رواية احلامي المزعجة -41

رواية احلامي المزعجة - غرام

رواية احلامي المزعجة -41

نظرت اليه بطرف عينها فهو شارد الذهن من بعد خروجهم من قصر عائلة ابيها ، اجرى اتصال هاتفي بشخص اسمه حسام وتواعد على لقائه غدا
واخذ الطريق السريع ليذهب الي وجهتهم الاساسية لم ينطق معها بحرف ولم يتكلم معها اطلاقا وجهه عابس ،يمسك المقود بقوة معالم وجهه تظهر عليها الضيق والغضب
وهي لا تعلم السبب ، تنهدت لتتذكر لقائه بعمها لا تدري ايضا ما سبب نظرات الكره والضيق التي تطايرت بينهما ، تعجبت من امرهما اسندت راسها على زجاج النافذة وهي تفكر في الاسباب واهم شيء يقفز الي راسها سبب عودته دون انجاز ما اتي لأجله الي الاسكندرية فهي علمت من مكالمته انه سيعود غدا الي الميناء لاستلام الشحنة ، واوصى هذا الحسام ان ينتبه اليها
رمشت بعينيها وهي ترى عمر امامها بابتسامته الهادئة الحنون التي تشعرها بالأمان فاتسعت ابتسامتها لأخيها لترى شخص اخر يتقدم نحوهم
ظنت في اول الامر انه ياسين فهو يتفق معه بالطول والعرض والهيئة ولكن عندما اقترب منها اكثر تأكدت انه ليس ياسين فهذا الشخص الغير معلوم بالنسبة اليها وجهه يعلوه الضباب بشكل غير طبيعي أقترب من عمر وطعنه بظهره
صدمت مما تراه ولم تستطع الصراخ ، ليقترب هذا الشخص منها اكثر ويحملها بين ذراعيه وجدت صوتها اخيرا لتصرخ بشده وهي تبكي وتلكمه بيديها ليبتعد عنها


