بارت من

رواية ملامح الحزن العتيق -22

رواية ملامح الحزن العتيق - غرام

رواية ملامح الحزن العتيق -22

دخل البيت وطلع فوق على طول ..
شافها متكومه على نفسها في سريرها ومتغطيه باللحاف مو باين منها شي ..
وبجنبها كوب كبير فيه شاهي او عصير لونه بني فاتح ..
مد يده ولمسه وحسه دافي ومشروب منه النص تقريباً ..
ريحته موغريبه ..
بس ماتذكرها ..
قرب منها وجلس على طرف السرير قال : شادن .
رفعت اللحاف عن وجهها بعد ماحست فيه وسمعت صوته ..
قالت وهي معقده حواجبها : هلا .
سندت بظهرها على مخدتها ورجعت شعرها المتبعثر على وجهها ورى ..
قال : سلامات وش فيك .. ؟
وجهها احمر وعيونها ذبلانه وحمرا وباين عليها التعب قالت : الله يسلمك .
: وش تحسين فيه ..؟
: ها .. ولا شي .. عادي .. بطني .
كانت مرتبكه ومستحيه وخجلانه قال : قومي بوديك للطبيبة تعطيك شي .. هذا وشو اللي هنا .. ؟ افطرتي ..؟ لهالدرجة تعبانه . ؟
نزلت نظرها للأرض قالت بخجل : قرفه .
كشر قال : يالله امشي بوديك للمستوصف يعطونك شي احسن من الخرابيط اللي تشربينها .
: لا مو لازم . خلاص انا الحين احسن .
: احسن وهذا شكلك يالله بس لاتعاندين قومي .
رفعت نظرها قالت : والله مو لازم طبيبة انا اعرف نفسي شويه وراح اصير كويسه .
وبعفويه قال : طيب الألم من وين بالضبط .
فتحت فمها قالت : بطني .. خلاص الحين مافيني شي .. انت روح افطر ترى المغرب حيأذن .
صك اسنانه قال بقلة صبر وخوف : وريني الألم من وين ..؟
ثنت رجولها ولفت يدينها عليها والمغص يزيد عليها قالت : بطني وظهري .. خلاص اخذت بندول وشربت قرفه الحين يخف .
: ومن قال لك ان القرفه والخرابيط تخفف لك الألم ..
غمضت عيونها وهي ماعاد فيها تتحمل الألم ولا سخافته قالت : انا اعرف نفسي .
وقف قال بحزم : انا بطلع اخليك تبدلين ملابسك .. خمس دقايق والاقيك جاهزة .
ردت بسرعه قالت : لااا . ماني رايحه ولوسمحت روح افطر واتركني . انا مو ناقصتك .
رجع لها قال : شادن .. انا ماابي اضغط عليك ولا اجبرك بس كونك تتألمين قدامي وتتعبين لدرجة انك تفطرين هذا مايرضيني ولا راح اسكت ..
حطت يدينها على وجهها قالت : انا معذورة ماعليّ صيام خلاص ارتحت .. عرفت ليه انا تعبانه .
فتح فمه مايدري وش قصدها ..!
وفجأة كأنه انضرب على راسه .
انا وش يدريني عن الحريم واسرارهن ..
لأول مرة يكون بموقف محرج مثل هذا ..
قال بارتباك : وافرضي .. وش هاالألم .
عقدت حواجبها قالت : عادي انا متعودة .
وقف قال باهتمام : طيب وش اللي يصلح لك غير القرفه .
: خلاص شويه وحصير كويسه . انت بس اطفي النور وروح افطر .
: لا ماني رايح برسل الشغاله تجيب لنا فطور هنا .
: لاا انا ماراح افطر بنام الحين ..
هز راسه وخرج وهي حاولت تغفو لين تعدي ساعات الألم اللي تمر عليها كل شهر وتعتبر من اسوأ واصعب الأوقات بحياتها ..
لامت نفسها على كلامها وصراحتها بس ماقدامها حل وهي تعبانه وقرفانه من الألم الا انها تفتك منه وتقول له ..
شدت اللحاف على جسمها وتمنت لو انها راحت وغيرت جو وسمعت كلام جدتها ..
هذا اللي استفادته
احرجته واحرجت نفسها معاه ..
***
طلع لبيت خاله وافطر هناك وسط اسألة جدته وخاله عن شادن وهو رد عليهم بأن معدتها تعبانه وتركها ترتاح ..
بعد صلاة العشا والتراويح ..
مارجع معاهم لبيت ناصر مثل عادته وآثر انه يرجع لبيته ويشوفها ويتطمن عليها ..
دخل عليها وهي على وضعها وشكلها نايمه وغاطه في نومها ..
فتح النور وماتحركت وجلس على طرف سريرها قال : شادن .
فتحت عيونها بهدوء وهي تحس براحه في جسمها بعد عاصفة الألم اللي اجتاحتها اليوم ..
قامت وجلست قالت : عماد ..؟ من متى وانت هنا ..؟
: توني دخلت .. ها وشلونك الحين ..؟
: خلاص ماعاد فيني شي .
رجعت شعرها ورى ولمته بالشباصة اللي بجنبها على الكومودينو قالت : افطرت ..؟
: ايه افطرت وقلت للشغاله تجيب لك فطور .
: مو مشتهية شي الحين بقوم آخذ لي شور .
