رواية ملامح الحزن العتيق -50
فز قلبه من مكانه وهو يتخيل لو صار لها شي ..
الا ان يصير لها شي ..
الا انه يفقدها
الا انه يقضي عليها بهمومه ..
" يصير لي ولا يصير لها " ..
شد على صدغينه بأصابعه السبابه والابهام بقوة ..
اعوذ بالله من ابليس وش هالوساويس ..
نفخ وتأفف بملل ..
والتفت عليه السايق الاجنبي وسكت عماد وهو يشد على جواله بيده ..
اشتعل القلق بداخله وضغط على رقم البيت عل وعسى انها رجعت للبيت
وصله صوت آخر . ماكان يتمناه في هاللحظة العصيبه ..
قال باحباط : هلا والله بالغاليه .. وشلونتس عساتس مرتاحه عند عيال خالد .
قالت ام ناصر بلهفه : عماد .. ياوليدي وراك تروح وتخلي مرتك وهي تعيبانه .
خلل شعره بيده قال : شغل يالغاليه ماينتأجل .. انتي وشلونتس علميني عنتس ..
: انا بخير بس آكلني قلبي عليك انت ومرتك ..
وبصوت ماخلا من الهم قال : وشلونها تدرين عنها .
: ايه جيتها اليوم وان شاء الله انها طيبه .. بس ان دمعتها والله ماجفت على اللي راح .
عقد حواجبه مستغرب
من تقصد باللي راح
تقصده هو ولا غيره ..
قال : اللي راح من ..؟
: الحمل اللي راح .. ضعيفه ياوليدي قطعت قلبي وهي تبيه .
غمض عيونه بقوة وقلبه ينعصر اكثر يعني نفذت لي كلامي وطلبي ..
قال بقهر وصوته يتلاشى : هي في المستشفى ولا طلعت .
: لا والله ماطلعت عيت الدكتورة الماخوذة تقول ماتطلع قبل ثلاثه ايام .
اضطر انه ينهي المكالمة بعد ماوقفت السيارة قدام الفندق ..
نزل منها على مضض ..
جرحه دفين ومتعبه..
وعيونه مثقله بصورتها الباكية المتألمة عشانه ..
وبقلبه همين همه كل واحد اقسى من الثاني ..
في مدرسة الاجاويد ..
كان الجو غيم ..
يوحي بأن فيه مطر قادم ..
قالت خلود وهي تتمطط صاحية من غفوة اخذتها على الفراش اللي جابته نوير مخصوص للنوم .. : الجو اليوم حلو يذكرني بشادن الله يذكرها بالخير .
قالت نوير وهي تصحح مجموعه من دفاتر البنات : الله يذكرها بالخير مكانها خالي .
مدت سهام على خلود كاسة حليب ممزوج بشاهي قالت : صحيح هي ليه نقلت وهي اصلاً بيتها وزوجها واهلها هنا ..؟
قالت نوير مدافعه ومتوليه دور المحامي لشادن : حبيبتي رجالها تعب من المشاوير وهو كل شغله هناك .. حتى سامر ولدي علمني يقول جدتها راحت مع عماد .
حطت خلود يدها على قلبها وهي تقول : عماد واااااااااو يابنات لو شفتوه .. شكله ولا ممثل من هوليوود .
قالت نوير بعد ماامتدت كاستها من يد سهام : بسم الله على ابو مشعل انا شايفته كذا مرة احلى من الكفار حقين هوليوود .
قالت سهام مقاطعتهم : هييي انتي وهي .. قولوا ماشاء الله .
ذكروا الله ووقفت خلود وهي تسمع صوت الصافرة يعلن نهاية حصة فراغها وبداية حصتها لصف رابع .. قالت : يالله اشوفكم على خير ..
وقفت نوير معاها قالت : خذيني معك برجع لبزاريني .
طلعوا من الغرفه القابعه في زاوية المدرسة وشافوا شهد جالسه القرفصاء ومنكبة بوجهها على ركبها وتبكي بصوت عالي ..
اسرعوا الخطا لشهد المحبوبه من الكل ووصلوها ..
وحده على يمينها وتسأل : شهد حبيبتي اش فيك
والثانية على يسارها وترفع وجهها وتقول : احد ضربك ولا زعلك .
رفعت راسها بوجه باكي وعيون حمرا قالت : ماما سمعتها قالت عماد سافر والعنود تقول شادن بتصير مدرسه في جده .