لا يستطيع ان يكتم الضيق الذي يشعر به ، الم يجد فتاه اخرى يقع بحبها الا ابنة اخ هذا الرجل الكريه ؟
لن ينسى انه تلاعب بصفقة كان اباه يحمل عليها كل اماله في انقاذ الشركة من الافلاس الذي تسبب به معتز ولم يستطيع ان يحصل عليها بسبب هذا البغيض ، الامر الذي ادى لدخول والده الي المشفى ، اباه لم يتحمل فكرة اعلان افلاس شركته ، ليصاب بأزمة قلبية ويتوفى على اثرها بعد يومان
تمسك بمقود السيارة بشدة ليسيطر على المه وضيقة من هذه الذكرى المؤلمة له
لا تخلط الاوراق ياسين ان علاقتها هي واخاها معدومة بهذا الشخص وعمر نفسه مهدد من قبل عمه ، اذن هما ضحيتان لهذا الشخص البغيض
ولكن من الواضح ان نور لا تعلم شيء عن هذا الوضع
ولا التوتر السائد بين اخيها وعمها زفر بضيق وهو يحدث نفسه ، استخذها بذنب شخص اخر لم تعرفه طوال عمرها بل كان سيئ اتجاها هي واخاها فهو علم منها من قبل ان عمها لم يتحمل مسئوليتهم اطلاقا بعد وفاة جديها ومن تحمل مسئوليتها هو عمر
اغمض عيناه فهو يشعر بالتمزق لا يعلم كيف سيتعامل معها وهو يشعر انها تحمل بعضا من دماء من تسبب بموت اباه
انتفض بشده على صراخها الحاد لينظر اليها بدهشة فيجدها تصرخ وهي تلكم بقبضتيها الهواء بكل ما اوتيت من قوة
ركن السيارة بسرعه ليشدها الي حضنه ويربت على وجهها بقوة : نور ، استيقظي
هو تأكد انها تحلم فهذه ليست اول مرة يتعرض لذلك الموقف
انتفضت بشده بين ذراعيه ليشعر بقلق شديد عليها
ضربها بقوة اكبر لتنتفض مرة اخرى وتفتح عينيها وهي تشهق بقوة لتنفجر بالبكاء : عمر ، اريد الاطمئنان عليه
ربت على راسها : اهدئي حبيبتي ، سنتصل به الان وتكلمي معه كما تريدين ولكن اهدئي اولا حتى لا تقلقيه
نطقت من بين شهقاتها : خائفة عليه ياسين ، اتصل به
__ حاضر ولكن توقفي عن البكاء
حاولت السيطرة على دموعها ، ليتناول هو زجاجة مياه
ويناولها اياها : اشربي قليلا من المياه ستساعدك على الهدوء
شربت الماء ليمسك هو هاتفه ويكلم عمر وهو مازال يحاوطها بذراعيه رد عمر سريعا عليه : نور بخير ياسين
عقد حاجبيه تعجبا من رده لينقل عيناه عليها
ويقول بحذر : نعم ، لماذا تسال بهذه الطريقة ؟
تجاهل سؤاله ليساله : هل حدث لها شيء ؟ عمي ضايقها بشيء
قال و تعجبه يزيد : لم يحدث شيء عمر ، فهي لم تجلس معه قابلته وانا موجود لم يسلم عليها حتى
تنهد بارتياح لترتسم على وجه ياسين علامة تعجب كبيرة
من زفرة الارتياح التي وصلته عبر الهاتف نفض راسه
ليقول : نور تريد مهاتفتك ناولها الهاتف لتطمئن على اخاها سالته الاسئلة المعتادة وشددت عليه ان ينتبه الي نفسه وهمت بإغلاق الهاتف ليسحبه ياسين منها : عمر اريد رؤيتك
__ حسنا ، متى ؟
__ ما رايك ان تاتوا الينا انت وعلياء تقضوا معنا بضعة ايام
وانا وانت نرى ما وصل اليه مشروع الشاليهات
__ فكرة جيدة ، كنت سآتي الاسبوع القادم واترك علياء
بمفردها وكنت قلق من هذا الامر ، ولكن سأرتب مواعيدي وارد عليك
__ سننتظركما، سلام
اغلق الهاتف لينظر اليها بحنان : مطمئنة الان على اخاك
هزت براسها ايجابا ليتنهد ويضمها الي صدره بحب
__ نكمل طريقنا الان ، ولا تذهبي للنوم فانا ارتعب عليك من هذه الاحلام التي باتت تزعجني حقا
ابتسمت لتدمع عيناها ليقرصها من خدها بلطف : نور ارجوك لا تقلقيني اكثر من ذلك
اكمل مازحا وهو يدير السيارة : ما رايك ان نذهب راسا الي البحر؟ لتقفزي اليه وتنسين كل شيء حتى انا فهو المكان المفضل بالنسبة اليك وتتخلصي من كل ما يضايقك به
ضحكت لتساله بتعجب : من اين علمت ؟
__ نهى اخبرتني ، واخبرتني ايضا انك تعشقين السباحة ولذلك صممت على شرائك المايوه
__ ولكنك لم تراني وانا اشتري المايوه
ابتسم بخبث : حقا ، هل تظنين ذلك ؟
نظرت اليه وقالت بتعجب : كنت تراني ، ولكنك كنت مشغول بشراء حذائك الرياضي
اقترب منها ليضمها بذراعه الي صدره : لا يوجد شيء يشغلني عنك حبيبتي
ابتسمت بسعادة لتصفق مازحة : حسنا الي البحر
ابتسم بسعادة لأنه استطاع ادخال جو البهجة من جديد ولكن عقله لن يتوقف عن التفكير بالسر وراء خوف عمر من لقاء نور بعمها