ابتسم على مصطلحاتها الغريبه عندهم في الديرة وبين اهله ..
هي متمسكه بكلامها ومافكرت تغير منها كلمه وحده او انها تقلدهم ..
وقف وتوجه للباب وهو يقول : قومي اجل اخذي لتس شور وانزلي تحت جدتي بتجي خليها تشوفتس طيبة ترها قلقت عليتس واقلقتني معها .
خرج من دون ماترد وقامت اخذت لها شور ولبست تنورة جينز ازرق وبلوزة قطنية ودافيه بكم طويل لونها بيج ..
فتحت شعرها وتزينت بمكياج خفيف وتعطرت ونزلت لجدتها اللي اول ماوصلت ارسلت لها الشغاله تسألها اذا هي بخير ولا لا ..
انتبه لها وهي تنزل مع الدرج قبل لايدخل لغرفة جدته قال وعلى جبينه ابتسامة رضا واطمئنان : لاااا اشوا الحمد لله .. من يقول ان هذي اللي اليوم تلوى من الوجع .
ابتسمت بخجل قالت : الحمد لله ماعاد فيني شي .
دخل لغرفة جدته وهي جالسه على سجادتها وتصلي قال : خلصتي ياام ناصر ولانطلع ونخليتس تكملين .
طالعتهم ام ناصر وهي تتمتم بسبحان الله والحمد لله ولااله الا الله والله اكبر ولاحول ولا قوة الا بالله ..
قالت : خلصت عسى الله لايفرقكم ويمد بعمري لين اشوف عيالكم .
قالت شادن بجرأة وهي تبتسم لجدتها : آميين يارب ويخليك لنا وتشوفين عيال عيالنا وانتي طيبه ومتعافيه .
مارفع نظره لها واكتفى بالسمع وبداخله ملايين الأسئله وكلها لها معنى ( لوين بتوصل بس )
قالت ام ناصر وصوتها يتهدج : انا مايفرحني غير اذا شفتكم مع بعض .
وكأن كل الكلام موجه له وهو ساكت ماتكلم ..
اخيراً قال وهو يتعمد يغير الموضوع : قومي ياشادن خلي الشغاله تجيب لك شي تاكلينه .
وقفت قالت : بجيب لنا كلنا ...
قطعت كلامها وهي تشوف شهد وفوزية داخلين الغرفه قالت : هلا والله حياك الله ياام فيصل .
راحت شهد تجري لعماد وسلمت عليه قالت : اشتقت لك كثيييييييييير .
طالعتها شادن وتذكرت الورقه وضحكت قالت : وانا طيب مااشتقتي لي ياشهوده ..
رجعت لشادن وضمتها قالت : الا اشتقت لك بس عماد احبه كثييير واشتاق له كثيير ... عشششششاااااان .. وطالعت فيه وضحكت .
قالت شادن بضحكه : عشان ايش كملي ..
طالعها عماد وهو يبتسم قال : هالبنت موب صاحيه هرجها اكبر منها الله يصلحها .
قالت فوزية بعد ماسلمت على امها : الله يهديك ياعماد دلعتها عليّ الحين حياتها كلها اسرار وتخبي عني اشياء واذا قلت علميني قالت اشوف عماد اول شي يبغاني اعلم ولا لا .
قال عماد : لا البنت الشاطرة تسمع كلام امها وماتخبي عنها شي .
قالت شهد ببراءه : يعني اعلمهم على كلامك .
ضحك عماد بصوت واضح لهم وهادي بنفس الوقت قال : هذي والله البلشة .. الحين انتي ماترتاحين وعندتس سالفه .
قالت شادن اللي كانت واقفه على الباب : ها تبغون تجلسون هنا ولا تروحون للصاله احسن .
قالت فوزية : شادن اليوم فيك شي يقولون انك تعبانه .
رد عماد : لااله الا الله مسرع الخبر ينتشر .
: وش خبره لايكون ...
قاطعتها شادن : لا لا مافيني شي تعب بسيط وراح .
فهمت فوزية عليها قالت : اها .. وبس وفواز جايني يقول تعبانه وعماد ماافطر شايل همها . والله اني حسبت ان فيك شي بس الحمد لله .
جات شهد اللي كانت تفكر بكلام عماد لها وشاغل تفكيرها .. عند شادن قالت وهي تمط كلامها : شااااادن ... شففففتتتتتيييي عمااااااد يقوووووول .. وكملت بسرعه : اذا جا عنده بنت بيسميها شذا واذا ولد مشعل .
قال عماد وهو يرجع لها ويشيلها ويحطها بطنها على راسه ويحركها .. وهي تضحك بهستيريا من الحركه : ابلشتني ياناس .. كل ماتشوف وجهي تقول اذا جالك بنت تسميها باسم فيه حرف شين واذا ولد مشعل ولا مشاري عشان حرف الشين .. وش اسوي بها .. ها ارميتس مع الشباك .. وش رايتس .
كانت تضحك وتحرك اصبعها قدام وجهه بلا ..
قالت ام ناصر : ياعساني اشوف مشعل ومشاري وخواتهم مالين عليّ البيت .
نزل شهد ومر من عند شادن اللي واقفه عند الباب وهي مبسوطه من كلامهم وتضحك قال لها بهمس : هذا اللي استفدناه .
اتسعت ابتسامتها وراحت للمطبخ تحضر له عشا وقهوة لعمتها وجدتها ..


