بارت من

رواية ملامح الحزن العتيق -49

رواية ملامح الحزن العتيق - غرام

رواية ملامح الحزن العتيق -49

ابتسم لأول مرة لاشعورياً قال : يعني طرشة .. صمَّا .
ابتسامته احيت فيها امل وكلمته اغاضتها وامتزج فرحها بغضبها ..
قالت بشبه انفعال : طيب اشتبغى مني ..؟
غمض عيونه وفتحها قال : تكلمي بأدب اول شي ثم قومي بنجيب لنا عيشه ناكلها .. ولاتبيني اجيب لتس معي .
قالت بزعل : جيب لي على ذوقك ... مافيني اقوم رجلي تألمني من المشي .
تذكر ان المسافه اللي بين المواقف والمطعم مو قصيرة ..
قال بدون تركيز : لاحول ولاقوة الا بالله .. ليش ماذكرتيني ان المشي يتعبتس على رجلتس .
قالت بنفس النبرة : متى اذكرك ..؟
تذكر ان مافيه بينهم كلام اصلاً عشان تذكره ولاتقول له شي .. ووقف .
جاب صحنين فيها زر ولحم وخضار وسلطه ..
قال وهو يمد صحنها عليها : ان ماعجبتس قومي جيبي لتس غيره .
رفعت حواجبها قالت بتغيضه : لاوالله ماني رايحة ولامتحركه من مكاني .
مارفع نظره لها قال بعد مادخل اللقمه في فمه : والله عاد انتي حرة .. تبيني اجيب لتس غيره ماعندي مشكله تبين تاكلين اكلي .
دفت الصحن بعيد قالت : اصلاً مااقدر آكل من تحت الغطا .. ماتعودت .
طالع فيها شوي قال : يعني آكل لحالي .
: فهد لاتعقدها .. عن جد مااعرف آكل من تحت الغطا .
بلع لقمته بصعوبه قال : اجل ذكريني اذا وديتس للديرة اخليتس تعودين على البرقع وتاكلين من تحته .
كانت ردة فعلها تسبق تفكيرها وهي تقول : اييييش ..؟ والله لو ايه مالبسته .
التفت وبداخله ضحكه لو سمح لها بالانطلاق سَمَّعْها كل اللي في المطعم ..
شافت الويتر جاي ناحيتهم في يده معسل قالت باستغراب : طالب معسل انت ...؟
التفت فهد للويتر وكمل اكله وهو يقول : ايه وش يردني لااطلب وانا واحد حقير وقذر وتافه ..
حست ان كلمته خنقتها وامتلت عيونها بالدموع قالت بصوت متهدج وهي تشوف الويتر يتجاوز طاولتهم للي وراهم : قلت لك آسفه .. كنت فاهمه غلط .. ماتعرف تسامح ...؟
توقفت اللقمه في حلقه وشرب نص كاسة المويه ودف الصحن وسند بظهره على الكرسي المبطن بمسنده مريحة للظهر ..
طلعت منديل من شنطتها مسحت دموعها وانتبهت لاصوات بنات يضحكون وراها ووحده منهم تتغنج تقول خلااااص اسكتوا فشلتونا في الرجال ..
التفتت سارة للبنات وكل وحده بلثمه وعيونهم ملونه وممتلئة بأنواع الكحل والشادو ..
التفتت لفهد فوراً وشافته صاد عنهم وكأنه منحرج ..
قالت : نمشي ..؟
رد عليها وهو يرجع يده ورى الكرسي بارتياح قال : لا اصبري شوي تو السهرة بدت .
حست انها تكلمت معاه الليلة عن الثلاثه ايام اللي راحت وشكلها زودتها ..
لكنها ماقدرت تسكت واصوات البنات مزعجتها واثارت الغيره بداخلها..
ومافات فهد مللها من الجو والمكان خاصة لمن قالت : طيب ممكن نغير جلستنا ماني مرتاحه هنا .
ارتفعت اصوات البنات ضاحكه ووحده تصرخ تقول : اماني حطي يدك على قلبها البنت خلااااص ذابت ..
تحرك فهد ووقف قرفان من حركات البنات قدامه وكلامهم عنه قال : قومي تعالي لطاولة ثانية الشرهه والله على اللي فالتهن في هالليل ..
تنفست بارتياح ووقفت معه وتفاجات بمسكة يده ليدها لأول مرة ومشى معها وهي مستسلمه بارتياح ..