*********************
رن جرس الباب ثانية بإلحاح ليتحامل على نفسه ويقف وهو يلعن هذا القادم ، الم يتمكن من القدوم وبسنت موجودة
فهو لا يستطيع الحركة يشعر بتعب فظيع والم بجسده
وصل الي الباب بعد عناء ليستند على الحائط ويفتح الباب بتعب ليتصلب جسده ويجبر نفسه على الوقوف شامخا رفع راسه بكبرياء وغضب : نعم ماذا تريدين ؟
توترت ملامحها فهي كانت ترتجف خوفا ان يغلق الباب بوجهها او يرفض مقابلتها تنحنحت وابتسمت بتوتر
__ مرحبا حبيبي
اتسعت مقلتيه غضبا ليشيح بوجهه بعيدا عنها دلفت الي الداخل سريعا حتى لا يغلق الباب بوجهها وتضيع فرصتها في التفاهم معه
جلست لأنها لا تستطيع الوقوف اكثر من ذلك عضت شفتيها بتوتر ثم بللت شفتيها وهي لا تعلم من اين تبدا كلامها معه
نظر لها باستياء عندما دخلت وجلست ليزفر بضيق ويغلق الباب بعنف شديد جعلها تنتفض
تلعثمت : هل انت بخير ؟
رد بصوت مبحوح من البرد ولكن قوي : نعم ، انا بأحسن حال
ارتبكت زيادة من رده ووقفته فهو لم يجلس مما صعب مهمتها في التحدث : علي اريد ان اتحدث معك
__ انا لا اريد التحدث معك ولا رؤيتك
قالت باستجداء : ارجوك علي انت رسمت صورة من خيالك لم تكن واقعا ابدا
ضيق عيناه ونظر اليها بغضب وصرخ هادرا : صورة من خيالي ، الم تملئي راس علياء ضد عمر ، الم يكن قصدك من البداية ان لا يتزوجا ، الم تكوني قاصدة ان تؤذي عمر من البداية ؟
ارتبكت ليصرخ بها: ردي
انتفضت بشدة من صرخته لتقل بارتباك : ارجوك علي استمع الي
__ لا اريد سماعك ، هل كنت تظنين اني لم الاحظ معاملتك السيئة لأخواتي وامي رحمة الله عليها ، كنت اراك وانت تتعاملين معهم بتعالي وغرور فكنت اظن ان غرورك صفة مرتبطة بجمالك الفتان الذي لا مثيل له ، والذي اكتشفت مؤخرا انني تخيلته و لم يكن متواجد من البداية
صعقت من كلماته ونبرة صوته القاسية، كانت تظن انه عندما يراها سينسى ما حدث ويسامحها على غلطتها الحمقاء التي فعلتها دون تفكير
بعد ان طلقها وغادر المنزل ظلت تبكي الي ان اشرقت الشمس ثم انتظرته ان يعود واتصلت به اكثر من مائة مرة ،ولكنه لم يجيب ولم يعود ، الثلاث الايام الماضية مروا عليها كعمر طويل اكتشفت بهم انها كانت تحبه فعلا ولكنها لم تشعر بذلك من قبل لأنه كان يغدق عليها من مشاعره بدون مقابل لم يسالها يوما ان تعطيه كما تأخذ بل كان هو دائما المعطاء والمتفهم والحنون
افتقدته فعلا وشعرت أن حياتها من دونه لا شيء
فاقت من تفكيرها فهي اتت لتخبره بمدى اشتياقها له وكيف ايامها الماضية مرت عليها لا روح بها تريده يعود لتعود معه الحياة
نظرت اليه والدمع ينهمر من عيونها : ارجوك علي ، لا استطيع ان ابتعد عنك ، انت تعلم عيوبي جيدا وانا اعترف باني اخطأت في حقك ولكن ارجوك سامحني واغفر لي
الا استحق ان تغفر لي اول خطا بحياتنا ، الا تستحق جنى ان تسامحني من اجلها
رد بقوة : لا تدخلي جني في موضوعنا ستظل بنتي مهما حدث وسأرعاها واحبها دائما
قررت ان تخبره بما تعلمه : جنى تمتعت بدلالك وحنانك الا يستحق القادم ان يتمتع بهما ايضا
رمش بعينيه ليفهم ما تقوله لتقول بصوت باكي : انا حامل علي ، علمت من يومان كنت انتظر ان أتأكد لأخبرك
وانت لم تعطيني فرصه بالهاتف فجئت استسمحك واترجاك ان تغفر لي خطئي وتسامحني من اجل جنى ومن اجل طفلنا القادم
جلس من الصدمة فهو منشطر الي نصفين نصف لا تسعه الفرحة بطفله القادم و النصف الاخر لا يصدقها
قال بنبرة حاول ان يخرجها قويه كسابقتها : هل تأكدت ؟
__ نعم اجريت التحليل المنزلي
__ ان التحليل المنزلي مشكوك بصحته ، انتظري سأرتدي ملابسي وانزل معك لتجرين التحليل ، لأتأكد انكي لا تكذبين
صدمتها كلمته ولكنها لم تستطع التنفس ألهذه الدرجة اصبحت الثقة بينهما معدومة رد عقلها سريعا لقد اخطأت اية وتحملي نتيجة اخطائك واصبري حتي يعود الي سابق عهده فهو يحبك ولن يستطيع ان يكرهك ابدا وانت استخدمي ذكائك وجمالك وحبك له لتسترديه ، فهو يستحق ان تبذلي مجهودا كبيرا مضنيا لتعود الامور الي مجرياتها ويعود هو كسابق عهده