***

في جده ..

وفي بيت نايف تحديداً ..
وصل بندر بأهله ..
الشوق مضني و الوله جبار ..
ولهفة الأم على الضنى تكوي الفؤاد وتنهكه ..
اول ماشافت وجهه الذبلان نزلت من عيونها دموع حارقه .
ضمته وهو سلم عليها وباس راسها ويدينها وهو يقول : الله يخليتس لي مافيني الا العافيه ..
لفت يدها من ورى رقبته وضمته وشمت ريحته وهي تقول : نطف قلبي عليك .. ابطيت علي وانا امك .
باس يدها وتنفس عبقها بقوة لعلها تبريء شي من اللي في صدره ..
قال : ابشرتس انا بخير بس لاتدمع عينتس عساني ماابكيتس . تعالي اجلسي هنا ..
التفت فهد لمنال وحنان اللي دخلوا بحذر وكل وحده متغطيه ومتخذه احتياطاتها تحسباً لدخول نايف وسلم عليهن ..
وجلس في صدر المجلس وبندر وخالد حوله وامه بجنبه ومنال وحنان اخذوا زواية بعيد عنه شوي ..
قال فهد : ترى نايف طلع مهوب جاي لين يدق عليّ .
نزلوا البنات الغطا من عليهم واخذت امه راحتها في جلستها بدون عبايه ..
وبدا سيل الأسئله لفهد عن صحته والكل يتحاشى سيرة الاسباب والفقيد .
وهو يجاوبهم ويطمنهم بهدوء ..
نزلت دمعة منال الحساسه وهي تشوف فهد مو فهد
نحفان كثير
وشعره الطويل قصه وصار مثل عماد وبندر وخالد ..
عيونه ذبلانه وفيها حزن
وصوته متغير من اثر المرض ..
وكلامه جدي والضحكه ماعانقت محياه ولا شفاهه ..
قال لها وهو يرسم على وجهه شبح ابتسامه مخيفه : قومي تعالي عندي وشو له الدموع ..؟
نزلت دموعها اكثر ومسحتها وهي تجلس قريب منه قالت : خفنا عليك .
غمض عيونه وتنحنح بصوت عالي حتى يبعد البحة من صوته
قال : تعالي هنا ياحنان .. وش سويتوا في الدراسه عطلتوا ولا لا ..
قالت منال : لا باقي لنا اسبوع ونعطل .
دق جوال فهد وشافه رقم مشاري اللي صار يقضي اغلب وقته مع فهد ونايف ..
رد على طول بــ : ياهلا والله حيا الله مشاري .
: هلا بك ياابو ناصر .. ها كيفك اليوم .
: بخير عساك بخير .. وين انت ..؟
: قريب من البيت خلاص وقفت سيارتي .
اشر فهد للبنات وامه يقومون وهو يقول : حياك الله ادخل اذا الباب مفتوح ولا افتحه لك .
: لا مفتوح يالله سلام .
: سلام ورحمة الله .
وقفت امه مع البنات ودخلوا لداخل البيت ..
ودخل مشاري اللي عرفه فهد على اخوانه بندر وخالد وجلس يسولف معاهم كأنه يعرفهم من سنين .
***
في مجلس الحريم لبيت ام نايف ..
قالت ام فهد لبناتها : قومن ساعدن خالتسن ام نايف سون معها مثل ماتسوي شادن معي .
قالت حنان اللي سندت بظهرها على الكنبة : يمه انا والله مااقدر السيارة كسرتني ..
ردت امها : هذي نتيجة الصيام بلاسحور .. ماعاد تتحملين شي . قومي يامنال اخدمي خالتس .
وقفت منال وراحت لام نايف في المطبخ وهي تبتسم بخجل قالت : خالتي عطيني عنك انا اسوي القهوة .
ردت ام نايف النشيطه والمعروفه بمهارتها في المطبخ وشغل البيت عموماً : لا حبيبتي روحي ارتاحي انتي جاية من مكان بعيد واكيد تعبانه .. وانا اصلاً ماعندي شغل .
: لاوالله مافيني تعب الحمد لله .. بعدين خليني اتسلى معتس .