راحوا لجلسه بعيد عن جلسة البنات وقريبه من المسرح المرتفع على شكل صخور طبيعيه وحوله اشجار غابات توحي بشاعريه ورومنسيه ساحرة ..!
جلس بجنبها على كرسي واحد يكفي شخصين ويدها في يده ..
حست بحرارة تسري في جسدها ..
وحاولت تسحب يدها وشد عليها وهو يطالع في المسرح
قال : فيه مطرب بيجي الحين صوته حلو ..
حست انه بدا يتقبلها ويكلمها ..
تنفست بعمق وارتياح ..
وقبل ماتتكلم صدح صوت الموسيقى في انحاء المطعم المكشوف للسماء والنجوم ..
وكأن الصوت اللي طغى على كل الكلام انقذها من رد تلعثم على شفاهها بفعل مسكة يده ليدها ..
يعني يعني ما ودك
تجينا يعني متكبر
علينا يعني متكبر علينا
يعني ما ودك تجينا
يعني متكبر علينا
صرت متغير وقاسي
صرت حتى اتشك فينا
يعني يعني ما ودك
تجينا يعني متكبر
علينا يعني متكبر علينا
ما نسينا الماضي والله وعلى جفاك يعين الله
وان نسيت بشكي الله وان هويتونا هوينا
يعني يعني ما ودك
تجينا يعني متكبر
علينا يعني متكبر علينا
حط نفسك في مكاني
كيف اتحمل زماني
جرب احساسك عشاني
قول والباقي علينا
يعني يعني ما ودك
تجينا يعني متكبر
علينا يعني متكبر علينا
صدفه حبيتك يا غالي
واسهر عشانك ليالي
كيف انسا ذا محالي
ومن العواذل ما علينا
يعني يعني ما ودك
تجينا يعني متكبر
علينا يعني متكبر علينا
جو الاغنية صاخب ومايناسب مسكة يده ليدها ..
ورغم ان الجو يناسب رقص الأجساد اكثر الا ان قلبها يرقص من رهبة قربه ...
حست بحرارة جسده وهو يقترب منها اكثر .. واشتعلت كلها ..
كان معاها وحولها ويتظاهر انه مندمج مع المطرب اللي يتراقص مع اغنيته الراقصة .. وقلبه بين اصابعها الرقيقه اللي شبكها في اصابعه القوية ..
مرت عليها الدقايق ساعات طوال ..
رغم انها مستمتعه بأنه بدا يميل لها الا ان قربه وفي مكان عام كفيل انه يحصرها في لحظة وثانية ..
انتهت الأغنية وبدت اغنية ثانية بصوت حالم لمطرب مبتديء يحاول جاهد انه يوصل لمشاعر الحضور ويعجبهم ....
يا بعدهم كلهم
عطني من دنياك حبك
ياللي انفاسك دفايه
يكفي بس تبقي معايه
ياخذون اللي يبونه
إلا قلبك يتركونه
تختفي الشمس وضياها
وينتهي العالم وراها
يا سراجي بينهم
واترك الباقي لهم
ولمسة ايدينك شفايا
من هو من بعدك مهم
كل هالعالم وكونه
لا تمسه ايدهم
ترحل القمرة وسناها
انت تغني عنهم
مع الاغنيه كان سارح ويفكر ..
هو حلم ولا يشبه الحلم ..
قربها منه بعد ماانزاح الكابوس اللي اضناه اسبوع ونص مر كأنه عام كامل ...
تذكرها وهي تعتذر وكلامها ورقته وتلعثمها وهي تحاول تبين له خطاها وسوء فهمها ..
سحب يده من يده بلا شعور ومدها من خلفها وحط لكتافها والكرسي الخشبي المبطن بمسنده تصميمها تراثي يحول بينه وبين الناس ..
كانت تذوب خجل اكثر منه فرح ..
قال بهمس : ودتس تسمعين اغنيه معينه ..
أي اغنيه واي كلام اللي يبيها تذكرها وهذا حالها ..!
هزت راسها بلا وكأنها ماتذكر من الأغاني اغنيه ..
كانت اللحظات هذي كفيله بأن يصفح وينسى ..
ينسى اسبوعين مكلله بالتعاسة والزعل ..
يدمل جرح فراق سعود لو برهه ..
يعيش اللحظة وبس ..
وهي لجأت للي اعانها وماخيبها وبقلبها شكرته وحمدته وتعهدت له بركعتين شكر كرد جميل وعرفان حتى لو كانت البداية مجرد لمسة وهمسه ..
وشلون ما أغليك
وإنت الذي علمتني حبك
يا هاجسي
عشقي عيونك
إسأل
وتلقى الجواب
في ناظر عيوني
تصوير لأجمل عذاب