************************
جالسه امام المرآه تكمل زينتها وتنظر اليه تأملته كثيرا اليوم
تشعر بسعادة كبيرة تملئها ولكن بقدر ما هي سعيدة بقدر ما هي خائفة ،لا تستوعب الي الان انه يحبها ولا تصدق ان ما اخبرتها به حنان كان كذبا ، فهي لا تجد الي الان سبب يجعل صديقة عمرها تكذب عليها ، ولكن ياسين اكد لها ان احمد يحبها وهو الاخر اعترف بحبه لها اكثر من مرة
تنهدت فهي تشعر بوجود حلقة مفرغة
الن تهدئي وتعيشي كباقي خلق الله ، فانت تنعمين بحب زوجك وحنانه ، لا تفكري بأشياء تفسد عليك حياتك
انتبهت اليه وهو يتحرك من الفراش لتبتسم تلقائيا
ويتزين وجهها بابتسامة تحمل كل ما في قلبها اليه
نطق بسعادة : الله ،ما اجمل هذا الصباح الذي ارى فيه ابتسامتك الجميلة هذه
اتسعت ابتسامتها ، ليقترب منها ويحتضنها بين ذراعيه بحب
ومشاعر فياضه ويقبل راسها بعمق : صباح الخير على ندى قلبي وشمس حياتي المشرقة
ردت بخجل، وخداها موردان: صباح النور
ردد بمزاح مقلدا صوتها : صباح النور ، اين القبلات والاحضان يا زوجتي العزيزة ؟
ابعدت جسدها عنه بخفة :لا يعجبك صباحي ، حسنا لا تتكلم معي ،وقفت لتذهب ليجرها الي حضنه
__ لا ، لا لم اقل ذلك انا امزح معك
لفت يديها حول عنقه ،لتقبله برقة على وجنتيه: صباح النور
اغمض عينيه ليشعر بحلاوة قبلاتها التي طالما اشتاق اليها ويشدد من احتضانه لها
ويهمس : احبك نادين ، بل اذوب بك عشقا
احمر وجهها بشدة ليكمل : ما رايك ان نسافر يومين الي أي مكان تختارينه ؟
__ الم تتعب من السفر ؟
__ لا ، انا اعشق الترحال ، مع انني افكر جديا بالاستقرار هنا ، ولكن لا اعلم شيء ما بداخلي يجبرني على السفر فانا اشعر بالملل عند البقاء لوقت طويل بمكان واحد
__ اذن اختر انت المكان الذي تريد الذهاب اليه
__ لنذهب الي شرم الشيخ ، ونترك الاولاد هنا ، فانا اريد تجديد شهر عسلنا مرة اخرى
نظرت اليه بتعجب : نترك الاولاد
هز راسه : نعم ، نهى هنا ويوسف وانجي وايضا امي
سيقومون برعايتهم جيدا، لا تخافي عليهم
استاءت من ذكره لزوجة يوسف ولكنها لم تشأ الدخول معه بمناقشة هذا الامر الذي تجادلا به كثيرا ، واصلا هي تعاملها الان بشكل جيد من اجل يوسف
تنهدت : حسنا كما تريد
__ اذن جهزي الحقائب وانا سأحجز تذاكر الطيران لنسافر اليوم
__ اليوم احمد انتظر للغد ، ولنبلغ الاولاد
رد بحزم : انهم كبار ومعتادين الامر من قبل ، فكنا نتركهم برفقه المربية عند اقامة الحفلات الخاصة بالسفارة
ثم انهم سيفرحون لمكوثهم برفقة خالهم العزيز الذي يكنون له مكانة اكثر مني انا شخصيا وطبعا لوجود يمنى معهم
ابتسمت لمقولته : انت تغار من يوسف على اولادك
رد سريعا وهو يضحك : لا والله ولكني اتعجب عندما يقفزون اليه حينما يظهر امامهم وعندما تكلمت مع عمرو ضحك بشدة وقال لا اعلم السر وراء هذا الشيء وعلى الرغم من ان يمنى تموت حبا بياسين الا ان يوسف المفضل اليها وعندما نأتي الي هنا تقضي معظم الوقت معه
ضحكت : ان يوسف طفل كبير ويلعب معهم كما يريدون يستمع اليهم ويأمرهم بحب ، سيكون ابا رائعا
ابتسم : نعم ، انه ينتظر مولوده بفارغ الصبر ، يأتي على خير ان شاء الله ، هيا اجهزي وانا سأتكلم مع الاولاد