ضمتها نوير وهي تقول : طيب ياعمري لاتبكين عماد بيرجع بكرة وشادن بترجع بس عشان عندها اجازة والعنود ماتدري .
هزت راسها بلا قالت بانفعال : لااا تقول نوف شافت نقلها .
زمت نوير شفايفها وخلود تمسح على راس شهد والتفتوا لنوف اللي وصلتهم وهي تقول : علام شهد ..؟ وش فيها تبكي ..؟
غمزت لها نوير قالت : تحسب شادن نقلت وشادن اصلاً ماخذه اجازة ... صح ولا لا يانوف .
جلست نوف على ركبها ومسحت على شعر شهد قالت : ايه صحيح .. اصلاً انا موقعه على اجازتها ....
قاطعتها شهد : العنود قالت انك انتي قلتي لها شادن نقلت لجده .
عدلت نوف شباصة شهد المايله قالت : العنود تكذب عليتس بس قومي غسلي وجهتتس وارجعي للفصل عشان تطلعين الاولى على البنات ..
شهقت شهد قالت : يعني شادن بترجع للديرة وتدرِّس في مدرستنا .
هزت نوف راسها وهي تقول : ايه ان شاء الله ترجع .
قالت شهد ببراءة : وعماد بيرجع من السفر .
تلعثمت نوف لطاريه ..
خجل من نفسها ولا خوف من الذكرى على حياتها مع حمود ..؟
المهم انها تلعثمت وماقدرت ترد ..
وقفت وسحبت يد شهد توقفها ..
قالت : الحين انتي البنت الشاطرة تخلين البنات يضحكون عليتس ويبكونتس ... يالله تعالي معي غسلي وجهتس .
اخذتها بيدها لدورة المياه ونوير تلاحقها بنظرات راضيه وقلبها يدعي لها بالهداية والاستقرار ..
***
بعد ماكلم جدته
سيطر عليه النوم ونام بتعب
بنفس لبسه وحاله وحالته ..
مرت عليه اربع ساعات ماحس بنفسه ..
وفز على حلم مزعج ..
صورتها تتكرر وهي تبكي وتستجديه ..
اخذ جواله ودق على نايف يدور اخبارها ..
انفتح خط نايف ووصلته منه الو بارده و راعيها مو مهتم.
مااهتم لنايف بقدر اهتمامه للأخبار اللي عند نايف
: هلا يانايف وش اخبارك ووشلون شادن الحين ..؟
: هلا بك ياابو مشعل ..
: وش اخبار شادن يانايف ..؟
: مثل ماتحب ..؟
عقد عماد حواجبه قال مستفسر : مثل مااحب يعني طيبه ..؟
: لا مو طيبه ولاهي بخير ..
: وهذا اللي احب يانايف .. الله يصلحك بس .
تنهد نايف بندم او قهر او كلها مختلطه قال بصوت اقرب للهدوء : مو اللي فيها من عمايلك ..؟ ولا ماشي وتاركها وهذا حالها ..
زم عماد شفايفه وقدر حالة نايف وخوفه على اخته قال : يهديك الله ياابو خالد مانيب شرهان عليك عشانها لكن علمني عن حالة مرتي ولا عطني رقم المستشفى اتطمن عليها بنفسي .
سحب نايف نفس عميق قال : هذي هي كلمها اذا تبي .
لاتزيد الجرح جرح يانايف
صوتها من امس في اذني للحين ..
سمع انفاسها متسارعه دلالة على انفعالاتها قال بهدوء : شادن ، عمري ، اسمعيني ياقلبي ولاتسوين فيني كذا تدرين انه ماهو بيدي ..... عمري ابيك مثل ماكنتي قوية و...
من بين انفاسها قاطعته وسألته بصوت ضعيف وذبلان ويرتجف : متى بترجع لي .
سكت ثواني ومسد جبينه بتوتر وقلق
هو مايدري متى وشلون يقول لها ..
قال : ان شاء الله ارجع متى ماكتب ربي .. المهم انتي بس لاتتعبين نفسك ...
قاطعته مرة ثانيه : ارجع لي عماد .. ليش انت ماتفهم عليّ .. انا احبك مااقدر اعيش بدونك .
غمض عيونه بألم قال : وانتي كل عمري اللي باقي لي .
امتلت عيونها بالدموع واختنق صوتها وهي تقول : الله يخليك تقول اش اللي صار لك .