حبك يا مفتوني
تلقى حياتي كلها
لذة غرام
مهما سهر طرفي
أو جارت ظروفي
أو عشت أنا الحرمان
تلقى حياتي كلها لذة غرام
يا عذب الصفات
يا كل الحياة
صبرك علي
هذا قليل
مهما ترى من تضحيات
هذا قليل
خل السهر لعيون من حبك
خل العيون اللي لها عشقي تبات
هيجت كلمات الاغنيه احاسيسه ومشاعره .. وضم على كتفينها اكثر ..
تمنى انه في بيته ماحلوه عيون تراقبه حتى يشبع منها قرب ..
قال لمجرد الكلام واحساسه معاها يطير لهامات الأفق منتشى بالفرح والسعادة .. : رهيبه الاغنيه .
هزت راسها باقتناع وسكتت ...
طالعها وهي تضم يدينها على بعض بخجل وابتسم ..
الليلة بيكسر الحاجز ..
الليلة بيحسسها بحبه وشوقه لها ..
الليلة بتكون في حياته غير معها ولها وبس .
مد يده ليدها وشدت سارة عليها لأول مرة وكأن احساسه وصلها ووافقته وأيدته ..
التفت لها بابتسامه اذابت قلبها وأخجلتها ..
وقبل مايهمس لها بكلمة تقربه .. أي كلمه ..!
اضاءت شاشة جواله معلنه قدوم رسالة ..
فتح الرساله وابتعد عن سارة منشغل بجواله ..
حس ان رسالة عماد داهمته مثل الموج الهايج ..
ثواني مرت ماقدر يفكر ولا قدر يتخيل ..
وقف تفكيره وعقله بكلمتين ..
( امانه وانت بالذات ..)
تذكر كلام نايف عنها ..
تعبانه وفي المستشفى ..!
عشانه مسافر يوصي عليها ..؟
ولا خايف ان يصير له شي .. ؟
افكار هايجة مثل كلمات الرساله دارت في راسه ..
وش فيه وليه يقول كذا ..؟
حست ببروده وعيونه على الجوال ..!
وقف وهو يدخل جواله في جيبه قال : خلينا نمشي ..
وقفت معاه وهي مستغربه ومحتاره وقلقانه قالت : اش صار ..؟
تحرك من قدامها والأغنية تسكت والهدوء يسكن المكان بعد الأغنية اللي انسجموا معها زوار المطعم ..
قال : ماصار شي بس خلينا نطلع من هنا ..
التفت على شاب يدف عربية فيها طفل نايم وزوجته تمشي وراه وعيونه على سارة اللي تتعثر بمشيتها وهي تحاول توزان مشيتها على ارضية المطعم الصخرية ..
ومن نظرة فهد اللي نوت به شر ارخى الشاب راسه ومشى بسرعه متجاوز فهد ومتفادي شر ه ..
مسك فهد يد سارة قال : انا ماقلت لتس قبل كذا غطي عيونتس .
سحبت غطاها على عيونها اكثر وهي تقول بلهجة اعتذار وتبرير محبطة : مغطيه والله بس رفعت من تحت عشان اشوف .. المكان خلقة مافيه نور .
سحبها بيدها بخطوات سريعه وتوجه للباب وعقله يشتغل في كلام عماد .
اول ماركب السيارة شغلها ودق على نايف قال له بنبرة المهتم : وش اخبارك ياابو خالد ..؟
رد عليه نايف بتعب وارهاق قال : انا بخير يافهد بس شادن مو بخير .
نفخ فهد بقهر قال مضطر انه يخبي عن سارة اللي عرف عمق علاقتها بسارة من نايف ومشاري : زين شوي وجايك .. مع السلامه الحين .
قفل قبل لايسمع اعتراض نايف على جيته وهو عريس .. وزاد من سرعة السيارة وبعد نص ساعه كان على باب الشقه ..
فتح الباب ودخلت قبله وهو يهوجس ..
مد عليها المفتاح قال : خذي خليه معتس .. انا بطلع مدري متى ارجع .
اخذت المفتاح من يده قالت : فين بتروح ..؟
: بروح لرجال .. المهم اذا بغيتي شي دقي عليّ .
نزلت غطاها والتفتت عليه وببرود قالت : رقمك مو عندي .
عقد حواجبه قال : اووه صح .. خذي .. *******055
سجلت الرقم في جوالها قال : اقفلي الباب زين وخلي المفتاح فيه .
هزت راسها ونفذت اللي قاله بعد ماخرج وتركها ..!