***********************

وصلا الي الشاطئ لتخرج راسها من النافذة وتستنشق الهواء بسعادة وتنظر الي البحر باستمتاع
اوقف السيارة وهو يشعر بسعادتها العفوية المتدفقة
كم جميلة وهي تتصرف بطبيعتها
نظرت حولها: لماذا توقفت ؟
__ انزلي ، سآخذك بجولة في البحر
نظرت له بعدم فهم ليبتسم لها، تقدم منهم احد العاملين بالمرفأ
هز راسه محيي اياه : اهلا سيدي ، اليخت جاهز وانا بانتظاركم
نقلت عيناها بعدم فهم بين زوجها وبين العامل ليقول ياسين
__ شكرا لك تستطيع ان تذهب، انا سأتولى الامر من هنا
انصرف العامل من امامهما : لا افهم شيء
ابتسم بوجهها وهو يشدها من يدها : ستفهمين الان
اوقفها امامه ليحاوط خصرها بيده و اشار الي احد اليخوت
__ ما رايك ؟
نظرت الي اليخت الصغير بانبهار : رائع ،هل ستستأجره ؟
ضحك : انه ملكي ، ابي اهداني اياه منذ فترة طويلة ولكن يوسف اقترح تجديده وتصليحه منذ سنتين وانا وافقت ليصبح هكذا
__ انه جميل ياسين
__ حسنا بم انه اعجبك ، هيا سنقضي اليوم به