توجهت للمجلى وقعدت تغسل البيالات والصواني وهي تسولف لام نايف عن شادن وتكلمها عنها والثانية غمرها الفرح بسيرة فلذة الكبد وقطعة القلب وتطمن قلبها عليها وعلى اخبارها خاصة ان منال معجبة في شادن وطريقة اهتمامها بجدتها وشغلها اللي الكل يمدحه ..
دخل نايف للبيت ونادى ياولد ..
بالرغم ان الكلمة غريبه عليه الا انه اقتبسها من عيال عمه ومن عماد اذا دخلوا بيوتهم وعندهم ضيوف ..
وقفت منال ورى الباب قالت : خالتي اطلعي له لايدخل .
طلعت ام نايف قالت : بنت عمك عندي في المطبخ لاتدخل .
ضحك لامه باستهبال قال بهمس : أي وحده فيهم ..؟
ردت امه بحده : مالك شغل روح للمجلس واذا بغيت شي ناد عليّ .
كمل ضحكه وبنفس الهمس : بالله مزيونه ولا مثل وجه عمي ناصر .
: ولد قليل ادب انت .. البنت لاتسمعك . بعدين وش فيه وجه عمك ..؟
: ابد سمح وطيب وشوفته تجيب العافيه .. بس ثلاثة ارباعه لحية وحواجب .. لكن شوفي اذا هي تشبه فهد اكيد انها مزيونه ..
: يالله يالله على المجلس وبلاش تتكلم عن بنات الناس .
ضحك نايف بصوت اعلى غصبٍ عنه قال : لنا الله ياام نايف .. الحين ماتبيني اسأل عن زوجة المستقبل لكن بكرة تعالي وقولي عساني اشوف عيالك وعيال عيالك .
خبطته على كتفه وهي تضحك قالت : بكرة شغلي معاك .. يالله روح البنت بتموت من الخرعه من صوتك .
راح يمشي ورجع لها قال : والله ..؟ بتموت من الخرعه ..؟ اجل اكيد انها نعومه .. وطالما انها نعومه اكيد انها مزيونه . صح كلامي ولا لا .
هزت امه راسها وهي تضحك من تصرفات الاستهبال اللي احياناً يتصنعها واحياناً تصدر منه بعفوية ..
دخل قسم الرجال والتفتت امه على باب قسم الحريم وهو ينفتح ودخلت منه ام مشاري اللي تعتبر البيت بيتها وبيت اختها ومعاها سارة وشغالتهم ..
استقبلتهم ام نايف وهي ترحب وتهلي ودخلتهم لمجلس الحريم ..
رجعت لمنال في المطبخ قالت : منوله حبيبتي خلاص اتركي الشغل هذي شغالة جيراننا جات تساعدني .. روحي سلمي على جارتنا وبنتها صاحبة شادن ..
اخذت منال منديل ومسحت به يدينها وهي تقول بفرح : سااارة .
طالعتها ام نايف قالت : ايوه سارة اكيد من كثر سوالف شادن عنها صرتوا تعرفونها .
ضحكت منال وقالت : هههههههههههههه صرنا نشتغل ونفطر ونسهر على سيرة سارة وسوالفها هي وشادن .
: اجل روحي شوفيها واجلسي معاها حتى تطمنين شادن عنها .
: زين .
طلعت منال وراحت لمجلس الحريم ..
سلمت عليهم بخجل وشافت حنان اختها تسولف مع سارة ومنطلقه معاها كأنها تعرفها من سنين ..
قالت حنان : سارونه هذي منال اختي اكبر مني بسنتين .
سلمت سارة على منال قالت : ياعمري كلمتني شادن عنكم بس ماكانت تعرفكم كثير .
ابتسمت منال قالت : حتى حنا ماعرفناها الا بعد ماتزوجت وخاصة في رمضان صرنا نشوفها يومياً .
تعشوا وكملوا السهرة بود وسوالف وضحك واستغربوا البنات ان سارة ماتشبه لشادن في شي الا اللهجة والمصطلحات ..
وام فهد حست ان الجو مناسبها بين ام نايف وجارتها اللي تشبهها كثير
تمنت لو تجمعهم الدنيا مرة ثانية بليلة مثل هذي ..
فيها الرضا والاطمئنان والضحكه والكلمة الطيبه والاجتماع على الخير والمحبة .
***