***

متمدده في سريرها وشريط ايامها يمر على ذاكرتها ..

كانت عروس مدللـه
زوجة مرفهه ويحبها ..
كان يحبها رغم عيوبها وعاداتها السيئة ..
صبر عليها والمحب يصبر على حبيبه اياً كانت عيوبه ..
تذكرت ضحكه معاها ومزحه وكلامه عن جهازها اللاب توب وغيرته منه وانه غريمه وعدوه اللدود ..
اشتاقت لضحكاته وهمساته وكلماته ..
حتى عتابه وصراخه النادر عليها اشتاقت له ..
اخذت جوالها ومحاولة جديدة منها لعلها تسمع صوته وتعتذر منه وتقول انها ندمانه وتبيه حتى لو عليها ضرَّه
تحبه وتبيه ..
ايوه تحبه وماحست بحبه الا بعد ماضاع من يدها ..!
خلاص بتتغير وتتعدل وتتنازل عن كل شي الا هو ..!
ضغطت رقمه وكان مغلق وعرفت انه مسافر واكيد فتح رقمه اللي يستخدمه في عمان ..
دقت بيد ترتجف ..
يمكن يكون في حضنها
ويمكن تسمع صوتها
ويمكن مايرد عليها ويطنشها ..
كل هذا توقعته ..!
بس اللي ماتوقعته انه يرد عليها وبكل برود
: هلا ..
تلعثمت قبل الكلام ..
وعدلت جلستها بين مصدقه ومشتاقه وخايفه ..
قالت بصوت متهدج : هلا احمد .. اشتقت لك يااحمد .. ليش تسوي فيني كذا .
عدل احمد التلفون على اذنه الثانيه قال بتأفف وقرف : وش سويت ..؟ اني اخذت لي وحد سنعه تحفظني مثل ماانا حافظها ..
: احمد انا ....
قاطعها وهو يكلم مها : هذي ليلى ابلشتني لها شهر تدق عليّ ابي اكلمها اشوف وش سالفتها ..
بعد ماكانت اقرب الناس له صارت اغربهم عنه ..!
بلعت غصتها ونزلت الدمعه اخيراً بعد جهد جهيد ..
قال : شوفي يابنت الناس .. انا والله كنت ناوي اعلقتس بين السما والارض لين تندمين على الساعه اللي لعبتي فيها من وراي لكن يوم ربي رزقني بمهوي ماعاد لي فيتس حاجه .. حتى الانتقام عفته مثل ماعفتتس .. الرقم هذا انسيه ولاعاد تدقين عليه وكلها اسبوع وورقتتس عند ابوتس .
قفل منها وهي تشهق بصوت عالي ..
ليه ماخليتنا نتفاهم والله لاتعدل واصير لك اللي تبي زوجه وام ولو تبيني خادمه ..
ماكان فيه من يرد عليها ..
الا صدى صوتها وصوت بداخلها يصرخ بها
" ليا فات الفوت ماعاد ينفع الصوت .. احمد صفحة قديمة اطويها ودوري على صفحة بيضا ولاتوسخينها بشين فعايلك ثم تصير كل صفحات عمرك سوداء "
قامت تتخبط للحمام ودموعها سيل ..
تبكي ماضيها اللي بيدها وشمته بسواد ..
وحياتها اللي بفعلها هدمتها ..
تبكي احمد الانسان الطيب
الحبيب الواثق ..
من وين لها بأحمد ثاني
وكيف يتكرر احمد في حياتها ..
فتحت الدش ودخلت تحته بملابسها
ماعاد يغنيها عنه لاانترنت ولا جوال واصحاب
تفكيرها وقلبها انحصروا فيه يحركون الذكريات ويرجعون الايام الحلوة وكانهم يعاقبونها على ذنوبها وسواتها في ربها ثم احمد ونفسها ..