********************
دخل الي المنزل ليفاجئ بها امامه : السلام عليكم
نظرت اليه مطولا وقالت بهدوء : وعليك السلام ، اين كنت؟
صعد السلالم واتجه ناحية غرفة النوم لتتبعه بصمت
راته يبدل ملابسه لتساله بهدوء مرة اخرى : اين كنت ياسر؟
نظر لها ببرود : بالمشفى ، اراح جسده على الفراش واعطى لها ظهره : ليس لي مكان اخر اذهب اليه
نظرت له بتفحص : ولكني سالت عنك بالمشفى لم اجدك
التفت اليها بحده : وانت تبحثين عني كطفل صغير
__ اتصلت بك اكثر من مائة مرة ولم تجيب على الهاتف
فاتصلت بالمشفى ، ثم السؤال الان اين كنت ؟
نظر لها ليشيح بوجهه لتسال بصوت اكثر قوة : اين كنت ياسر ، ولماذا لا تجيب على هاتفك ؟ انت هذه الايام شخص جديد غريب عني لا اعرفه ولا افهمه
تتأخر كثير وتأتي الي البيت لا تجلس معنا ، اولادك نفسهم لا يرونك
قال بنقمة : ولماذا اهتممت الان ؟
انت مشغولة دائما بأولادك وعملك وتلاميذك و مرضاك
الان تذكرتي ان لك زوج تسالي عنه
زفرت بضيق : اجبني اولا عن اسئلتي ياسر ، انا افعل كل ما بوسعي لأوفق وقتي بين البيت والعمل وانت تعلم جيدا بمسئولياتي ، الان تذكرت اني امراه عاملة ولدي كثير من المسئوليات
جز على اسنانه غضبا وانتفض جالسا : كنت بالمشفى ، انتهيت من اجراء اخر عملية لدي الساعة الثانية صباحا وكان لدي موعد هام مع احدى المرضى صباحا الساعة الثامنة ، فقررت ان انام هناك ، ارتحت الان مريم
نظرت اليه بعدم ارتياح لتهز راسها ايجابا جلست على طرف الفراش بعيدا عنه
اراح ظهره على السرير ليسالها : لماذا انت ليس بالعمل اليوم ؟
رفعت راسها ونظرت الي الامام وابتسمت بألم : ليلة البارحة كانت عيد زواجنا ياسر وانا اخذت اجازة لأقضيه معكم بالبيت
شعر بصدمة من نسيانه لعيد زواجهم ليؤنب نفسه كثيرا على قضاؤه هذه الليلة بالمشفى ، صاح ضميره مؤنب انت تغيرت ياسر ،هي السبب لقد اهملتني كثيرا انشغلت بكل شيء الا انا ، لا تنكر انجذابك الي الاخرى ياسر فهو ما يجعلك تشعر بنقمة كبيرة على مريم
اخفض راسه بغضب وخجل من نفسه ليرفع نظره اليها تأملها هي حبيبته كما هي لم تتغير ، بل ان قلبه يخفق بحبها دائما وابدا ، حتى عندما يرى الاخرى عيناه تعقد مقارنة تلقائية بينها وبين مريم لتفوز مريم بكل شيء ، ولكنها تعطيه كل اهتمامها ، وتشعره بانه اهم شيء بحياتها ، الشيء الذي يفتقده بشده مع مريم الان
اقترب منها ليحاوطها بذراعيه وهمس بأسف حقيقي
__ اسف حبيبتي ، اعذريني ، لا تغضبي مني مريم انا اسف بحق ، اطلبي أي شيء ، وانا سأنفذه فورا
ابتسمت وهي تجاهد ان لا تنهمر دمعاتها : لا ياسر ، انا لا اريد شيء ، ثم انك متعب وسأتركك لتنال قسطا من الراحة
ازاحت ذراعيه عن جسدها ليشدها اليه مرة اخرى
__ هل اشتكيت لك ، اجلسي انا اريد ان اتكلم معك قليلا
صدح بكاء عبد الرحمن لينقلب وجهه
تركته لتذهب الي سرير طفلها ، حملته وهدهدته ليتوقف عن البكاء ليقول ياسر بغضب : اعطيه للمربية فهو يحتاج ان يرضع
نظرت له بتعجب : حسنا سأحضر له الحليب ، واعطيه له
صاح بغضب فعلي : اعطيه للمربية وتعالي انا اريدك
ام انا لا اهميه لي
تعجبت من انفعاله لتذهب وتنادي على المربية لتعطيها الولد وتوصيها به
عادت اليه لتقول بغضب : ما بك ياسر؟
قال بانفعال وهو يصيح : ما بي انت دائمة الانشغال عني ، اما بمرضاك او عملك او ابنائك وانا لا اهمية لما اريده منك
ارتبكت من انفعاله الزائد لتكتم ارتباكها وتصرخ هي الاخرى : اهتمامي بأبنائي خطا الان ياسر ، تريدني ان افعل مثلك واترك اولادي ولا اراهم
صاح من بين اسنانه : اخفضي صوتك ، ثم لا اريدك ان تفعلي شيء من اجلي مريم ، اتجه الي دولاب الملابس ليرتدي ملابسه
سالت بتعجب وغضب مكتوم : اين ستذهب ؟
رد وهو لا ينظر اليها : الي أي مكان ، الا هنا فانا لا اطيق البيت الان
انصرف من امامها لتهوى جالسة على الفراش وعيناها متسعتين من الصدمة