فتحت شباك غرفتها وشافته واقف مع السايق ويكلمه ..

قالت بصوت عالي .. : العنوود .. العنووود ..
التفت السايق الهندي على الشباك اللي صدر منه الصوت كردة فعل طبيعيه قال عماد بلهجة حاده وضيق وهو يسحبه بيده بقوة : لاتطالع وراك .. امش داخل الله يلعن ابليس هالحريم .
وصلت العنود لنوف بملل قالت : ها وش عندتس ..؟ ذبحتيني كل شوي وانتي واقفه على الشباك ويالعنود يالعنود تراني داخل البيت مهب برا .
ردت نوف بعصبيه وهي تشوف عماد يدخل لغرفة الهندي اللي شافها : اقلبي وجهتس ماعاد ابيتس .
: انا قايلتن لابوي لازم نوديتس مسفر عشان يظهر جنونتس عني .
لاحت في راس نوف فكرة مجنونة قالت : عنود تبين تشترين فستان ابيض ونفاش مثل فستان البنت اللي شفتيها في التلفزيون .
قلبت العنود نظرها فوق ولوت فمها قالت : ومن بيشتريه لي ياحظي .. امي بتجيب لي فستان من سوق الخميس .
عضت نوف على اسنانها قالت : وانا وش معقدني غير سوق الخميس واحلامتس انتي ونورة اللي ماتتعداه . انا اشتري لتس لو باربعمية ريال .
فتحت العنود عيونها بفرح قالت : وش تبيني اسوي لتس ..
ابتسمت نوف لاختها اللي فهمتها قالت : انا ابعطيتس ورقة .. تعطينها عماد وقولي له هذي من عند شادن .
قالت العنود ببراءة : وشادن ليش ماتعطيه اياها بنفسها موب رجلها ..؟
: الا يالخبله بس هي كاتبة له كلام وطلبات تقول استحي منه واخاف يهاوشني .. خلوه يشوفوها وهو بعيد عني ازين .
حكت العنود راسها وهي مو متقبله كلام نوف ولا دخل راسها قالت نوف : تدرين ان شادن تحبتس وتموت عليتس وتقول ليت العنود تعطيها عماد لأني احبها .
ضحكت العنود وبفرح وحيا قالت : صدق .. ابلا شادن تحبني .. حتى انا احبها واشوفها ازين وحده بالمدرسه .
غمضت نوف عيونها وفتحتها قالت : زين روحي وبعد ربع ساعه تعالي بدورها مدري وين حطيتها .
: زين دوريها قبل لاارقد تراني نعسانه .
طلعت العنود واخذت نوف ورقة من دفتر العنود وبدت تكتب رسالتها بكل تركيز وحذر
***


بعد اسبوع من رجعة اهله اللي مشوا اليوم الثاني ..

آخر يوم بالدوامات
ويوم الأربعاء تحديداً ..
قرر انه يرجع للديرة ..
يبي يواجه الديرة مثل ماواجه البر
بس هالمرة مع الناس واهله
مو وحيد ولحاله ..
الذكرى تؤرقه لدرجة انه خايف ووجل من المواجهه
اكيد انه راح يشوفه بكل شي ..
وقف نايف عنده وهو يزبط شماغه عند المرايه قال : فهد انا عندي سيارتين .. خذ الجديده وسيارتي القديمه تعبرني .
رجع للمكتبة حقت التلفزيون واخذ محفظته ومسبحته ودخل قميصه اللي يلبسه في البيت في شنطته الصغيره ..
قال : والله يانايف مستحي منك ..
قاطعه نايف : فهد والله اني لازعل منك وش هالكلام . .. امسك يارجال المفتاح احسن لك من الاستئجار ومشاكله .
: اجل قبل العيد ان شاء الله بجي لجده وارجعها لك وارجع مع ابو مشعل ان جا لجده ..
: متى مابغيت تعال ولا تتعنى عشان ترجعها ابداً ..
اخذ فهد المفتاح من نايف وطلع بعد ماصلى الظهر حتى يلحق الفطور مع اهله ويفرح ابوه بجيته وهم مجتمعين ..
ودع نايف وشكره وطلع متوكل على ربه ومسمي بذكره ..


***
اليوم هو آخر ايام الشقا ..
قبل الأجازة والفرح ..
ولأن الوطن اغلى من الضنى
استمروا في الكفاح ..
لأن الوطن اغلى من العمر
لابد من جهاد كل الظروف ..
لجل الوطن
نقدم الروح بلا ثمن
مشوار الشقا ..
وبعد المسافه موجله ..
لآخر الدنيا صبر ..
وشمس ..
وسهر
والنوم جافاه الكرى ..
صوم وظما ..
والكل يحسب كل دقة وثانية .
متى الوصول ..
كل الأماني ضايعه
وكل احلام البنات
والأمهات
والطيبات
تنتحر ..!
على طريق الهاوية ..
وفي اماكن نائية ..
من اجل الوطن ..!
وتعليم ابناء الوطن
وتنشئة جيل مستقر
وبناء مستقبل اسر
وارواحهم تضمها كفوف القدر ..
نايمه في جيمس ابو سعد ..
تعبانه ومنهكه من كثرة التفكير بعد طلاقها اللي وصلها خبره بعد ثلاثه ايام وبعد محاولات جاهده من ابوها وامها ومشاري انهم يهيأونها نفسياً له ..
انسدل الستار على ذكر خالد وسارة .. وسارة وخالد ..
وصار كل واحد مفرد واسمه بعيد عن اسم الثاني مثل ماقدر الله وبعدهم عن بعض ..
مال راسها على الشباك الساخن بفعل شمس الظهر الحارة ..
قالت لها فاطمه بهمس : سارة .. سارة حبيبتي عدلي راسك لايجيك شد عضلي بعدين في رقبتك ..
وماكان من سارة الا .. لاحياة لمن تنادي ..
قالت اميرة وهي تعدل ظهرها وتسنده على المرتبة من جديد .. : الله يذكر شادن بالخير كانت تقول نوم سارة موت ..
تنهدت سامية المدرسة العروس اللي تزوجت قبل رمضان باسبوع .. وتعينت في السبيل وكان التعيين سبب تنغيص شهر عسلها وحياتها ..
قالت : اخيرا بتفرج علينا ونعيش زي الناس واسافر واقضي شهر عسل من جديد .
ضحكت اميرة قالت : الله يهنيك ياقلبي عاد انا مشتاقه لعيالي احسني ماشفتهم في رمضان اخرج وهم نايمين واذا رجعت دخلت المطبخ ثلاث ساعات وهم ينامون بدري .
ماشاركتهم فاطمه الملتهيه بالتسبيح والتهليل كعادتها ..
قالت سامية وهي تطل على سارة من ورى اميرة وفاطمه : فاطمة صحيها ترى البنت بتنكسر رقبتها .
قالت فاطمة : سارة قومي عدلي نومتك ..
مدت يدها وعدلت لها راسها لكن سارة تحركت ورجعته زي اول وهي معقده حواجبها دلالة على انزعاجها وعدم رضاها ..
قالت اميرة وهي تضحك : ياثقل نوم البنت .. كل هذا وماصحت .
ردت ساميه : تذكرني بزوجي اذا ابغى اصحية ساعه عشان يحس فيني والمنبه مايأثر فيه لو يشتغل ساعتين ..
بدت اميرة سالفه جديده عن زوج اختها ومعاناتها معاه اذا تبغى تصحيه وانها دايماً تتأخر على دوامها بسبب ثقل نومه ..
نسوا سارة مع سوالف اميرة وراسها المايل على الشباك بطريقه متعبه ..
العم ابو سعد سارح في طريقه يتأمله متر متر ..
كعادته يوميا سواء هو رايح للقرية ولا راجع منها
لأن الأنفس اللي معاه هو المسؤول الأول عنها ..
اليوم يحاول يضبط تركيزه على قد مايقدر رغم انه البارحه تعبان وسهران طول الليل في المستشفى مع بنته احلام اللي طلقها زوجها في شهرها السادس وحالتها النفسيه السيئة ادت لولادتها مبكرة ..
اليوم تأخر على البنات بس الحمد لله ان مديرة مدرسة السبيل تراعي ظروف البعد وماحاسبتهم رغم انهم مادخلوا المدرسة الا الساعه 10 ونص ..
اخذته الأفكار لبنته وحالتها ومستقبل ولدها اللي محد يدري يكمل حياته ولا يكون شفيع لها ويرحمه ربي من اليتم والشحططه مع زوج ام ولا زوجة اب …
احكم النوم سلطانه ..
وسرقه على حين غفلة منه ..
واستسلم وبدون مقاومه ..
لأن التعب اخذ منه والإرهاق نال منه ..
مالت السيارة على اليسار في الطريق المزدوج الواسع ..
ماانتبه لنفسه الا بعد فوات الاوان ..
حاول يتفادى الونيت اللي محمل شعير وبرسيم ومتجه لقرية السبيل ..
بس القدر كان اسرع والسيارة اقوى والصدمه اكبر واكبر للي في جيمس العم ابو سعد ..
انقلابات عدة
وصراخ وصوت فاطمة يعلو بالشهادة وذكر الله
وساميه تصرخ بهلع
واميرة سكتت من هول الصدمه وكثرة الأرتطامات وهي تنتظر النهاية وش بتكون ..
وسارة اللي فزت من نومها على كابوس مخيف ..
أصواتهم علت ثم علت ثم خفتت ثم سكتت واختفت ..




متابعه شيقه ارجوها لكم
فصلٌ ثاني عشر
~ ياحزن اغرس بقلبي موطنك ~
طلعت تدور العنود وهي مطبقه الورقه وماسكتها بإصبعينها السبابه والابهام خوفاً انها تتعفط ولا ماتطلع انيقه مثل ماطبقتها اذا فتحها ..
قالت : العنود .. العنود وين .
رمقتها نورة اللي ناقده على كل حركاتها ومرتفع ضغطها من وقفتها على الشباك وبدت تثبت لها شكوكها ان نوف حاطه عينها على جارهم عماد قالت وهي تطالع في المسلسل اللي يُعرض قبل العصر : اليوم وش سالفتس اشوف الود طلع للعنود مرة وحده .
اشرت لها نوف بيدها يعني ماني رايقة لك وفكيني ..
راحت تدور العنود وعيونها تبحث في كل مكان لحد مادخلت غرفة امها وابوها المنزوية في آخر البيت ..
طالعت في العنود وهي رامية نفسه على الارض ونايمه على بطنها ..
قالت بملل : نمتي الله يجعله نوم جدي يوم رقد ولاقام . عنود .. عنود . عنود قومي الله ياخذ عدوتس .
دخلت امها وراها جاية من المطبخ قالت بلوم ولهجة حاده : انتي وش تبين باختس .. خليها ترقد المسكينه البارح سهرانه واليوم انتي مخليتها تداوم غصب .
زفرت نوف بأووف ورجعت لغرفتها بأسى واحباط ..
اصلاً انا حظي في الحياة ردي
كل بابٍ اطقه ينسد بوجهي ..
وكل امنية احلم فيها مايتحقق الا نقيضها ..
حطت الورقة على اسنانها وهي تفكر وشلون تصادف عماد برا بيته وترسل العنود له على طول من دون أي عوائق سواء من امها ولا من اختها اللي تاكلها بنظرات اللوم والعتاب وشكله بيجي يوم وتنفجر فيها وتفضحها .
انا وش عليّ من نورة منيب رايقة لها هي وتخلفها
ماتدري ان الحب هو اللي يسير العقول والقلوب
وان اللي انا فيه مهوب بيدي ابد
انتبهت للورقة وقد ذاب طرفها من حكها في اسنانها وزفرت بأوف من اعماقها لتعبها اللي راح هدر
قامت لنفس الدفتر اللي اخذت منه ورقه وطلعت ثانيه وهي تتمتم : الرساله هذي ربي محيرٍ امرها لكن ان شاء الله انه مابعد التعب الا الفرج .
بدت تخط من جديد وهي تحاول انها تركز بكل حرف وكلمه حتى ماتشوه الكلام بخطأ املائي ولا شطب ..
عضت على شفايفها وكتبت بفرح وخجل وهي تتخيله يقرأ ويحس بالكلام . ويأثر فيه ويتأثر به ..
***
اليوم آخر دوام لها في رمضان ..
نزلت من فوق بعد مانزلت عبايتها وصلت العصر وتوجهت لغرفة جدتها ..
وقفت على الباب وهي تشوفه متمدد على ظهره ورافع رجوله على التكاية .. وحاط شماغه تحت راسه ونايم وذراعه على عيونه ..
قدمت خطوتها ودخلت على جدتها وهمست بالسلام بعد ماسلمت على راسها .
ردت عليها جدتها بنفس الهمس ..
قالت شادن : جدتي عماد ليه نايم كذا .. الجو بارد عليه .
رمقتها جدتها بنظرة عدم رضى قالت : قومي لحفي رجلتس وشوفيه يبي شي من ا لبارح وهومهب صويحي عيونه ووجهه مااعجبوني .
قامت وطلعت لغرفتها وبدلت ملابسها بسرعه ونزلت بقميص قطني قصير وأكمامه قصيرة .. وفي يدها اللحاف حق سريرها ..
تعمدت تجيبه حتى تشوف ردة فعله كيف بتكون .
ودخلت بخفة وجدتها تتمتم مسبحة ومهلله وذاكرة ربها ..
غطته بهدوء وفتح عينه على الريحه اللي غمرته .. وغمض وشد اللحاف عليه وهو يقول بصوت نايم وكسول : ذبحتيني بريحة هالعطر .
طالعت في جدتها ورجعت تطالع فيه قالت : عماد تعبان انت فيك شي ..؟
انسدح على جنبه وهو يشد اللحاف عليه وكأنه يبي يضمه بدالها ..
قال : تعالي همزي لي ظهري ورقبتي الظاهر ان تعبي امس في المزرعه ماطلع من جسمي للحين .
وقفت بمكانها تستوعب اللي يامرها به ..
اهمزه .. .؟
يعني اسوي له مساج ..!!
يعني اقرب منه بحضور جدتي .. !!
كل هذا كان يدور في راسها وهي واقفه ..
قال : كل هذا تفكرين . خلاص لاتجين .
تقدمت وجات وراه ومسدت ظهره بحذر وحيا ..
اعتدل على ظهره ومسك يدها قال : عطرك وش اسمه ذا اللي دوختيني به .
تحركت وحاولت تبعد عنه لكن عماد ماسمح لأنه موثق يدها بيده
قالت بارتباك : مس ديور .
حط يدها على صدره وضم على كفها بيده قال : خليتس هنا لاتروحين .
اول مرة تحس انه يبيها قريبه منه
واول مرة تحس انه فعلاً صادق
واول مرة تحس بضعف في نظرته وصوته وجسمه .
يمكن التعب مأثر عليه ومو مخليه في وعيه ولا يتصرف لاشعورياً ..
غمض عيونه ويده على كفها ومثبتها على صدره قال بهمس : لاتصحيني الا اذا اذن العصر .
هذا وش يقول ..؟
لايكون يبيني اجلس كذا لين يأذن العصر يعني ثلاث ساعات .
قال : اذا متضايقه قومي ..!
امتقع وجهها بحمرة خجل قالت : اذا انت تبغاني اجلس بجلس .
قال : ايه ابيتس تجلسين .
قام جلس وهو يطالع في جدته المنشغله عنهم بمسبحتها وتسبيحها وهي متمدده على سريرها ورجع تمدد وراسه على فخذ شادن قال : دلكي راسي لين انام .
غمضت عيونها بقهر ..
ليه يسوي فيها كذا ..؟
وليه حاله كذا ..؟
عمرها ماانصاعت لاحد مثل ماتنصاع له ..!!
مو راضيه عنه ولا هي زعلانه منه ..!
مشاعرها ضايعه معاه وماتقدر تحددها ..
دلكت فروة راسه بأطراف اناملها وبهدوء وهو مسترخي بدون كلام وكأنه رجع طفل ونام في حضن امه اللي انحرم منه ولا عرفه .
حست ان جسمه ثقل وتأكدت انه غط في نومه .
وسمحت لنفسها تراقبه بصمت وهدوء ..
انفه شامخ في وجهه بشكل دقيق وأنيق ..
عيونه واسعه حتى وهو مغمضها تحسها طويلة ..
ياترى وش تحمل نظرة عيونه اللي دايماً تحيرها .
ياترى وش تقول ..؟

يتبع ,,,,

👇👇👇


تعليقات