***

فتحت عيونها ..

كل ماحولها يوحي بالبياض
بس السواد بداخلها اقوى وأعمق وأكبر ..
شافت الحبل الموصول من قارورة مغذي لوريدها
والتفت على الوجه المألوف لها ..
وين الكلام ..؟
ليه ماابغى الكلام ..؟وليه ماعندي كلام ..؟
وش اللي صار ..؟
وانا كلي اسى وأسرار ..
حركت يدها وحست بألم الابرة المغروة في وريد كفها وتأوهت ..
التفتت ام ناصر الجالسه على الكرسي بإصرار من بعد صلاة الفجر رغم محاولات نايف والممرضات ..
قالت بصوت حنون وقلبها يتفطر على شوفة شادن اللي تحب بهالمنظر : شادن يابنيتي انتي قمتي .. اهتز صوتها وهي تقول : وشلونتس الحين ..
وشلوني الحين ..؟
ووشلوني قبل ..
ووشلوووون باكر بدونه ..
عيا الكلام يطلع
ذبل كل الكلام ..
ومات بقلبها قبل مايوصل حلقها .
: شادن يمه علامتس ماتهرجين .
الحزن اقوى من كلامي
والقهر ياجدتي ساكن كياني ..
مسحت جدتها على راسها ونفثت بالمعوذات وآية الكرسي وهي تقرأها بحروف مكسورة ومتأتأة ..
فتحت فمها واخيراً نطقت بكلمتين : ابي مويه .
تحركت الممرضه بسرعه وصبت لها كوب موية برودته معتدله واسقتها جرعتين اكتفت بها .
ضايعه متبعثرة
وجروحها مستنزفه ..
ماعاد باقي فيها دم وتنزفه ..
وعيونها تذرف حزن ..
تذرف الم ..
وصلها صوت جدتها اللي ذاقت من المر ماكفاها .. : شادن يابنيتي علميني علامتس عيا اخوتس يعلمني .
رفعت راسها وطالعت في جدتها اللي تمسح شعرها وضمت على يدها بحنان قالت بهمس : مافيني شي ياجدتي ..
: حتى انتي موب معلمتني .. عماد وينهو فيه ورى مايجي يشوفتس ثم يعلمني مهب تساذب(ن) ( كاذب ) عليّ مثلكم .
سكين قلبي هالعماد ..
وينه ياجدتي حتى يجي ..؟
عماد راح يمكن ماعاد هو بجاي ..
اغرورقت عيونها بالدمع قالت بصوت مخنوق : عماد سافر ياجدتي ويمكن يتأخر هالمرة .
قالت ام ناصر بحدة ودموعها تهدد بالخروج : وهذا اللي مسوي فيتس هالسواة ..؟
هزت راسها بلا ..
وأردفت جدتها بلهجة حادة : هاعلميني وش هو مسوي قبل لايسافر .
ضمت على يد جدتها قالت بحنان حاولت جاهده تمزجه بالهدوء : هدي اعصابك ياجدتي ماسوى شي .. حتى البارحة قبل مايسافر جاني هنا وودعني .
اختنق باقي الكلام
ونزلت دموعها وتنفسها يعلو ويهبط ..
ودها تصرخ وتعترض
بس وجود جدتها وخوفها عليها يمنعها ويقيدها ..
: علميني علامتس ...
قبل ماترد دخل نايف وجهه ذبلان وعيونه مرهقه من السهر..
قال : جدتي الله يخليك لاتكلمينها الدكتورة تقول خلوها ترتاح ... بعدين فهد برا يبغى يسلم عليتس .
: فهد المعرس وش جايبه هالوقت .
رد نايف بنفس التعب : من البارحه معاي حاولت فيه يروح ومارضى ويوم جبتك كان رايح يجيب لنا فطور .
نزلت دموع ام ناصر وهي تقول : ماجاب فهد من بيته ومن عند حرمته الا شي (ن) كايد .. علامكم ماتبون تعلموني .
طالعت شادن في نايف قالت : بقول لك ياجدتي بس لاتزعلين ..
لاح في ذاكرتها كلامه " .. ترى جدتي عارفة وضعنا تقريباً بس حاولي تغيرين افكارها "
التفتت لجدتها قالت بتعب نفسي : كنت حامل وماكتب ربي انه يستمر .
فتح نايف فمه وطالعت فيه شادن بنظرة جامده مافهم منها الا انها مصرة على كلامها .. وفضل السكوت ..
قالت ام ناصر راضية بمقدر ربي ومكتوبه وحاسة انها ظلمت عماد وعلاقته فيها : عساه خيرة لتس وانا جدتتس .. ليا راح واحد يجي بداله ثاني ..
من يجي بداله ياجدتي ..
قولي لي من ..؟
انتي تقصدين الحمل اللي اوهمتك فيه وانا اقصد اللي عشته اجمل حقيقة في عمري .
كلامه لي ورسالته تقول انه ماراح يرجع لي ..!
طالعت في نايف قالت : نايف انا بطلع من هنا .. رجعني للبيت .
رد نايف باصرار : لا ياشادن الدكتورة تقول ماتطلعين قبل ثلاثه ايام ..
صحيح انا تعبانه
تعبانه كثير يانايف
مااقدر اتكلم ولااسمع ..
حتى عيوني اذا فتحتها اتعب
اشوفه واحس بهمسه ولمسه واشم عطره ..
نفسي اغمض واناااااام
انام شهر ، شهرين ثلاثه او سنه ..
انااااااااااام لين اشوفه راجع لي .
ثم اصحى عليه ومعه ..!
نايف اختك لها شهور تموت فيها بيده وتحيا بيده ..
حزينه اختك يانايف ..!
حزينه وضعيفه وماتبي الحياة
ودها تموت وترتاح ..
غمضت عيونها على دموع ملأتها وفاض الدمع على خدودها الباهته ..
ماقدر يشوفها بالشكل هذا ..
من الصباح يدق عليه مقفل جواله وشكله ماوصل ..
زفر وتأفف قال لجدته : جدتي خلاص تطمنتي على شادن خلينا نمشي انا مانمت للحين والعصر اجيبك ان شاء الله وتجلسين عندها ..
حاولت ام ناصر تعترض وتجلس عندها بس الح نايف عليها وشادن مطرقه براسها صامته ودمعة من عينها تسيل وتختلط بدمعة عينها الثانية وتتخذ من اذنها ورقبتها طريق ..
قرب نايف منها وسلم على جبينها وهو يقول : سلامتك شدون .. خليك قوية وقلبك قوي وان شاء الله برجع لك شوي .
فهمت وش يقصد برجعته
يعني بتسألني
ياكبر سؤالك يانايف
وياااكثر اجوبته يانايف
بس لاعاد تسألني ولاتحاول ..
سؤالك اجابته ماتت ودفنتها ونبش القبر مستحيل .
اخذ يد جدته طالع واستقبلهم فهد خارج غرفة شادن
سلم على جدته ومشى معهم خارج المستشفى ..
***
وصل لشقته مرهق وتعبان ..
طلع مفاتيحه وتذكر ان مفتاح الشقه عندها ..
دق الجرس مرة وثنتين وعشر
اخيراً ثبت يده على الجرس ومالقى نتيجه .
خاف ان يكون صاير لها شي ..
طلع جوالها وتذكر انه مااخذ رقمها وزفر بملل وضيق ..
ركل الباب والوساوس بدت تنحل مخه وتفتك به ..
دق مرة اخيرة واستكان وهو يسمع صوتها النايم يقول : طيب .
فتحت الباب بعيون مغمضه بعد ماشافته مع عين الباب ..
نفخ وهو يدخل : لااله الا الله لودريت ان كل هذا نوم ماخليت المفتاح عندتس .
سكرت الباب وراه قالت : الواحد اذا دخل بيته يسلم يصبح بالخير .
التفت عليها ببدي صغير وبنطلون برمودا وهي ترجع شعرها للخلف وتمشي قبله للغرفه ناويه تكمل نومها .
رمى شماغه على الكنبه في الصاله ومشى وراها للغرفه ..
شافها تدخل في سريرها وتتغطى وتغمض عيونها ..
تنحنح فهد وفتحت عيونها بكسل قال : كل هذا نوم ..؟
عدلت الغطا عليها قالت وهي تغمض بقوة عن النور اللي فتحه فهد قالت : مانمت الا الفجر كنت استناك لأني عارفه نومي ثقيل وخفت ماافتح لك .. اقفل النور معاك قبل ماتخرج بالله .
نزل فهد ثوبه قال : وين اخرج ..؟ قومي قومي جيبي لي كاسة مويه .
غمضت عيونها بتعب وقامت جلست ..
لمست كتفينها بيدينها وارتعبت وهي تشوف نفسها بدون روب او شي يستر ..
بسرعه رجعت تمددت وغطت جسمها باللحاف قالت : طيب روح وانا الحقك .
ابتسم فهد لحركتها وجا يمشي ببعناد ومتظاهر بالكسل وتمدد بجنبها وسحب اللحاف تغطى فيه وهو يقول : وين اروح واخلي السرير والبراد والعافيه اللي هنا وانا خلقة متكسر وتعبان .
قالت بزعل : محد قال لك تخرج من الليل لين الفجر .
عقد فهد حواجبه بتمثيل قالت : لايكون مضايقتس اني اطلع من البيت بس .
اعطته سارة ظهرها ونامت على جنبها محاولة انها تبعد عنه وهي تشد اللحاف عليها قالت : لامضايقني ولا شي ... انت حر في حياتك .
مد يده عليها سحب اللحاف ولمس كتفها بنعومه قال : طالعي فيني .
غمضت عيونها قالت : فهد خلاص اذا اللي قاعد تسويه فيني عشان تنتقم تراك اخذت حقك وزيادة مني .
ضحك فهد بصوت عالي قال : من اللي قال لتس اني اخذت حقي .. غلطاااانه ياسااااارة . حقي باخذه الحين .
سحبت اللحاف عليها وتغطت كلها قالت : يعني ماكفاك تطنيشي الايام اللي راحت وماكفاك سهرتك برا طول الليل .وانت ماكلملت اسبوع في زواجك .
ابتسم لها وقرب منها وتكى بفكه على كتفها قال : ماكفاني ..
همست بصوت يرتجف : بعد عني لو سمحت .
ناداها بصوت هادي : ساارة .
وبنفس الصوت ردت : فهد لو سمحت طالما انك زعلان للحين بعد عني .
قرب منها اكثر قال : واذا موب زعلان .
غمضت عيونها وسكتت ..
سحب اللحاف عنها وحضنها قالت بهمس : يعني انت مو زعلان الحين ..؟
: انسي سالفة الزعل ...
قاطعته بانفعال : لااااء .. ماراح انساها .. لازم نتكلم .
ابعد عنها ووقف قال : زين نتكلم ... بس اول تقومين تحضرين شي ناكله انتي مااكلتي شي من امس .. وانا بدخلاغسل عشان اصحصح واطير النوم من عيوني .
قالت بكسل : بحضر لك انت .. انا شبعانه طول الليل آكل شكولاته واشرب قهوة .
ضرب فهد على جبينه قال : لااله الا الله كل هالنوم وطول الليل تشربين قهوة .. اجل لوماشربتي قهوة وشلون نومتس .
حست انها انحرجت قالت : نومي مرة ثقيل .
سحبها فهد من يدها قال : روحي طيب جيبي لنا عصير انا مفطر بس ابي اشغلتس بشي اخاف اخليتس ثم تنامين .
ابتسمت بارتياح لأنه بدا يكلمها .. قالت بحرج لوقوفها قدامه ببيجامه خفيفه : ماراح انام بس روح غسل .
نزل راسه على وجهها وباس شفتها بخفه وانسحب من قدامها .
دخل الحمام وهي في حالة جمود ..
رفعت يدها لشفتها وحست بحرارتها وتحركت بهدوء رايحه للمطبخ بتجيب العصير قبل يطلع ..
***


وهناك ..

في الديار البعيده . ..

وصل بعد ساعات طويله لألمانيا ..
ماقدر فيها ينام او يغمض له جفن
وكيف يغمض عيونه وهي فيها وتتألم ..
انينها لازال في اذنه
وتنهداتها وانفعالاتها ورجاويها له صوره لايمكن تنمحي من عقله
اخذ شنطته وجاكيته وطلع يمشي في الطرقات وبين الناس بلا شعور او تركيز ..
تذكر انه طالب سيارة من الفندق اللي حجز فيه ورجع يدورها ..
رجع وشاف السايق اللي ينتظره وتوجه له ..
ركب السيارة وسند براسه على المرتبه ..
ليه تعذبين نفسك وتعذبيني معك ياشادن
اللي فيني يكفيني دهر ..!
انا حملي ماتشيله جبال عشان تزيديني حمل ..
وانتي اصبحتي عليّ اكبر همومي ..
حبك هم ووجعك هم ..!
طلع جواله وفتحه وشاف رساله من نايف بارده مثل مشاعر نايف ناحيته في هاللحظات " اذا وصلت كلمني وفهمني اش سويت لاختي "
ضغط على اسم نايف ودق مرة ومرتين وثلاث وبلا مجيب ..
يمكن نايم ..
بس اليوم عنده دوام
لا لا .. يمكن استاذن عشان شادن ..
دق على فهد وبلا مجيب
لايكون صار لها شي ..
تذكر انه بلا ام وبلا ابن وكأنه بلا اب..
ومو بعيد يكون بلا حبيبه ..
فز قلبه من مكانه وهو يتخيل لو صار لها شي ..
الا ان يصير لها شي ..
الا انه يفقدها
الا انه يقضي عليها بهمومه ..
" يصير لي ولا يصير لها " ..
شد على صدغينه بأصابعه السبابه والابهام بقوة ..

يتبع ,,,,

👇👇👇
تعليقات