**************************

عاد الي البيت وهو مصدوم بشدة فالطبيبة اكدت له ان اية حامل بشهرها الثاني ومنها لا يستطيع اتخاذ أي قرار
كان ينوي ردها ويبقى بعيدا عنها ،ولكن خبر حملها هذا شتت ذهنه وتفكيره تركها وذهب دون ان ينطق اوصلها الي المنزل ليذهب بسرعة
فهو يشعر بان كل الاشياء حوله مبعثرة ، لا يستطيع مسامحتها على ما فعلته ولن يستطيع ان يتركها وهي حامل بطفله ، هل هذه علامة من الله ان لا يتركها ام امتحان صعب
على نفسه وقلبه ، لا ينكر خفقات قلبه الصارخة عندما راها ولكن تلاشى تأثيرها وتراجع امام صرخات الغضب التي صرخ بها عقله وصوت كرامته التي يشعر بانها انتهاكاتها بفعلتها الحمقاء
ارتمى على فراشه بتعب فهو يشعر بتعبه يزيد، جسده منهك وروحة ازدادت سقما وعلة
تنفس بعمق وردد: ربي أعني على ما بلاني

***********************

وصلا الي شرم الشيخ ليبتسم لها
__ ان شاء الله ستكون اسعد ايام حياتنا
ابتسمت بتوتر : ان شاء الله
__ هيا سنضع الحقائب ونخرج على الفور ، لا اريد ان يذهب الوقت منا في لا شيء
__ اين سنذهب ؟
__ نذهب الي خليج نعمة نسير قليلا ونتناول طعام الغداء
هل تريدين الذهاب الي البحر الان ؟
__ لا ، انت تعلم اني لا افضل السباحة كثيرا
احتضنها بين ذراعيه : اعلم حبيبتي ، هيا

**********************
واقفة على سياج اليخت وتنظر الي البحر وهي تشعر بحاله شديدة من الحبور والسعادة ليأتي ويقف خلفها ويحيطها بذراعيه : سعيدة ؟
__ بل بقمة سعادتي
__ نحن الان بعرض البحر وانا اوقفت اليخت ، تستطيعي ان تسبحي كما تريدين
لفها اليه وقال بهدوء وعيناه تدوران على وجهها : ارتدي المايوه وتعالي لنسبح سويا
تعجبت : ستتركني اسبح بالمايوه ياسين
__ نعم ، لا احد حولنا ولن يستطيع احد غيري رؤيتك
هيا ، اريد ان اراك مرة اخرى وانت ترتدينه
احمر وجهها بشده من جراء تذكرها لما حدث المرة الماضية
ليبتسم من حيائها رفع ذقنها بيده لينحني براسه مقتربا منها
ظنت انه سيقبلها لتجده يقبل ذقنها برقة شديدة جعلتها تنتفض بحب له شعرت بالسخونة تجري بأطرافها لفت ذراعيها حول عنقه واسندت راسها على صدره ،ضمها اليه اكثر ليخرج الهواء من صدره بهدوء و يبعد نفسه عنها مرغما فهو يريدها ان تسبح كما تحب قال بصوت اجش : هيا نور ، حتى لا ارجع بكلامي
ابتسمت لتنصرف من امامه
بعد وقت قليل وجدها امامه مرتديه فستان قطني واسع بشرائط من الكتفين مزموم بحزام من عند الخصر ابيض اللون
تعجب منها : الن تسبحي ؟
ابتسمت بارتباك : لا سأسبح
لم تستطع اخباره انها لن تنزل الي البحر بالمايوه فقط فهي لم تعتد على ذلك ابدا
اقترب منها : لماذا لم تستعدي ؟
__ سأسبح هكذا
نظر لها : لماذا ، الا زلت تخجلين مني نور ؟ ام لا تريدين ان اراك به مرة اخرى
__ لا ياسين ، بل انا لم اعتد على السباحة بالمايوه
__ نعم ، لا افهمك
جلست على احدي الارائك المنتشرة على سطح اليخت
__ جدي رحمة الله كان يمنعني من النزول الي البحر بالمايوه فقط ، حتى وانا صغيرة
جلس بجوارها واحاطها بذراعه لتكمل : كنت اتعجب من قسوته الدائمة وصرامته معي ، ولكن كان عمر يخفف عني بحنانه الذي يغدقه علي
ابتسمت لتنظر اليه : اتعلم ياسين اني عندما دخلت الجامعة وشاهدت صور والدتي تعجبت منه بشدة ، وجدت صور لأمي وهي ترتدي المايوه والعجيب انه كان في معظم الاوقات قطعتين
انفجرت ضاحكة ليشعر هو بتعجب فعلي من جدها وافعاله معها ليقول بهدوء : من المؤكد انه كان يخاف عليك نور
الا تعلمي ان الاباء يحبون ويخافون على احفادهم اكثر من ابنائهم
هزت راسها وابتسمت ليكمل : الان انا اريد ان اراكي كما اريد ، ولا تجعليني اطلب ما اريده اكثر من مرة
احمر وجهها بشده ليفك هو شرائط الفستان المربوطة عند الكتفين والحزام المربوط بظهر الفستان اوقفها ليسقط الفستان
ابتعدت عنه بتلقائية وهي تخفض راسها
أبتسم وخلع قميصه : هيا ، انا ايضا اريد ان اسبح قليلا
قفز الى الماء ليشير اليها ابتسمت لتقفز بمهارة ليقول بتعجب
__ انت تقفزين جيدا
ردت بغرور : نعم انا سباحة ماهرة
ضحك : اذن نتسابق ايتها السابحة الماهرة
ابتسمت لتسبح بسرعة ليصيح : هذا ليس سباق انت تهربين مني
توقفت عن السابحة لتنظر اليه : لك ما تريد اذا استطعت الامساك بي
سبحت سريعا مرة اخرى ليبتسم بخبث اذا كنت سباحة ماهرة فانا بطل بالسباحة ولكن لنمرح قليلا

************************

وقف ينظر لها وهي تعيد ترتيب الملابس بالدواليب
ليبتسم : انت مريضة بالترتيب اليس كذلك ؟
شهقت فزعا : اخبرتك من قبل ان تنبهني بوجودك عمر
اقترب منها ليقبل وجنتيها : حمدا لله على سلامتك
__ الله يسلمك حبيبتي
__ تأخرت اليوم ، فقلت اشغل نفسي وعقلي بعيدا عن الافكار السوداء
__ اسف حبيبتي ، ولكن العمل كان على اشده اليوم فبعد انهيار البناية بدانا نبنيها من جديد حتى لا نتأخر عن موعد التسليم
ابتسمت بتفاؤل : الله معك حبيبي
__ انا جائع جدا
__ بدل ملابسك وانزل ستجد الطعام على المائدة
نزل بعد قليل ليجد الطعام مرتب هتف : الله رائحته شهية جميلة
ابتسمت باتساع : تفضل حبيبي
جلست معه ليقول بعد قليل : لماذا لا تؤكلي؟ انا لاحظت هذه الايام انك لا تتناولين الطعام جيدا
__لا اعلم عمر ولكن معدتي تؤلمني عندما اتناول الطعام كثيرا ، فقللت كمية الطعام التي اتناولها
__ لماذا لم تخبريني ، لنذهب الي الطبيب
__ لا يوجد داع اعتقد انه برد بسيط ، وسيزول ان شاء الله
نظر لها بعتب لترجوه : عمر اذا شعرت بان التعب يزيد سأخبرك ونذهب الي الطبيب
__ نور تسلم عليك ، كلمتني اليوم وياسين دعانا لقضاء يومين معهما ، وايضا لأباشر مشروع الشاليهات
ولكن لن استطيع التغيب ليومين فسنذهب غدا ونعود بنفس اليوم
ابتسمت : حاضر سأجهز الحقائب
__ سنغادر مبكرا علياء ، لا تتأخري ارجوك
__ لا تقلق

********************************
دخل الي المنزل المقام بمزرعته ليتنفس بضيق
لم يكن يريد ان يعلن عن غضبه منها علنيا ولكنه لا يستطيع ان يكتم بداخله اكثر من ذلك ، يعلم ان مسئولياتها كثيرة

يتبع ,,,,

👇👇👇
تعليقات