ماقدر يتمالك نفسه ونزلت من عينه دمعه مسحها بسرعه قال بصوت حاول انه يكون اجش حتى مايوضح عليه الضعف ويبين بكاه : شادن تبيني ارجع لك اليوم رجعت لك بس رجوعي مهب نافعك ولانافعني ... سكت لسكوتها وكمل بنبرة حزينة : تبيني ارجع ....؟ ردي عليّ ياعمري ... تبيني ارجع ولا لا ..؟
شهقاتها متواليه وصوت انفاسها يعلو ويهبط بسرعه ..
قال بهلع : الو .. شادن ... شادن ... شااااااااادن ردي عليّ .
سمع طيحة الجوال .. ثم صوت الممرضة .. والدكتورة ونايف ...
وانتهت المكالمه ..
دق بعدها على نايف مرتين وبلا رد ..
دق الثالثه وجاه صوت نايف بعصبيه : عماد اش الحكاية انا خرجت وخليتها تكلمك .. اش اللي صار بينكم .. قول لي ياابن الحلال ..؟
عض على اسنانه بغيض قال : وش اللي صار لها الحين ..؟
: ماادري دخلت على دخلة الدكتورة وهي تخاصم ولقيتها ترتجف وتبكي وتصارخ وطلعتني الدكتورة .. قالت ممنوع احد يكلمها او يدخل عليها لمدة اربع وعشرين ساعه .
نفخ عماد وتأفف قال : نايف الحين تنقلها لمستشفى مغربي وتكلمني اول بأول .. وانا بحول لك الفلوس ...
قاطعه نايف : مايحتاج تحول ..
وقاطعه عماد بدوره : نايف لاتجادلني ترى مانيب ناقصك انا .
سكت نايف مقدر ومتأثر من حاله بعد ماشاف اهتمامه بشادن ولهفته عليها ..
انهى عماد المكالمه بعد مااوعده نايف انه يكلمه ويطمنه عنها اول بأول ..
***
فتح عينه ومد يده لمكانها وحسه بارد وخالي منها ..
التفت لجواله وشاف ساعته اثنين ونص قبل الفجر ..
فز بسرعه والشيطان يغرس شكوكه
لاتأمن ثم تُلدغ من الجحر مرة ثانيه على غفلة منك ..
مادرى الشيطان انه يصحيه للحقيقة ويكشف نورها ..
راح عند الحمام وناداها وبلا رد ..
فتح الباب وتأكد انها مو فيه ..
ووناداها وماسمع منها خبر ..
مرة ثانية وثالثه ..
وطلع للصاله وحس بهالة ايمانية تملا المكان
الجمت فمه ولعن شيطانه وتعوذ منه ..
بشرشف صلاتها اللي مايبين الا وجهها وكفينها ..
ساجده لربها ..
انتظر لين قامت من سجودها وهو واقف وراها ومكتف يدينه يتأملها بسكون ..
سجدت مرة ثانية وأطالتها ..
وقامت للركعه الثانية ..
وقف وحس انها طولت والمصحف الصغير في يدها تقرأ منه ..
ركعت وأطالت الركوع ثم وقفت ورفعت يدينها للسما
تمنى انه يسمع وش تدعي ووش تقول ..
لكنه تراجع عن امنيته وهو يشوفها علاقة بين رب وعبده ومايجوز لأحد يتدخل حتى وان كان الشريك ..
جثت على ركبها وسجدت وماشعرت بوجود احد الا الله ..
معاه وعنده وماحاد عقلها عن التركيز معه لحظة وحده .
سلمت بعد مادعت واكثرت الدعاء ..
وبدون ماتحس بوجوده سبحت على اصابعها الصغيره وهللت واستغفرت ..
تذكر امه وسجادتها وهمساتها بسبحان الله والحمد لله وانشرح صدره وابتهل لهالمنظر ..
التفتت عليه وهي تسمعه يتنهد بندم ..
وشلون اشبه الملاك الطاهر بتابع الشيطان ..
استغفر الله وبلحظة سماح وطهر قلب ورضا بالنصيب دعى لليلى بالهداية والستر .
قالت مها وابتسامة هادية وبريئة تطفو على ملامحها : احمد .. صحيت .. تبي شي ..؟
ابتسم لها بالمثل قال : مالقيتس بجنبي وخفت عليتس .
وقفت ونزلت شرشفها طبقته وقالت : وين بروح يعني .. يااصلي يااقرأ .
تنهد بحب وتمنى لو يكون مثلها ..
وأيقن انه بوجودها راح يكون افضل مما هو عليه رغم انه يصلي ويصوم ويصل ويؤدي واجبات الله عليه الا انه يبي اكثر حتى يكون جدير بها ..
***
بعد اربعه ايام ..
كانت جالسه مع امها وابوها ونوف اللي صارت تقضي الايام اللي يغيب فيها حمود عن البيت عندهم ...
كانت نورة ماسكه كتابها وجالسه في زاوية بعيد تركز في بعض مسائل الكيمياء من دون ازعاج وتأثير سوالف اهلها عليها
قالت للعنود المتمددة على ظهرها وتفكر بحياتها وأحلامها : عنود صبي لي كاسة شاهي وقومي حلي واجبتس .
ردت عليها العنود بلهجة غريبه عليهم : نعم نعم نعم اش قُلتي .. ليه ان شاء الله لايكون فاكرتني خدامه عندك ..
فتحت نورة عيونها واخذت نفس عميق قالت بقلة صبر : عنود اذلفي عن وجهي وعدلي لسانتس وجيبي لي الشاهي بسرعه لاينفد صبري .
قالت العنود ببرود وصوت رقيق : يااااسلااااام دحين انتي تبغي حاجة جيبيها بنفسك ..
ضحكت نوف وقالت بصوت عالي : يمه ترى لو ماجوزتوا العنود بتنهبل عليكم .. اسمعي اسمعي وشلون تهرج مثل اهل خطيب نورة .
تنهد ابوها على كلمتها الاخيرة قال : هو صار خطيب الحين .
قالت نوف بهدوء : ان شاء الله بيصير خطيب حمود مكلمني امس يقول انه سأل عنه في الحي كله وكل من سمع ذكره ذكر الله ومدحه .
هز ابوها راسه وهو يقول : انا وشلون يجي لي قلب اجوزها البعيد .
ردت ام نوف : والله ان قلبي يتقطع ليا ذكرت انه بعيد ويرتاح ليا سمعت انه ملتزم وحافظٍ القرآن .
وقفت نورة وطلعت من الصاله كلها راحت لغرفتها مبتعده عن سماع الكلام اللي على قد مايفرحها على قد مايربكها ويوترها ويحزنها ..
قالت العنود : لساتك تبغي شاي ولا خلاص .
التفتت لها نورة قالت : شاي في عينتس قولي آمين يالمتخلفه يالغبيه يالمهبوله .
جلست العنود وهي تحلم بعريس يكلمها بنفس لهجة محمد واهله وتجاوبه بطلاقه ..
قالت : اوووف منك .. اشبك انتي ماتفهمي .. قلت لك مية مرررة انا خلاص ابغى اصيييير حَضَريييييييييييية ..
ضحكت نوف عليها قالت : العنود تعالي ..
وقفت وجات جلست عند نوف قالت : ايوووواااااااه .. اشتبغي ..
قالت نوف : انتي تبين الناس يقولون عنتس مهبلوه وغبيه .
ردت عليها بـــ : لا .. ولسانها يطلع من فمها دلاله على زود رقتها .
قالت نوف : اجل اركدي ولاتسوين هالحركات ثم يقولون الناس عنتس بنت لافي المهبوله .
تأففت العنود بملل قالت : اش اسوي لك إنتي والبدو اللي مايفهموا .. سيبيهم يتكلموا زي مايبغوا كلامهم يرجع عليهم .
ضحك ابوها قال : هذي والله البنت الخبلة .. قومي قومي ياام نوف نبي نوديها لمسفر كود انه يعقلها .
دنقت نوف راسها للأرض وذكرى مسفر المرتبطه بعماد واللي سيرته هذاك اليوم لخبطتها وحسستها بصغرها قدام نفسها تنعاد وتجرحها في عمق قلبها ..
راحت العنود تجري وهي تقول بلهجتها العادية : التوبه يايبه والله ماعاد اقلد الحضران خلاص التوووووبه ..
ضحكت امها وقالت وهي تمد على ابو نوف بيالة شاهي : عز الله ماعرف لها الا انت .. ايه ورها العين الحمرا تراها ماعاد تهتم لي ولا لخواتها .
هز ابو نوف راسه وهو يقول : الله يصلحها ويحييني لين اشوفها في بيت رجلها ... اسمعي ياام نوف هي ماباقي شي وتدخل العشر لاعاد اشوفها ظاهرة من البيت الا وعلى راسها غطا وخايها تصلي وتداوم على الصلاة .. ماعاد هي بصغيره .
: ان شاء الله بس انت علمها وحرص عليها تراها تسمع منك اكثر مني ومن خواتها .
تحركت نوف وهي تسمع صوت سيارة حمود تقرب من باب بيتهم قالت : هذا حمود وصل .. اكيد انه جايب لك سوالف عن محمد .
دخل حمود وهو ينادي ياولد ويااهل البيت .. وصوت له ابونوف .. : اقلط حياك الله .
سلم على راس عمه وعمته وصافح نوف وجلس بجنب عمه في صدر الجلسه ..
قالت نوف وهي تمد عليه فنجال قهوة : وش اخبارك طولت مابغيت تجي ..
ابتسم لها حمود بود واخذ منها الفنجال قال : بخير الله يسلمتس .. رحت لجده وسألت عن محمد كل من يعرفه وسألت عن الاماكن اللي يروح لها وسألت عنه اصحابه اللي يماشيهم وسألت عن اصاحبه بعد ..
التفت لعمه وكمل : الرجال ياعمي ماعليه كلام من المسجد للبيت للمدرسه اللي يدرس فيها وكل من سمع ذكره قال ونعم .. ماله صحبة مشبوهه ولا له دروب شينه وسمعته مثل المسك .
رغم ان الكلام ريحه الا انه لازال خايف وقلقان
قال بتوتر : بس ياولدي وش اللي يحده على بنت القريه ويخلي بنات المدينه اللي طبعهم مثل طبعه .
رشف حمود من فنجاله قال : انا سألت ولد عمه السؤال هذا وماقلت له من انا وقال انه عيا عن بنات عمانه وقال يبي له بنت ملتزمه ومتدينه واخته اختارت له وحده من الديرة اللي تدرس فيها ..
ربت حمود على يد عمه المجعده قال : توكل على الله ياعمي وجوز الرجال .. ترى فيه خير واهله فيهم خير .. والرسول يقول من ترضون دينه وخلقه ماقال اذا قريب و تعرفونه .
هز لافي راسه قال : خلني استخير ثم اعلمك بردي بكرة .
وقف حمود واشر لنوف قالت ام نوف : حمود وين تبي ..؟ اقعد العشا عندنا .
رد حمود : لاوالله مستعجل وبروح لاهلي ماجيتهم للحين .. قلت امر على عمي واعلمه بمشواري خابره قلقان ... يالله يانوف اعجلي .
وقفت نوف وراحت تلبس بسرعه وقابلت العنود اللي قالت : نوف خلاص ماعاد ابي مثل رجل نورة انا اصلاً ماابي مطوع وابوي مهب مجوزني غير لمطوع ولا لواحد من هل الديرة ... خلاص ابي لي واحد(ن) مثل عماد ولا بندر ولد ناصر .
قالت نوف بضيق لطاري عماد وسيرته : بنت ...
قاطعتها العنود وكأنها تتذكر : ولا ابيييي وااحد مثل فهد شعره يهبببببل وصوته ليا غنى مثل وش اسمه وش اسمه هذاك اللي يغني في الراديو .
حذفتها نورة بعلبة الهندسة وهي تقول : الله ياخذ عدوتس لحد يسمعتس فضحتينا .
قالت نوف بلجة حاده : عنود تراني بعلم ابوي بكلامتس هذا عشان ...
قاطعتها العنود : لا لا لا ابوي لا خلاص خلاص والله ماعاد اجيب طاري العرس بس لاتعلمون ابوي عليّ .
اخذت نوف عبايتها وشنطتها وطلعت من عندهم متوجه لحمود اللي ينتظرها عند الباب ...
***
ماكلّ ولا تعب وهو يسأل عنها
رغم انه يخرج من الفندق الصباح ويرجع الظهر ..
وباقي وقته مقسمه بين ادارة شغله عبر الانترنت والتلفون مع مدراء فروع شركته في المدينه ومكه ومع فايز المدير لفرع الشركة الرئيسي في جده ..
انهى مكالمته مع فايز ودق على نايف ..
رد عليه نايف وصوته فيه نوم قال : صباح الخير ياابو مشعل انت موقت بالدقيقه ماشاء الله عليك .
تنفس عماد بعمق قال : لي ساعه انتظر موعد قومتك من النوم .. وش اخبار شادن من امس .
رد عليه نايف وهو جالس يفطر مع جدته قال : الدكتور المسؤول عنها يقول لازم تجلس اسبوع على الاقل .
زفر عماد وقال بانفعال : انا ولد ابوي .. وشو له اسبوع ..؟ لهالدرجة حالتها سيئة ..؟
قال نايف : لااا بس يقول نبي نتطمن عليها اكثر وانا بصراحه من رايه خاصة انه يقول ان مضاعفات الاكتئاب خطيره ...
قاطعه عماد : هي وش رايها مرتاحة في المستشفى ولا متضايقه ..؟
: هي متضايقه وطفشانه بس انت ليه ماتكلمها وتقنعها ..؟
باغته سؤال نايف مثل الشوكة اللي تنغرز في جرح وتزيد وجعه وجع ..
قال بألم : لا يانايف .. مااقدر اكلمها .. لاانا راح ارتاح وهي اخاف تنهار مثل ذاك اليوم .
تفهم نايف كلام عماد وعُذره ..
وليه مايعذره ولهفته عليها باينه في كل انفعال وافتعال ..
باينه في سؤاله ونطق اسمها وكلامه عنها ..
قبل مايرد نايف عليه قال عماد : اذا رحت لها اليوم وشفتها تبي الخروج طلعها .. فاهم يانايف جلسة المستشفى ماتجيب الا المرض ..
: زين اللي تشوفه ياابو مشعل .
: الله يسلمك يانايف عساني اخدمك في عرسك قول آمين .
ابتسم نايف لطاري العرس قال : آآآآه بس .. لاتجيب لي سيرة العرس على هالصبح ثم ادق سِلْف للديرة .
ماابتسم عماد ولاتغير منه شي وعقله يتخيل حالها قال : العرس بداية الصيف ان الله عطانا عمر .. جهز بس بيتك والباقي على اخوك .
سكت نايف مرتبك ومو مصدق قال : الله يخليك ياابو مشعل انا اذا شفتك انت وشادن مبسوطين هذا اهم شي والعرس ربي بيساعدني ..
قاطعه عماد : اقول خل عنك الكلام الفاضي بس وبكرة يجيك واحد من موظفين الشركه بمقاول تقابله وتتفق معاه على كل شي ماعدا الفلوس ..
رد نايف بحزم : استنى استنى اش اللي بكرة .. ناسي ان شادن في المستشفى .
: شادن لازم تطلع ولازم تحس بتغيير في حياتها خاصة يوم تشوفك تجهز لزواجك . .. لاتجادلني يانايف قول لاخوك الكبير تم وابشر .
ربطه عماد بكلمة اخوك ..
وماكان مفر الا انه يقول له : تم وابشر ياابومشعل .
: الله يرضى عليك .. يالله عطني الغاليه بصبحها بالخير .
مد نايف الجوال على ام ناصر اللي حطت الجوال وهي تتمتم لنفسها بـ : الماخوذ هذا مااداني احطه على اذني ..
وصلها صوت عماد : يالله صبحها بالعافيه .
ردت عليه بحنان وشوق : الله يصبحك بازين من العافيه ويرضى لي عليك .. يالله ان تحيي هالصوت وراعيه .
ابتسم عماد بحب وبقلبه " وشو بس اللي ازين من العافيه " قال : وشلونتس يالغاليه عساتس مرتاحه عند نايف .
: الحمد لله بخير ومرتاحه مامكدر(ن) عليّ غير هالبنيه المسيكينه اللي ماتجف دموعها .
بلع غصة نشبت في حلقه وخنقته قال بصعوبه : يفرجها ربي ياجدتي يفرجها ربي .
اكدت ام ناصر بقدرته جل وعلا وهي تقول : يفرجها يفرجها ماعليه صعيب وانا امك الا انت متى بتعود لنا ..؟
متى بترجع لي ..؟
كان هذا سؤالها اللي قتله ..
بلع غصة ثانيه افحمته وأرهقته قال : متى ماالله كتب .. الحين مااقدر احدد متى رجعتي لكن متى ماقدرت رجعت ..
حاول ينهي المكالمه وهو يقول : مااقدر اطول على نايف وراه دوام .. لكن بكلمتس ان شاء الله وقت(ن) ثاني .
: زين ياوليدي احرص على عمرك وفمان الله .
: مع السلامه .
قفل من جدته ورمى الجوال على الكنبه اللي بجنبه ومسك راسه بين يدينه بتعب .
تأوه وتنهد والحزن يفيض عليه ويغرقه ..!
***
دخلت البيت بتعب ..!
يدها في يد نايف اللي يساندها بحنان ..
قال بمرح : نور البيت ياشدون .. تفضلي عند مكتب المحقق حصة ال.... تراها تنتظرك على جمر ومجهزة لك كومة اسئلة من النوع الدسم ..
ابتسمت شادن لمرح وحنان اخوها قالت : بطلع لغرفتي اول شي ..
سكتت وكملت : نايف امي اليوم كلمت ..؟
رد عليها : اليوم كلمتها وتسألني عنك قلت للحين ماجات .
هزت راسها وهي تتذكر كذبة نايف على امه عشان ماتقلق عليها وهي محد بيجيبها خاصة ان نايف عندها مايقدر يتركها ..
قال نايف بضحكه : تصدقين ياشادن امي للحين مو مصدقه انك مع عماد في الطايف ... رفع صوته وهو يدخل للصاله مع شادن .. هلا هلا هلا حيا الله ام ناصر .. ابشري برجعة شادن لبيتها .
قالت ام ناصر بحب وصوت حاني : الله يحييها ويسلمها ويخليها لي وعساني اشوفها في بيتها مع عيالها وابوهم ..
رد نايف بزعل : طيب وانا مالي لو نص دعوة .. متى تجيني اللي تدعي لي وتستقبلني وتهتم بس ... طالع في شادن وكأنه تذكر شي قال بلهجة جاده : ترى عماد ارسل لي مقاول واتفقت معاه على انه يبدأ الشغل في جناحي من بكرة .
ابتسمت له بحب وهي جالسه بجنب جدتها بعد ماسلمت على راسها ..
داست على جرحها قدامهم وتجاهلت سيرة عماد وفكرت بنايف وبس قالت : الله يوفقك ياقلبي .. اجل الزواج قريب ...؟
قال نايف وهو واقف : ان شاء الله بداية الاجازة هذا قرار الشيخ ابو مشعل .
لاتذبحوني بسيرته ..
اسكتوا خلوا جرحي يبرا ...
خلوني انسى لو دقايق ..
أشغُلوني عنه وعن طاريه ..
وكأن فعايله مع الجميع تقول لها لاتحاولين مافيه مفر من سيرته ذكراه ..
طالع نايف في ساعته قال : العشا بيأذن يالله اشوفكم على خير .. بروح اصلي وادور لي على واحد عازب من اصحابي نشكي لبعض هم الفراغ والعزوبية .
قالت ام ناصر : فهد دق على الماخوذ هذا وكلمته يقول انه بيجي بكرة ..
رد نايف بضحكه وهويعطيهم ظهره متوجه للباب : اييييه من قدك يافهيدان عريس وماتقدر على الطلعه من البيت .
ردت ام ناصر بحده : انت علامك على ولد عمك المسكين يقول انه رجع من المسجد واونس ( حس ) راسه يعوره ..؟
صر نايف عيونه بتشكيك وهو يلتفت لهم قال : اونس راسه هاه .. الا قولي ههههههههههه ... ولا اقولكم خلوه الله يهنيه ..
ابتسمت شادن لنايف وقالت ام ناصر لشادن الهادية : ترى فوزية كلمتني وتسلم عليتس .
قال نايف بضحكه : والله ياجدتي انتي الايام هذي شغاله سنترال لتلفون البيت ...
طالعت ام ناصر في شادن قالت : اخوتس المهبول هذا وش يقول عوَّد مثل فهيدان ..؟
ابتسمت شادن بشفايف باهته ووجه اصفر قالت : ماعليك منه ياجدتي الله يسلم ام فيصل اش اخبارها ..
: طيبه وتقول شهد ابلشتها تبيكم انتي وعماد تعودون للديرة ولاينقلون هم لجده ويجون عندكم .
ابتسممت مجامله قالت وهي توقف : جدتي تبغين مني شي قبل اطلع .. انا بروح اتحمم وابدل ملابسي وارجع لك .
: لاترجعين لي يابنيتي ارتاحي في حجرتتس .. انا بصلي العشا ثم ارقد .. قايمة(ن) من صلاة الفجر ولاقيلت يوم دريت انتس بتطلعين .
سلمت على راس جدتها مرة ثانية قالت : اجل تصبحين على خير .. بحاول انام بدري عشان اصحى معاك بكرة من بدري ان شاء الله .
وقفت وطلعت مع الدرج تمشي وتشيل حملها الأثقل من جسدها الذبلان ..
ممتنة لجدتها اللي كانت مكان امها باهتمامها ورعايتها ..
وخوفها عليها ..
وصلت غرفتها وشافت قطع جوالها مجمعتها الشغاله حاطتها على التسريحه ..
حاولت تركبها بيدين ترتعش من سبّة الذكرى وطاريه ..
شغلته وتركته على التسريحه وراحت لدولابها ..
تدور له على اثر ..
صورته وذكرياته
اخذت صورته تأملتها والعبرة تخنقها ..
عيونه ونظرتها الغريبه
مثل البحر فيها غموض
ومثل البحر فيها اتساع
ومثل البحر فيها حياة
ومثل البحر فيها ممات ..
باستها بحراره وضمتها على صدرها وأجهشت ببكاء مر وبصوت ماقدرت تكتمه وتخفيه ..
ليه تخليني ابكيك حيّ ياعماد
ليه تقفل صندوق صدرك عني انا
وانا المفروض المفتاح اللي يفتحه ويعلم بخفاياه بعد الله ..
ليه ماشاركتني همك وفرحك وخوفك ..
ليه تهرب وتبعد وتواجه لوحدك ..
امتدت كيس اسراره من الدولاب واستخرجته ..!
دفتره وأوراقه ..
وفتحت صفحات قديمه لعلها تبكي لين ماعاد يبقى دموع لعل الحزن ينتهي
لكن كل خطوة تخطوها للامام يبدا حزنها من جديد اعظم وأكبر ..
صفحة قديمة ..
عندما كنت افرح ..
كنت أحلم
قبل ان تسكن غارة حزن في فؤادي ..
كنت احلم
وبعد ان ادركت ان الحلم مات
صرت اهتف ..
يافؤادي ابكي دماً ..
ابكي هماً ..
ابكي حلماً ضاع
ابكي فرحاً تاه من بين ضلوعي
ووجعاً استوطن كبدي .. (#)
..
..
..
غمضت عيونها عن الباقي ..
ودموعها شلال ..
وفتحت صفحة اخيرة
مرسوم فيها رسومات صغيره مثلثات ودوائر ملونه بالحبر الاسود ..
صفحة تدل على ان صاحبها كان شارد ويفكر ويخربش ..
وفي نصها كتب بخطه الواثق الجريء ..
لست أطيق الحزن ياشادن ..
ولست اطيق الضعف المخفَّى تحت قوة رجل ..
هل تظنين اني بلا احساس ..؟
انا رجلٌ يكبت شعوره ومشاعره نحوكِ تحت وطأة صمت ..
وتحت جُبن اعتراف ..
اخشى ان اظلمك بحبي كما ظلمتكِ بعاهتي ..
انا الرجلٌ الذي ابكاني المرض خوفاً من الموت ..
وأبكاني حبكِ رغبةً بقربك
رغبةٌ باحتضانك
رغبةٌ بأن المس شفتيك وعينيك ووجنتيك ..
وجنتيكِ تلك التي ما ان تحمّر حتى تتوهج بداخلي مشاعر مجنونة ..
تحاول النفور والخروج عن سيطرتي فأغلبها بابتسامةٍ حمقاء تحتها الف دمعة من اجلك ..
وأدوسها بقدمي حتى تسكن ..
حبيبتي الباكية دوماً ..
دمعتك تؤرقني اكثر من شبح الموت ..
اكثر من اوجاع كبدي ..
من اجل عينيك التي لا أقوى على احتمال رؤيتها ..
ومن اجل شفتيك التي ترسم ابتسامة لاتتقنها انثى غيرك ..
من اجل حياتك وأنوثتك وأمومتك ..
سأرحل عنك بلا وداع ..
فقط كوني قوية واصبري حبيبتي ..(#)
..
شهقت بألم ..
وصرخت منهارة
مااقدر اكون قوية ..
ماخليت فيني قوة
قوتي انتهت على يدك ...
آآآآه ياربي ارحمني ..
يااااربي ارحمني ..
رمت الدفتر من يدها وبكت بصوت يقطع نياط القلوب ..
مرت ساعه وساعه ثانية وثالثه ..
كان حالها يرثى له
حزينه وكئيبة
موجوعه ومهمومه ..
ومابه من يشاركها او يخفف عنها ..
يتبع ,,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك