيت فيها امل وكلمته اغاضتها وامتزج فرحها بغضبها ..
قالت بشبه انفعال : طيب اشتبغى مني ..؟
غمض عيونه وفتحها قال : تكلمي بأدب اول شي ثم قومي بنجيب لنا عيشه ناكلها .. ولاتبيني اجيب لتس معي .
يتبع ,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك