رواية ملامح الحزن العتيق -6
وقف على حيله وراح لمازن اللي سانده وآزره في محنته بالتذكير بجزاء الصابرين وان الله اذا احب عبده ابتلاه ..
: اش فيك اليوم يانايف ..؟
: افكر باهلي يامازن .. اختي ماادري وش صاير عليها وامي مسكينه تقاوم طغيان صالح وهي ضعيفه ماتعودت على القسوة ..
: يارجال لاتفكر .. امس انا وصيت ابوي يمر على جاركم يجي يزورك ويطمنك على اهلك .
: ماادري ليه هالمرة مشاري ماجاني الله يجعله خير ..
: اكيد عذره معاه ..
وقف عندهم ابو سلمان وهو متوضي قال : قوموا ياعيال توضوا الصلاة لاتفوتكم ..
ابوسلمان متبني الأبرياء والصالحين في السجن ..
امثال نايف اللي دخل السجن بتهمه المفروض يكافأ عليها بدل مايجازى ..
ومازن اللي كان دخوله للسجن حرام وهو الصديق اللي وفى وستر على خويه وصاحبه ورفيق عمره مادرى بالغدر اللي يحاك من ورى ظهره وان الخوي استغل وجوده في بيت مازن ومارس نشاطه الدنيء في توزيع المخدرات داخل اسوار بيته ومجلسه ...
ولمن فتشت الشرطه البيت حصلت كمية هيروين انكرها وجحدها صاحب مازن وتدبس فيها مازن والنتيجه حكم بالسجن ست سنوات ..
وقفوا نايف ومازن وتوجهوا للخالق العادل ..
هو اللي نصْرهم على يده ..
وفرجهم بقدرته ..
وهو اللي مايتخلى عن عبده اذا لجأ له ..
وهو العدل اللي مايرضى بالاجحاف والظلم حتى وان امهل لكنه لايهمل جل وعلا ..
قال ابو سلمان بمحبة : ادعوا ربكم وانا عمكم .. ترى الدعاء سهام الليل وقارع ابواب السماء اذا جاكم النهار بانت اثاره وظهرت ثماره .
هزوا روسهم وكلٍ توجه للباريء العزيز باللي في قلبه ..
***
مانامت طول الليلة ..
هالاسبوع مر عليها كأنه دهر ..
خايفه من اخوها لأن نفس السيناريو ينعاد مع بنتها ..
تذكرت لمن جاها بعد وفاة ابونايف بثلاث سنوات كلها حزن ومرارة ودموع ومرض ..
: صالح ال.. خطبك ..
: خله يدور على غيري مالي رغبة بالرجال من بعد ابو نايف .
: بس انا عطيت الرجال كلمه وانتهى الموضوه وحبيت يكون عندك خبر من بدري ..
: اش قاعد تقول ياابو نادر انا اتزوج بعد خالد .. ولا تبغاني اتزوج هالرجال اللي محد يمدحه .
: انتي وش عليك من كلام الناس .. صالح خويي اعرفه زين وواثق انه رجال وطيب وكريم ومتوظف قبل شهرين وراتبه خمسه الاف يعني ماينقصه شي حتى ترفضينه
: مستحيل اتزوج بعد ابو نايف يامحمد .
: وش هالكلام ..؟ تبين عيالك يتيتمون طول العمر انا جايك ابيك تربين عيالك مع ابو ثاني يحميهم ويخاف عليهم ويصونك وانتي ترفضين
: مو موافقه يامحمد ولا تطولها .
: ماهو على كيفك ياعزيزة والحريم مالهن عندي راي ولا مشورة بكرة بيجي صالح يملك والخميس مثل اليوم من الاسبوع الجاي زواجك
: لا يامحمد تكفى ابغى اربي عيالي .. انا حرمت الرجال بعد خالد ..
قاطعها قال : انا عطيت للرجال كلمه واسكتي لااسمع صوتك فاهمه ولا لا ..؟ وطلع وتركها في دموعها وعيالها مذهولين رافضين كل شي بعد وفاة ابوهم ..
تزوجت صالح بدون مهر ..
بدون حفل وفرح ..
ملك لها محمد غصب عنها وهددها انه يودي عيالها لديرة ابوهم وجدتهم لو ماوقعت وكلمت المأذون انها موافقه ويحرمها شوفتهم للأبد ..
ودخل عليها صالح بعد اسبوع ..!
ماتنسى نظرة عيالها المفجوعين ومقهورين وشلون رجال غريب يدخل غرفة ابوهم كذا وبكل بساطه وبسهولة ..
اول ليلة مع صالح قضتها بكا وحزن وهوشة مع صالح واللي ختمها بضرب مبرح لها .
الحين نفس الأحداث تنعاد ومحمد باسه قوي وكلامه بيمشيه على بنتها مثل مامشاه عليها قبل ..
وشلون توقف بوجهه
وهي خايفه ان نايف يطول في السجن لو ماوافقت شادن ...
وبعدها يتسبد محمد فيها بمساندة ومؤازرة صالح ..!
الساعه ثنين فجر الاربعا ...
الاربعا موعد محمد وولده ..
صلت التهجد ودعت الله انه ييسر لبنتها امورها ويرد لها نايف ويقر عينها فيه .. ويكفيها شر من فيه شر سواء صالح ولا محمد وولده ..
مرتها شادن وهي لابسه عبايتها ومعاها شنطة صغيرة فيها بعض اغراضها اللي تحتاجها اذا جلست هاليومين عند جدتها .
قالت : يالله يمه انا ماشيه اهتمي بنفسك ولا تفكرين كثير وروحي عند ام مشاري تراها وصتني أأكد عليك تجينها .
وقفت وجات عند بنتها ..
مسكت طرف عباية بنتها من فوق بحيرة قالت باستسلام لابد منه : شادن اجلسي عند جدتك الاسبوع كله .
: الاسبوع كله ..؟
: ايوه لين احل الموضوع مع محمد .
: طيب يمه بخلي خلود تكلمك تعرفين مافيه اتصالات هناك .
: احرصي على نفسك ولاتخافين من خالك مايقدرك يجبرك على شي .
سلمت على راسها وابتسمت لها قالت : انتي اللي لاتخافين انا ادري خالي مايقدر يسوي لي شي وقوته عليك انتي عشانك تخافين منه اما انا مااخاف الا من ربي .
ردت لها امها الابتسامه ممزوجه بخوف وقلق وهزت راسها قالت : خير ان شاء الله .
: يالله يمه مع السلامه .. وصل ابو بدر ..
: الله معاك .
***
الخوف والترقب والتوتر هو سيد الموقف في هالصباح ...
اليوم الطريق مختلف ..
بالرغم انه هو هو ونفسه ..
بس الفرق انه طويل غير عن كل يوم ..
والاحساس مختلف رغم الارتياح الا ان فيه رهبه ..
رغم الشوق الا انه فيه رغبه بالابتعاد ..
رغم الأمل بالأمان الا ان فيه خوف من الآتي .
" يارب فوضت امري لك " قالته وهي تجمع باقي اغراضها كتبها ووسائلها التعليميه ودفاتر الطالبات اللي في كيس وطاح منها ثلاثه ..
دخلت المدرسه وتركت الشنطة اللي فيها ملابسها وبعض اغراضها اللي تلزمها وهي في بيت جدتها .. بسيارة ابو بدر حتى ماتشوفها نوف وتخاصم وتلقى على شادن منفذ او زلة .
بعد اربع حصص شرحتها بحماس واخلاص واتقان وتفاني في توصيل المعلومة للطالبات راحت عند نوير اللي تعرف اهل القرية كلهم ..
وقفت على باب فصلها وشافتها تصحح دفاتر البنات مو منتبهة لها ..
دقت على الباب قالت طالبه من اللي يجلسون في الصف الاول : ابله ابله .
رفعت نوير راسها واشرت البنت للباب قالت : شوفي ابلا شادن .
انتبهت نوير وابتسمت قالت : هلا شادن تفضلي .
ردت لها شادن الابتسامه بمثلها قالت : لا ممكن تجين دقيقتين ابغاك .
: زين يالله جايتك ..
قامت من كرسيها والتفتت على البنات
قالت : ولا وحدة تتحرك من مكانها دقايق وراجعة لكم اللي الاقيها واقفه ولا تتكلم بصوت عالي عاقبتها .
طلعت برا مع شادن قالت : هلا شادن نوف قالت لك شي ..؟
ابتسمت شادن لنوير لتكرارها هالسؤال لأنها من يوم جات للمدرسة وهي حاسة ان نوف تكن لها حقد مجهول السبب بالنسبة لها ..
شبكت يدينها في بعض وقالت : لا ماقالت شي اليوم .. ممم ابغى اسألك نوير ..!
: تفضلي .
: بسألك عن ناس تعرفينهم في القريه .
: من ؟
: اهل سعد بن عبدالله ال ..
: سعد بن عبدالله .. سعد بن عبدالله ال... .. اللي امهم حصة ال..
: وش فيهم ؟ وش تبين منهم ؟
: هذولا عماني وحصة تصير جدتي ام ابوي
فتحت نوير عيونها بذهول قالت : احلفي ... وانا اقول نوف وش فيها عليك وتقول انك نقلتي هنا عشان تغثينها من قبل ماتشوفك .
: ليه نوف اش دخلها فيهم ؟.
: جارتهم بس ماعليك من نوف الحين .
: طيب المهم اليوم انا بروح لبيت جدتي وخايفه ومرتبكه تصدقين ماقد شفتها ..
: ليه كذا حرام عليكم .
: ابوي الله يرحمه صارت له ظروف وانقطع عنهم وانا واخوي مانعرف مكانهم وتعرفين مافيه اتصالات هنا .
: الله يعين هذي الدنيا تجمع وتفرق .. ياقلبي تطمني هدي بالك ..
عمانك ناس طيبين وجدتك عايشة في بيت ولدها او ولد بنتها اللي هو عماد . ترى نوف تعرفهم اكثر اذا تبيني اسألها لك اكيد تعرفهم اكثر مني .
: لا لا فكينا من نوف ماابي احتك فيها . بس انا ماني راجعه لجده اليوم وخايفه من وضعي عند جدتي ماادري كيف ..! فأبغاك تكونين معاي .
ضحكت نوير واستغربت قلق شادن من اهلها وهي اللي تدري بأهل القرية وطيبتهم والخوف او القلق ماله أي داعي ..
قالت : لا ياعمري بتستقبلك وتشيلك على كفوف الراحه وانا ماني رايحه معاك لأن ماله داعي بس بوصف لك بيتي متى مااحتجتيني تلاقيني . .
هزت راسها وعضت على شفتها السفلى بحيرة قالت : اوكي اللي تشوفينه .
: بيتي ثاني بيت اذا طلعتي من المدرسة على يمينك .. يعني مو فيللا فيللا .. تقدرين تقولين فيللا صغيرة لونها بيج على ابيض .
هزت شادن راسها قالت : انا بروح مع شهد تقدر توصلني ..؟
: ايوه تقدر .. وترى شهد زارتني كذا مرة تلعب مع ولدي سامر وتعرف بيتي زين .. وانتم طالعين خليها توريك اياه .
: ان شاء الله .
..
دقات قلبها تسابق خطواتها ..
وبدت رجفه خفيفة تسري بجسدها ..
وسرعة دمها زادت ..
ماتدري خوف ولا شوق وفرح ..
حانت الساعة اللي من اسبوع تنتظرها وتحسب لها الف حساب ..
مرت على فصل ثالث ابتدائي ونادت شهد اللي جات تجري وضمت شادن كأنها تعرفها من سنين .
قالت ببراءة : جدتي تقول تجيني ولا جيتها للمدرسة .
: اليوم بروح انا وانتي لها ها اش رايك ؟
نطت شهد اكثر من مرة قالت : هييييييييييييييييييي يالله بروح اجيب شنطتي ونطلع الحين .
: ههههههههههههههههه لا مو الحين استني باقي لك الحصة الخامسة احضريها واذا خلصتي تعالي للغرفة عندي اطلع معاك اوكي
قالت بقلة حيلة واذعان : طيب .
رجعت شهد لفصلها وشادن توجهت لغرفة المدرسات لقت فيها مريم والعنود .. وسلمى اللي ماتطلع من فصل ثالث الا نادرا لمن يكون عليهم فنية او علوم .
جلست على مكتبها اللي تشاركها فيه نوير وطلعت علبة مكياجها وزبطت مكياج خفيف ومشطت شعرها الناعم الأسود القصير واللي اطول خصلة فيه توصل لأسفل اكتافها .
حطت روج ثابت ومسكرة وقفلت علبة المكياج ورجعتها لشنطتها .
قالت سلمى : خير بتقابلين احد ..؟
: ايوه بروح لبيت جدتي بعد شوي ..!
: ماشاء الله وابو بدر عادي ينزلك عندها . ؟
ضحكت شادن من سلمى قالت : هههههههههههههه لا ماراح اروح مع ابو بدر بروح انا وشهد . !!
: شهد عبدالعزيز اللي سنة ثالث ؟
: ايوه كيف عرفتيها ..
: ماتبغى ذكاء مافي المدرسة شهد الا هي ..!
: اها .
: تقرب لك ؟
: ايوه تصير بنت عمتي اخت ابوي الله يرحمه .
: الله يرحمه .. وانا اقول النعومه والشياكه اللي بشهد اثريها مو طالعه لغريب .. فيها منك نعومه شعرها وسواده بس انتي ابيض منها وملامحك احلى .
: تسلمين ياعمري والله شهودة كلها حلا واحلى مني بسم الله عليها .
: هي حلوة بس مو احلى ولا انعم واشيك منك . يمكن الشمس اللي تطلع فيها كثير اثرت عليها شويه .
ردت شادن وهي تقفل علبة القلوس وتضحك : حياتي ياسلمى .. وين سارة تسمعك كل شوي تقول لي مافيك انوثه وكأنك ولد عشاني مااحط مكياج كثير ومااطول شعري .
: ههههههههههههه لا بالعكس حتى لو ماتحطين مكياج كثير زي بعض البنات بس انتي بسيطه وانيقه .
: تسلمين لي ياسلمى كلك ذوق .
دخلت عليهم شهد قالت : ابلا شادن يالله نمشي .
قامت لها شادن ومسكت يدينها وهي تضحك قالت : ههههههههههههه بدري ياشهودة .
: خلاص خلصت الواجب .. والابلا قالت روحي .
: لا حبيبتي لسه ماخلص الدوام وانا مااقدر اخرج الا بعد مايخلص الدوام . روحي انتظريني واذا خلصت اناديك .
: اذا تأخرت عماد ياخذني ومااروح معاك اوريك بيت جدتي .
: مممممم ورطه بجد اجل بخلي ابلا نوير تروح معاي للمديرة تسمح لي اخرج بدري.
وقفت شادن وشهد ماسكه شنطتها وماعاد فيها تنتظر ..
متحمسة وفرحانه ..
ولو بكيفها مشت في هاللحظة وبهالثانية بس مضطرة تسمع الأوامر والكلام وتصبر ..
اليوم حدث هام بالنسبة لشهد تحس بشي جديد في حياتها ومميز ..
اخيراً صارت وحدة من المدرسات اللي يمثلون لها قدوة واهتمام وحب استطلاع وطموح تقرب لها وقريبة منها .
قد ايش الطفل عالمه حلو ..
مافيه احلى من الفرح على وجهه وفي عيونه ..
وسبحان الله اشياء بسيطه وعادية تدخل البهجه لنفسه ويعيش لحظات غير عادية بالنسبة له .
دخلت ابلا نوير قبل ماتخرج شادن جاية من الادارة ..
قالت لها شادن : ام سامر تروحين معاي لنوف ابي اطلع الحين اخاف ولد عمتي يجي ياخذ شهد اذا تأخرت وانا استحي اروح معاه .
: ممممممممم زين خليني اروح اقول لها والحقيني بعد دقيقه .
: اوكي بجي وراك ..
راحت نوير وكلمت نوف اللي لوت فمها وعقدت حواجبها لمن سمعت نوير تقول ان شادن بتروح لاهلها الحين .
قالت : وليه حضرتها ترسلتس ماجات بنفسها واستأذنت .
ردت نوير اللي تمون على نوف بحكم انهم من اهل القرية ونوير اكبر من نوف واقدم منها في المدرسة .
: البنت بتجيك بس انا حبيت اقول لك قبل تجي خفت تحرجينها بصراحه ولا ترفضين انها تطلع الحين .
رمت القلم من يدها وتأففت قالت : وليه احرجها ولا امنعها تطلع ... نزلت راسها وطالعت بالاوراق اللي قدامها قالت : الدوام اصلاً خلص ماباقي شي وهي مو مناوبه اليوم اذا بتروح عادي .
دخلت شادن وسلمت وغمزت لها نوير وهي تبتسم يعني اوكي .
قالت شادن : بعد اذنك ابلا نوف .....
قاطعتها نوف وهي تكتب ومارفعت راسها قالت : ايوه ايوه قالت لي نوير اذا تبين تروحين روحي .
ابتسمت شادن قالت : مشكورة .
وطلعت من دون ماتسمع رد نوف عليها
قالت : شهد يالله امشي .
طلعت مع شهد موجهتها ودليلها في القرية ولبيت جدتها ..
اول مرة تطلع من المدرسه وتتجاوز سيارة ابو بدر بعد مامرتها واخذت شنطة ملابسها منها . ..
وأول مرة تمشي في مكان ماتعرفه من دون امها ولا نايف او سارة ..
وأول مرة تروح لمكان كل مشاعرها تنصب تجاهه بالرغم انا تجهله وماتعرفه .
قلق ، خوف ، ارتباك ، فرح وشوق واحساس بالحنين لريحة الغالي (ابوها ) وحب استطلاع ورغبة في معرفة اهله والبيئة اللي تربى فيها ...
وبنفسها " الله يرحمك ياابوي تمنيتك معاي بهاللحظة اللي اكيد راح تسعدك "
اشوا ان الجو حلو ومو حر ..
ولا كان تحترق وهي تمشي على رجولها في عز الظهر ..
من اربعه ايام والغيوم متلبده بالسما وحاجبة الشمس كل يوم تقول ان فيه احتمال ان المطر ينزل ..
شافت البيت اللي وصفته لها نوير وسألت شهد عنه واكدت لها انه بيت ابلا نوير .
غاصت رجلها في رمل يستخدم في بناء بيت جديد قالت شهد بحماس : ابلا ابلا شوفي هذا بيتنا .. امي قالت لابوي يسوي لنا مثل بيت عماد .. حلو صح ؟
كانت تتعثر بمشيتها على عكس شهد اللي تعودت على المشي في الرمل وأرضية القرية اللي تميل للصحراوية اكثر من الجبلية ..
قالت : لسه ماخلص بس ان شاء الله يصير حلو .
: تعالي تفرجي عليه معاي .
: لا حبيبتي مو الحين بعدين اجي معاك ونشوفه بس الحين مااقدر
: طيب .
مشت بوسط الحارة ومرت بجنب البيوت اللي بعض شبابيكها مفتوحه .. شافت وحده تطل من الشباك ونادت شهد بصوت عالي .
: شههههد .
ردت شهد : نعععععم .
وبأريحيه تكلمت الحرمة وكأن كل اللي يسمعونها من الجيران والمارة يقربون لها ومن العايلة
قالت : هذي من اللي معك ؟
: هذي ابلا شادن جات بتسلم على جدتي .
: والله ..؟ خليها تتفضل حياها الله .
طالعت شادن وحست باحراج فظيع ..
قالت بصوت هادي : شهد ليه تتكلمين ؟ امشي بسرعه .
تكلمت شهد وببراءة : هذي صالحه ام جواهر وغالية جارة عمتي جميلة .
ضحكت شادن لأنها تحس نفسها غريبة بين اهل ومعارف شهد اللي حافظة تقريباً اهل القرية كلهم على صغر سنها ...
قالت : طيب امشي بسرعه ولا تطالعين في الناس ولا تردين على احد .
سمعت الحرمه تقول : تعالوا بفتح لكم الباب .
قالت شادن لشهد : شهد قولي مرة ثانية ان شاء الله الحين مانقدر .
ردت شهد بصوت عالي : ابلا شادن تقول مرة ثانية لأن الحين مانقدر
ردت الحرمه : اجل على راحتكم .
مشت شادن بسرعه وهي لازالت تتعثر في الرمل وعبايتها باين انها غبرت .. المهم متى توصل بس ..
خلاص كل اهل الحي عرفوا انها رايحه لجدتها لأنهم تقريباً كلهم فاتحين الشبابيك ويطالعون برا عادي .
: ابلا ابلا هذا بيت جدتي شوفي
الحمد لله اخيراً جاها الفرج ..
طالعت شادن وهي تقدم خطوة وتأخر الثانية ..
ياربي كيف بيكون استقبال جدتها لها ..
اذا جدتها حبتها اكيد الباقين راح يتقبلونها ..
واذا العكس مالها قعده هنا لو دقيقه وحده ..
تذكرت ان بيت ابلا نوير قريب وقت الطواريء وهو اول بيت ومكان راح تلجأ له اذا احتاج الأمر .
قالت شهد .. : ابلا شفتيها ؟
: شو ياعمري آسفه ماسمعتك !
: اقول لك شوفي سيارات عماد !
التفتت شادن لكراش السيارات اللي بجنب الفيللا قالت : شفتها ماشاء الله عليها حلوة .
كانت سيارتين وحده فخمه لونها فضي .. والثانية كامري وبيضا وشكلها حقت مشاوير عادية لداخل القرية ..
: باقي الجيب تلاقين عماد راح عليه .
: طيب شهد دقي الباب .
دقت شهد البوابه بيدها وركلتها برجلها ..
قالت شادن : دقي الجرس .
: مايشتغل الحين عشان الكهرباء طافيه الحين .
شهقت شادن وارتعبت لمجرد احساسها انها بتجلس هنا في الحر بدون تكييف او نور . قالت : ومتى يشتغل ..؟
شهد بعفوية : يشتغل من العصر اليييييييييييين الصباح بعدين يطفي الييييييين العصر .
قطعت الشغاله اللي فتحت البوابه كلامهم وزاد توتر شادن بنبضات متسارعه ورعشة اوصالها ..!
دخلت شهد قبلها تجري وهي تنادي امها بصوت عالي ..
اما هي متردده تدخل ولا تنتظر لين احد يدخلها ..
ماانتظرت كثير الا جات حرمة في منتصف العشرينات لابسه جلابية عادية ولامه شعرها ورى وهي ترحب وتهلي
: ياهلا والله ومرحبا . . ياربي تحيي شادن اللي ماقد شفناها ..
قالت بحرج مخالطه فرح : هلا والله الله يسلمك .
سلمت عليها بحرارة قالت : تفضلي حبيبتي ادخلي امي تنتظرك على جمر .
دخلت شادن ورى الحرمة اللي عرفت انها عمتها فوزية ام شهد
لأن شهد جات معاها وهي تقول بفخر : ماما شوفي هذي ابلا شادن انا انا اللي جبتها للبيت ..
نزلت غاطاها وتركت طرحتها زي ماهي لافتها على شعرها وقلبها يغمره احساس غريب .." ريحة ابوي .. اهل ابوي .. ناس ابوي ... يارب طلبتك عساهم يكونون احسن من اخوان امي ... "
طالعت المكان من داخل البيت يوحي ببساطه وجمال بوقت واحد ..
والألوان هادية ومريحه ومو متكلفه ..!
مايفرق كثير عن بيتهم الا ان هذا باين انه جديد والوانه احلى من الوان بيتهم .
وتردد السؤال نفسه لمن شافت البيت هذا اول مرة من برا ..
" ليه اللي بناه يحطه هنا بقرية تنقصها الاف الخدمات ونائية عن الدنيا كلها مافيها شوية غنم وجمال ومدرسة ابتدائية وكم بيت شعبي "
مشت كم خطوة للصالة الثانية والصغيرة واللي مصممه على شكل مجلس عربي .. جلسه من النوع الأنيق والبسيط توحي بالتراث والباديه ...
سمعت صوت اقتحم مشاعرها وتفكيرها واحلامها وأمنياتها .. واستقر بالقلب والخلايا والدم ..
..صوت مخنوق
وهلا ومرحبا تتخللها شهقات انسان كبير اجحفته الدنيا وحرمته من انسان غالي وجرح فراقه وبعده لايمكن تدمله السنين والايام ..
الفرحة تكسر وتجبر بوقت واحد ..
وتناقضات المشاعر مابين السعادة وتحقيق الحلم بشوفة بنت ولدها .. والحزن العميق بذكرى الغالي الراحل ..!
تقدمت خطوة تدور على صاحبة الصوت
.. استقرت عيونها عليها وشافتها ..
حرمه كبيرة جالسه على الأرض بجنبها عصا عشان تتركى عليها .. وهي تحاول تقاوم العجز والكبر ووجع الركب والروماتيزم وتقوم لبنت ولدها اللي حرمها منه عناده وعناد ابوه والزمن ..
اسرعت شادن لعندها ..
سلمت عليها وهي جالسه ..
باست راسها ويدينها وراسها مرة ثانية ..
ماكفاها الا لمن رمت نفسها بحضنها ودموعها تغسل كل اوجاعها وهمومها وحزنها في حضن ام الغالي ..
الأمن والأمان والحنان والقوة اللي تحتاجها ..
باست راسها من جديد وهي تقول : سامحينا ياجدتي ماكنا عارفين كيف نوصل لك .
الجدة ماتقدر على التعبير في هاللحظة .. دموعها كانت خير تعبير واقوى دليل على فرحتها بشوفة بنت الغالي ..
وبنفس الوقت تجددت الجروح اللي اصلاً ماالتئمت للحين .
قربت فوزية من امها قالت : يمه الله يهداك هذا استقبال .. الحين الدموع ليه والمفروض تفرحين بشادن وجيتها لنا ..؟
هزت راسها الجدة وهي تضم شادن لصدرها : دموع الوله والفرح بشوفتها .
سحبت فوزية شادن قالت : روحي غسلي ياشادن وتعالي تقهوي وعطينا اخبارك ترى لنا عليك حق ..
ابتسمت شادن ووخرت نفسها عن جدتها شويه ووقفت بتروح تغسل وترجع لهم مروقة شوي ..
مدت عليها فوزية فنجال القهوة .. وسمعوا صوت عماد يسولف مع شهد عند الباب ..
فزت شادن من مكانها ووقفت وهي تحط طرحتها على راسها قالت فوزية : ماراح يجي اكيد شهد قالت له انك هنا ..
نادى عماد فوزية وطلعت له ..
قال : سويتي غدا ولا اغدي بنت اخوك ..؟
: امي تقول مو اليوم عشان تبي تجمع اخواني كلهم والوقت الحين تأخر .
: زين اجل انا بطلع اتغدى عند فواز عازمني . تبون شي قبل لاامشي .
: لاسلامتك سلم لي على فواز وخله يمر علينا اليوم ..
عطاها ظهره وقفل الباب وراه ورجعت فوزية تكمل حديثها الشيق مع بنت اخوها .. بحب استطلاع لاكتشافها والتعمق في معرفة الكثير عنها .. لأن البعد والسنين اللي راحت كفيلة بأنها تشوقها لها اكثر وتحمسها للقرب منها ..!
احداث اقوى ..
وشخصيات جديدة ستدخل بهدوء او قوة ..
وفتحت السماءُ ابوابها //
فصلٌ خامس ...!
*؛*؛*؛*؛*؛*؛*؛*؛*؛*؛*؛*؛*؛
بعد ماصلت العصر اخذتها فوزية لغرفتها اللي جهزوها لها من يوم عرفوا انها استقرت بمدرسة الأجواد .
الغرفه كبيرة واكبر من غرفتها في بيتهم ..فيها سرير عادي وانيق ..
مخداته ومفرشه ناعمين بألوان موف ووردي ..
دخلت الحمام المشترك بين غرفتها وغرفة عمتها ..
واخذت لها شور سريع وطلعت لبست بيجامه جابتها معاها بنطلون اصفر طويل وبلوزة كم طويل لونها ابيض ومخططه بالأصفر خطوط عريضة ..
جففت شعرها ومشطته وقررت تنام لها ساعتين طالما الكهرباء اشتغلت ..
الساعات اللي قضتها مع جدتها وعمتها كانت حارة ..
سواء حرارة المشاعرة .. او حرارة جو البيت بدون التكييف اللي تعودت عليه ..
تقلبت بسريرها والنوم ابعد مايكون عنها ..
المكان غريب عليها وصعب تتأقلم عليه بسهولة ..
مرت الساعتين وهي تفكر بخالها ومواجهة امها له اليوم ..
وصالح اللي من بعد حادثة هذيك الليلة ماشافته .. ولاتدري عنه ..
تخيلت وجهه وهو يدري ان لها اهل .
لها عم وولد عم .. وولد خاله ..!
وعندها جدتها اللي استشفت من جلستها معاها قوتها ودفاعها عن حقها وصعب مراسها اذا احد داس لها على طرف ..
لها سند ومن بيقف في وجهه ويمكن يرتكب فيه جريمة ان درى ان عمايله معها ..!
تنفست بعمق وابتسمت لاحساسها بنشوة الانتصار وانها ودعت الضعف والخوف من صالح وخالها ...
ماانتبهت للوقت اللي مر عليها الا لمن فزت بمكانها وهي تسمع صوت شهد اللي دقت عليها تقول : ابلا شادن ماما تقول اذا انتي صاحيه انزلي تقهوي معانا .
باست شهد على خدها قالت : ايوه ياعمري صاحية ومانمت .
قامت توضت وصلت وفتحت الباب لفوزية اللي دقت عليها تقول انها طولت بنومها وهم مشتاقين لها ..
ابتسمت لها وشافت فوزية تطالعها وتضحك قالت بمرح : انتبهي لاتنزلين عند امي ببيجامتك ثم تذبحك .
طالعت في لبسها وفتحت عيونها قالت : ها..؟ ليه ..؟
: هههههههههههههههههههه امي تقول ماعندنا بنات يلبسون بناطيل .
: اها ... ههههههههههههههههههه اشوا فجعتيني بس عشان البنطلون .. فيه ناس كثير مايحبونه .
: عاد امي متشددة بزياده انا مستحيل البس عندها الا قمصان عادية وجلابيات .. حتى التنورة فيها كلام عندها .
رفعت شادن حواجبها ولوت فمها قالت : لو دريت جبت معاي شي يعجبها .. ماجبت الا تنانير وبناطيل وبلايز .
: التنانير احتمال تعديها .. اهم شي القصير والبنطلون هذي محرمه شرعاً وقانوناً عند امي .
: ههههههههههههههههههههه اجل خلاص ببدل الحين البس تنورة وبلوزة واجي وراك .
: اذا تبغين جلابيه جبت لك .
: ممممم اوكي نلبس جلابيه ..
: طيب انتظريني دقايق واجيبها لك .
نزلت بعد ربع ساعه مع فوزية وهي لابسه جلابية فوزية وشكلها واسعه وطويلة شوية عليها بس ماشي حالها مثل ماقالت شادن ..
راحت لجدتها سلمت على راسها وجلست بجنبها والثانيه قعدت تسولف لها عن ايام زمان وحكاياتها مع عيالها ..
احياناً تبكي وتبكِّي البنات واحيانا تبتسم من ذكرياتهم ..
قررت شادن تمارس حقها الطبيعي مع جدتها وتحقق الأمنية اللي من صغرها تحلم فيها ..
حطت راسها على فخذ جدتها وتمددت وهي تتخيل لو امها معاها ونايف يسولف معاهم هنا ..
زفرت بآهه مكبوته وموجعه ..
وشلون يجتمعون وهم مشتتين ..
كل منهم في ارض ومكان محد يتمناه ..
الام مكلومة وموجوعه واكيد ان حربها مع اخوها بدت ..
والاخو محبوس ويده ممنوعه عن الدفاع عنها وعن امها ومحجوب بينه وبينهم ...
نزلت دمعه صامته من شادن وجدتها تدلك في شعرها وتخاصمها ليه تقصه ..
وان الحرمة تاجها هو شعرها وزينها وزينتها في شعرها واللي تقص شعرها مالها طله ولا فيها زين ولا قََـَبْلـَة ..
مست اصابعها دمعة شادن اللي نزلت منها ومتوجهه لاذنها وخلف رقبتها ..
وبسرعه شالت يدها تحسباً لعدم احراجها وتأجيل للمسائله والتحقيق ..
بس مافاتها انها تسألها لمن قامت فوزية تشوف العشا وتشرف عليه ..
: علميني ياشادن وش صاير عليكم ..؟ اخوتس ( اخوك ) فيه شي ..؟ امتس ( امك ) وش وضعها ..؟
همست شادن بصوت مخنوق : مافيهم الا العافية ياجدتي ..!
: مهوب ا نا اللي تلعبين عليه بهالكلمتين انا من يوم شفتس وسألتتس عن اهلتس عرفت من وجهتس ان فيهم شي .
نزلت دموع شادن اكثر ومسحتها ام ناصر باطراف اصابعها قالت : لاتنزل دمعتس وراسي حيٍ لتس ( لك )
جلست شادن وترقبت المكان بنظراتها وتطمنت ان محد حولها ..
قالت : بقولك ياجدة على اللي يصير لنا .. اصلاً لازم اقول لكم .. انتم اهلنا ومالنا غيركم ..
وانا ... انا ...
وانخرطت في بكاء مرير ..
هدتها جدتها وهي تقول : اذكري الله يابنتي والله محد يضركم من يوم عرفت طريقكم وانا ام ناصر .. علميني يابنيتي بدال الدموع اللي ماتسوي شي ..
سحبت لها منديل ومسحت به دموعها الغزيرة ..
قالت وهي تشهق بصوت واطي : ابي احد يوقف معانا ياجدتي .. من اول ماشفتك حسيت ان عز ابوي رجع لي ومحد راح يأذينا ..
وبصوت قوي يحاول يخفي وراه اللوعه ردت ام ناصر
: علميني وش اللي قاهرتس ( قاهرك ) الله يقهره دنيا وآخره ..
ضغطت على اصابع يدينها اليسار بإبهام وسبابة يمينها بتوتر قالت
: امي تزوجت واحد مايعرف ربه لاوظيفه ولا دين ولا اخلاق ..
: افااااا ياذا العلم ... هذا عوض خالد ..!!!
: هذا عوض ابوي ياجدتي ... بهذلنا انا ونايف وخلا حياتنا جحيم ..
: انا سمعت ان اخوها غاصبها عليه وارسلت ناصر يدوركم ويجيبكم لي .. لكنه رجع لي يقول انكم نقلتوا وبعتوا بيت خالد ..
سكتت الجدة ثواني واخذت نفس عميق وكلمت : والله يابنيتي لولا خوفنا من ربنا كان بلغنا الشرطه واخذناكم غصب بس خفنا نقطع قلب امتس عليكم .. يسد حزنها على ابوتس الله يرحمه .. سمعت انها حزنت عليه وبغت تلحقه .
تنهدت شادن وهي تشوف موقف جدتها ناحية امها وتعاطفها معاها
قالت بارتياح نوعا ما ..
: صادقة ياجدتي امي مرضت بعد وفاة ابوي الله يرحمه وحزنت عليه سنتين بس خالي محمد انسان جشع مايهمه غير نفسه . زوَّجها صالح وقلب نعيمنا جحيم .. حط راسه براس نايف وانا يضايقني بالرايحه والجاية وجنى على بنته اول لمن حملت فيها امي وهو مدمن كحول ومخدرات وجات معاقه .. ثم لمن جا قبل شهر تقريبا وركلها برجله طاحت ندى على راسها وجاها نزيف في المخ وتوفت بعده على طول.
وبحمية القريب الغيور صفقت بكف على كف قالت : لاحوول ولاقوة الا بالله حسبي الله ونعم الوكيل على الظالم ... وامتس عسى حالها اشوا ؟
: امي صابرة وتصبر وتتحمل ..
علمها صالح الصبر من يوم تزوجته وهي صابرة بس اللي يقهرها عمايله فيني انا ونايف وكل الباقي يهون عند امي .
: وش هو مسوي لتس انتي ونايف عساه للبلا ..
سردت لها شادن كل اللي يسويه صالح بالتفصيل الممل ..
والجده تتوجع بداخلها وتحاول تظهر صلابتها وتحملها قالت بقوة وتماسك ..
: افاااااا نايف مسجون... والله مايطول سجنه وانا ام ناصر محييني ربي .
حاولت شادن تتماسك ولاتنزل دموعها ..
يتبع ,,,,
👇👇👇
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضى ,,, اضف تعليقك